تجار الأنفاق والمهربون: نعيش على «تحويشة العمر»
اضطر معظم أصحاب الأنفاق فى رفح والمهربون إلى الهروب من المدينة والتوقف عن ممارسة التهريب، بعد التشديدات الأمنية واستمرار قوات الجيش فى هدم الأنفاق بصورة شبه يومية مع تواصل العمليات العسكرية فى القرى التابعة لرفح والشيخ زويد.
ويقول «محمد ع»، 40 سنة، أحد مهربى الأنفاق برفح: «بعد سقوط محمد مرسى قام الجيش بزيادة عدد قواته فى المنطقة ليستطيع السيطرة على الأنفاق، وبالفعل هدم أكثر من 80% من أنفاق رفح. كل اللى معاه فلوس من التجارة بياكل منها ونايم مفيش دخل جديد، الحال واقف منذ سقوط مرسى. سيناء ليس بها مصانع أو مشاريع تنمية حقيقية وتعتمد فى تجارتها على توريدها من القاهرة. منظومة تجارة الأنفاق والتهريب شبكة متكاملة، تبدأ من القاهرة وتمتد حتى الشيال مروراً بالسائقين وتجار التجزئة».[FirstQuote]
عن بداية حفر الأنفاق يقول «محمد»: «بدأت عام 1997 من الجانب الفلسطينى رغم تشديدات الحكومة واعتقال المخالفين، ومع بداية الألفية الجديدة زادت الأنفاق بصورة مطردة، وكانت قاصرة على دخول البضائع والمواد الغذائية والأدوية، لكن بعد عام 2008 حدثت طفرة كبيرة وغير مسبوقة فى انتشار الأنفاق وزيادة عددها فى مدينة رفح بطول 13 كيلومتراً، وكانت الحكومة على علم بذلك لأنها كانت تعلم أن غزة محاصرة وكانت تسمح بدخول المؤن لهم عن طريق الأنفاق بغض الطرف عنها تارة أو بالنفى تارة أخرى. وأمام تساهل الحكومة المصرية مع الأنفاق والقائمين عليها حاول الفلسطينيون دخول رفح المصرية عن طريق الأنفاق، وهو ما رفضته قوات الأمن بشدة وعملت على منعه لاحقاً. وبعد ثورة يناير فى عام 2011 فتحت الأنفاق على مصراعيها مع عدم وجود قوات للشرطة، وكانت البضائع تخزن على مرأى ومسمع من الجميع وكانت تجارة رابحة لجأ إليها 90% من سكان المنطقة، وهجر عمال المزارع والموالح الزراعة للعمل فى تجارة الأنفاق، من كان يحصل على 20 جنيهاً فى اليوم أصبح الآن يحصل على 100 جنيه فى عمله بإدخال البضائع إلى الأنفاق، وامتهن الآلاف تلك التجارة بما فيهم السيدات، ومن لم يكن له عمل كان يتابع الطريق وتحركات الأمن لإتمام عملية التهريب».
ويقول أحد المهربين، رافضاً ذكر اسمه خوفاً من الملاحقة الأمنية: «تاجر الأنفاق لا يفرق معه نوعية الشىء المهرب ولا يراعى إلا المال فقط، أهم شىء عنده الفلوس، وبالتالى تحولت القصة من تهريب المواد الغذائية إلى تهريب بعض قطع السلاح والمسلحين، فى هذه الحالة لا تهم القيم والأخلاق، عدد قليل من التجار هو من يتحلى بالأخلاق ويرفض تهريب السلاح إلى الداخل، يجب عدم التعميم لأن عدد هؤلاء لا يزيد على 150 شخصاً. أما من يعملون فى تهريب الأفارقة إلى إسرائيل فهم معدودون على الأصابع. بعد الثورة كان يتم تهريب سيارات مسروقة من القاهرة إلى هنا لبيعها فى قطاع غزة تحت زعم أنها ساقطة فى الجمارك ومدينة بآلاف الجنيهات وكان ثمنها الأصلى 200 ألف جنيه تُباع هنا بـ50 ألف جنيه فقط، أصحاب أنفاق السيارات كانوا يحصلون على 7 آلاف دولار على كل سيارة تعبر للجانب الفلسطينى».
ويتابع: «نفق السيارات يتكلف إنشاؤه ملايين الجنيهات ويستغرق بناؤه نحو 6 أشهر، وحفره يتم بالكامل من الجانب الفلسطينى، وصاحب البيت الذى يوجد به النفق هو فقط مجرد أمين عليه. أما الآن فتمر الأيام علينا ثقيلة جداً بسبب وقف الحال، قاعدين فى البيوت منتظرين الجو يهدا، بيقولك الدنيا هتحلو والجو هيهدا بعد انتخابات الرئاسة».
واعترف أحد أصحاب محطات الوقود «أ. م»، بمدينة العريش بقيامه بتهريب الوقود إلى قطاع غزة قبل 30 يونيو، وقال: «كنت أبيع لتر السولار بـ175 قرشاً فقط، وكان الوسيط يبيعه إلى الفلسطينيين بجنيهين ونصف، الفارق ليس كبيراً لكن مع الكميات الكبيرة يتحقق المكسب، وكنت أحصل على الحصة المقررة نحو 20 ألف لتر صباحاً وأرفعها ليلاً إلى سيارات نصف نقل بموتور، وكان الجميع بيُرزق صاحب المحطة وصاحب السيارة وكل واحد كان له هامش ربح معين، لو كان الفرق نص جنيه كان برضو الناس هتكسب، ووقت حكم مرسى كان يلجأ بعض الأهالى بل والسيدات إلى محطات الوقود لملء جراكن البنزين والسولار وبيعها فى السوق السوداء، لكن الآن المحطة مليانة جاز ومفيش عربيات بتيجى تفول من هنا، لأن الحال واقف ومفيش حركة بيع أو شراء أو تجارة، وعربيات الشيخ زويد مش عارفة تيجى هنا بسبب الكماين».
ويقول أحد سكان رفح، محمد حسين: «قبل قيام الجيش بهدم الأنفاق حذر 3 مرات القائمين عليها بضرورة غلقها لحماية الأمن القومى وحذر من اعتقال أصحابها وهدم المنازل التى توجد بها الأنفاق، ولم يستوعب الأهالى تلك التحذيرات واستمروا فى عملهم، فقام الجيش بكل قوته بهدم مئات البيوت والأنفاق لاحقاً، واستطاع غلق 80% من تلك الأنفاق، ومع ذلك يوجد عدد محدود جداً منها ما زال يعمل على استحياء، لم يظلم الجيش أصحاب الأنفاق، والمظلومون من الأهالى عددهم قليل جداً، الجيش أنقذ البلد من التدمير بعد عزل مرسى. ونحن مع غلق الأنفاق تماماً مع توفير بديل مناسب مثل فتح المعابر بشكل رسمى (عشان الناس تاكل عيش).
أخبار متعلقة
«الوطن» تخترق مناطق الإرهاب فى سيناء
إذا مشيت فى الشـوارع بعد الرابعة عصراً.. فقد تتعرض لـ«رصاصة قاتلة»
«زويد ورفح».. أهلاً بكم فى مدن «الأشباح»
الطريق إلى العريش.. مأساة الانتظار الطويل أمام «المعدية»
ناشطون سياسيون: الحملات الأمنية «العنيفة» تؤدى لتعاطف الأهالى مع التكفيريين
مسعفون على خط النار.. حصار دائم بين رصاص قوات الأمن والإرهابيين
كمين أمن بالعريش.. حياة «الحذر والترقب» من وراء المدرعات