السيناوية يقاطعون القضاء "المدنى والعرفى".. والشيخ البيك: الحكم بشرع الله قضية إيمان وكفر
يرفضون اللجوء إلى "محاكم الدولة".. مقتنعون أن "الحكم لله"، ومادون قضاء الله "وضعي مردود"، لذلك تجد أهالي سيناء يتجمعون بكثافة عند مقر "القضاء الشرعى فرع العريش"، وتسجل سكرتارية القاضي ومساعدوه أسماءهم.
"القضاء الشرعي في سيناء".. أسسه الشيخ أسعد البيك، مؤسس جماعة "أهل السنة والجماعة"، في منتصف ثمانينات القرن الماضى؛ وكان قد بدأ ممارسة القضاء بعد تخصيص مجلس له في منزله، ثم أنشأ فرعا في مدينة الشيخ زويد، وآخر في مدينة رمانة، وجنوب سيناء.
"الوطن" التقت الشيخ أسعد، في مقر القضاء الشرعي بالشيخ زويد، وسألته عن أصل القضاء الشرعي، فأجاب "أصله وتوصيفه هو قضية الحكم بما أنزل الله، وهى مرتبطة بقضية التوحيد؛ فالمسلم لكي يكون توحيده كاملا لله يجب أن يلجأ في قضايا الشرع لله عز وجل"، مضيفا أنها "مكملة لإخلاص العبودية، لأنه في آيات كثيرة وردت لتؤكد على أن هذه القضية مسألة إيمان وكفر، وليست مسألة معصية أو طاعة".
وعن فكرة قبول الدولة المصرية لوجود هيئة للقضاء الشرعي تخرج عن نطاق سلطتها، قال البيك "أسسته وأمن الدولة في قوتها، وبدأت به داخل بيتي، وحين كان الأمن يسأل: ماذا تفعل؟ أجاوب: أمارس القضاء الشرعي مثلما يمارس غيرى القضاء العرفي".
وأضاف "إن أمن أمن الدولة مارست ضغوطا كبيرة، حتى أنها أغلقت المقر في سيناء، ووضعوا بعض العساكر أمام بيتي حتى يمنعوا الناس من المجيء"، مشيرا إلى أنه جرى اعتقاله كثيرا بسبب هذا الأمر.
وعن مستقبل القضاء الشرعي في مصر وموقف الدولة منه، وهل يمكن أن يكون مقدمة لصدام معها؛ أجاب "كل من رأى وسمع عن القضاء الشرعي، تمنى أن يكرر هذا النموذج".
وأوضح البيك، كيفية التنفيذ في القضاء الشرعي، دون سلطة تشرف عليها، قائلا "التنفيذ يجرى عن طريق الكفيل، يأتى به الطرفان المتنازعان، ويشترط فيه أن يكون رجلا ظاهرا في المجتمع له مقدرة مالية ومعنوية، ليكون هو المنفذ للأحكام إن رفضها المتقاضيان، فضلا عن أن الكفيل له أصل في الشرع".
وعن الفرق بين القضاء العرفي والشرعي، قال الشيخ البيك، "إن القضاء العرفي منشأه ليس شرع الله، ولكن أعراف البلاد وما وضعه أصحاب الجاهلية منذ آلاف السنين، أى أنه من إنشاء البشر الذين يسنون القوانين، أما الشرع فمنشأه الكتاب والسنة".
وأضاف إن القوانين التي نسير عليها "ليست من عند الله، ولكنها من عند الإنجليز والفرنسيين"، مشددا على أن القضاء الشرعي "قانوني لأن الدستور المصري ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، والعرف ليس سلطة قضائية، على الرغم من أنه معترف به في القانون، مع إن القضاء الشرعي أعظم منه وأجل".
وفي محاولتنا لأخذ رأي بعض فقهاء قانون الدستوري المصري في مسألة القضاء الشرعي، رفض بعضهم الحديث عن القضية دون أن يطلعوا عليها بأنفسهم، كما قال لنا الدكتور ثروت بدوي، الذي رفض التعليق على القضية، لأنه ليس محيطا بالموضوع، وإنها أول مرة يسمع عنه.
من جهته، قال الدكتور يحيى الجمل، أستاذ القانون الدستوري، لـ"الوطن": "القضاء يجب أن يكون عاماً يشمل كل أركان الدولة، ولكن بعض المناطق النائية أو الحدودية لها ظروف خاصة، تقتضي اللجوء لبعض الأعراف أحيانا، في المسائل التجارية والمدنية للتحكيم؛ لكن في المسائل الجنائية لا يجوز للأطراف أن يرتضوا قضاءً غير قضاء الدولة"، وشدد على "يجب أن يمتد سلطان الدولة لكل ركن من أركانها".