"التربية مع التعليم".. نظام جديد يعيد بناء الشخصية المصرية.. ويخلق طالبا يتعايش مع الآخر ويرفض العنف
مساعٍ حكومية لإنشاء نظام جديد للتعليم
وضع نظام التعليم الجديد، الخاص برياض الأطفال والصفين الأول والثانى الابتدائى، المعروف بـ«0-2»، على رأس أولوياته، تربية التلاميذ وتهذيبهم وتأسيسهم على التواصل المجتمعى والتعامل مع الغير، من خلال مناهج تربوية جديدة، تقوم على المشاركة والحوار المتبادل، بين المعلم والتلميذ، ويكون هذا الأسلوب جزءاً من التقييم، الذى يستمر مع الطالب حتى الصف الرابع الابتدائى.
ويعمل النظام الجديد أيضاً على تقسيم المناهج إلى عدة محاور خاصة بغرس القيم المجتمعية فى نفس الطالب، وتعريفه بتاريخ وطنه ومجتمعه، لربط عملية التعليم بالتربية، التى يعتبرها النظام الجديد، هى الأساس الصحيح للتعليم الجيد.
وقبل تطبيق هذا النظام فعلياً منذ العام الدراسى الماضى 2018 - 2019، عملت وزارة التربية والتعليم على تدريب المعلمين وتأهيلهم حتى يتمكنوا من تدريس المناهج الحديثة.
مدير "تطوير المناهج": نستهدف تشكيل الوعى والشخصية من مرحلة رياض الأطفال
وتقول الدكتورة نوال شلبى، مدير المركز القومى لتطوير المناهج، إن نظام التعليم الجديد يتبنى فلسفة إعادة بناء الشخصية المصرية، من خلال اعتماد دراسة موسعة بالاشتراك مع مركز البحوث التربوية، والاستعانة فى سبيل ذلك بتجارب 12 دولة أثبتت نجاحها فى التعليم، موضحة أن الخطوة الأولى تمثلت فى تحديد مواصفات الشخصية المصرية 2030 بـ«متعلم مفكر مبدع مستمر فى التعليم والتعلم مدرك لقيم ومبادئ ريادة العمال ومؤمن بتراث وطنه محب لقيمه، قادر على المنافسة والتعايش».
وأكدت أن الهدف الدراسى الأول للوزارة، هم طلاب رياض الأطفال، لذا تم اعتماد تدريس لغة عربية وإنجليزية وكتاب الباقة «الرياضيات» وحصة القيم والتربية البدنية، بجانب إضافة المواد المهنية «زراعية وصناعى وتجارى وفندقى واقتصاد منزلى، والفنون» لأول مرة.
خبير تربوى: الدولة تهتم بتربية الطفل وتشكيل وجدانه سلوكياً ورياضياً وإنسانياً بالتزامن مع تنمية مهارات المعلمين
واستطردت أنه: بعد ذلك تم اعتماد 3 مسارات جديدة، هى منظومة مهارات حياتية، ومسار القيم التى تبنى الشخصية المصرية، والقضايا التى ستناقشها المناهج وتحديدها فى باقة واحدة، مشيرة إلى أنه فى سبيل ذلك تم تحديد خمسة مجالات لوضع المناهج وهى «العولمة، المواطنة، الصحة والسكان، عدم التمييز، البيئة»، على أن يتم إدراج جميع المناهج الفرعية فيها، وبالفعل تم اعتبار تلك المناهج دستوراً لبناء التعليم المصرى، حتى 2030، وبناء عليه تم وضع أطر الصفوف الأولى.
وأشارت إلى أنه للمرة الأولى يختار مركز تطوير المناهج دار نشر لتأليف الكتاب، وتم تحديد عينة لمناقشتها داخل مركز تطوير المناهج، موضحة أنه لا يتم منح الموافقة على الطباعة النهائية إلا بعد مراجعات كثيرة جداً لضمان جودتها، ومن ثم طباعة الكتب أصبحت بالشراكة بين الوزارة متمثلة فى مركز تطوير المناهج، ودور النشر المختلفة.
"نائب الوزير": المعلم حجر أساس المنظومة الجديدة
من جانبه، قال الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين، إن المعلم هو حجر الأساس فى المنظومة التعليمية الجديدة، وإن الوزارة تبذل أقصى ما فى وسعها من أجل تحقيق سبل الراحة والأمان الوظيفى والمادى له، خاصة فى ظل الإرث العقيم، الذى ورثناه من مشاكل عديدة متعلقة بطبيعة عمل المعلم ووضعه المعيشى، لذا عملت الوزارة على عدة ملفات خاصة بتعديلات المسمى الوظيفى والأجور والندب وجداول الحصص، بجانب فتح ملف التدريب للمعلمين على نظام التعليم الجديد، حتى يكون المعلم قادراً على توصيل المعلومة بكفاءة.
وأضاف أن تدريب المعلمين مستمر طوال العام وليس له وقت محدد، وحتى الآن وصل عدد المعلمين الذين حصلوا على دورات تدريبية لما يقرب من 530 ألف معلم فى جميع أنحاء الجمهورية، مشيراً إلى أن الوزارة مستمرة فى عملية التدريب دون انقطاع.
الأزهر: نشكل وعى الطالب على نبذ التطرف والاهتمام بالمواطنة والانتماء
وفى السياق ذاته عمل الأزهر الشريف على تطوير وتجديد فى الوعى التعليم لطلابه من خلال تطوير مناهج الدراسة فى مختلف المراحل الدراسية بالمعاهد الأزهرية، والتعليم الجامعى، خاصة فى المواد الشرعية والعربية والثقافية، والتى تم تطوير شكلها ومضمونها بالكامل، وأصبحت أكثر ارتباطاً بالواقع المعاصر.
كما شهدت المناهج تعديلاً فى المقررات العلمية لتتناسب مع العصر الحاضر، حيث تم التوسع فى كتاب الثقافة الإسلامية لكل السنوات، ليدرس الطالب قضايا «التطرف والإرهاب» بشكل شامل وواسع، فبحسب تقرير مطول له عن التعليم داخل المشيخة، تناقش كتب الثقافة الإسلامية قضية «الجماعات الإرهابية» وموقف الإسلام منها، وكيف أنها شوهت صورة الإسلام.
وأكد الأزهر فى تقريره أنه يجرى تشكيل وعى للطالب ينبذ الأفكار المتطرفة ويهتم بالمواطنة ويُعلى من روح الانتماء للوطن ويحترم دور المرأة، وأنه جرى تطوير المقررات الدراسية فى المرحلة التعليمة المختلفة لتتناسب مع مستجدات الحياة، خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الوطنية وقضايا الوطن.
وحرص الأزهر على تعليم النشء والطلاب بالمعاهد الأزهرية بالابتدائية أن المواطنين فى الدولة الواحدة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وأن بيوت العبادة لها حرمتها ومكانتها، ولا يجب مساسها بسوء، فهى مصونة ومحمية، واهتمام بفقه قبول الآخر، وإفشاء السلام، والحوار والتعارف وتقبل الآخر وترسيخ مبدأ المواطنة.
وركزت مقررات المرحلة الإعدادية بعد التطوير على العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وإظهار سماحة الإسلام، وأقر الأزهر فى الثانوية مادة دراسية متكاملة عن المواطنة وحقوق الإنسان، بهدف إرساء دعائم المواطنة، وغرس القيم الدينية التى تحض على التعايش السلمى المشترك، وقبول الآخر، وبناء حوار القائم على الاتفاق، وإقرار حقوق الإنسان، وأهمية العمل التطوعى من أجل الوطن، وضرورة المشاركة الإيجابية للمواطنين، وإبراز الهوية المصرية الوطنية وتعزيز روح الانتماء للوطن.
وشملت مناهج الأزهر أيضاً تأكيداً على دور المرأة فى المجتمع، ونماذج لكفاح المرأة المصرية، مبرزاً مكانة المرأة التى تشكلت عبر التاريخ المصرى، ودورها فى تنمية المجتمعات المصرية، وإبراز الدور الهام للمرأة فى الاتفاقيات والمواثيق الدولية، منوهاً بعدة نماذج نسائية ساهمت فى نهضة مصر عبر التاريخ.