ظهرت أيام الرئيس أنور السادات اقتراحات من البعض ببيع المومياوات وبعض أحجار الأهرامات أو تأجيرها، وكانت كل تلك الاقتراحات تعرض تحت لافتة براقة هى حل أزماتنا الاقتصادية واحتماء بشعار «اللى يعوزه الوطن يحرم على الفراعنة والآثار»، وهو حل من وجهة نظر الربح والخسارة المادية وبمنطق البنكنوت وتقليب الرزق وسمسرة العمولات حل عبقرى، ولكن من وجهة نظر الوطن والانتماء حل خائن، بل هو حل ينطبق عليه المثل الشهير «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها»، ولا تتاجر بآثارها، ومن تلك الحجج الخادعة التى انطلقت فى الأيام الأخيرة حجة مشاركة ماسبيرو لـ«إم بى سى» عشان نقبض الموظفين والعمال!!، ماسبيرو يعانى أزمة مالية طاحنة ولكنها نتيجة إدارة فاشلة وليست نتيجة أى سبب آخر، وحل تلك الأزمة ليس فى التسول من الـ«إم بى سى»، أو الارتماء فى حضن «شويرى» الذى تحيط بعلاقته مع مصر علامات استفهام كثيرة، ولكن الحل فى إدارة مختلفة بفكر مختلف وروح مختلفة وبشر مختلفين، أجد من بنوا ماسبيرو على أكتافهم بجد وكانوا يصعدون السقالات هم الذين يبكون دماً الآن على صفقات السمسرة فى تراث الوطن وعقله ووجدانه، ماسبيرو ليس مجرد مبنى على النيل ولكنه عقل أمة ووجدان وطن، أرشيفه هو ذاكرة مصر النابضة، مكتبته هى الـ«دى إن إيه» لنواة وجدان بلد نكبته فى ذاكرته المثقوبة كذاكرة الدجاج، حقاً نحن أقدم أمة وأضعف ذاكرة، وبالرغم من ذلك نصر على بيع ذاكرتنا المرئية والمسموعة فى سوق النخاسة الإعلامية!، رئيس الوزراء يقول لا أعلم شيئاً عن تلك الصفقة!، من هم داخل المبنى لا يعرفون ما هى بنود تلك الصفقة!، هل هى صفقة أم صفعة على قفانا؟، فوجئنا ذات ليل بهيم بوزيرة الإعلام تقف خلف الموقعين أدناه وهى تبتسم إلى من يقف إلى جانبها كتفاً بكتف ورأساً برأس وهو الأستاذ محمد عبدالمتعال!، وكأنها معاهدة سايكس بيكو أو بالأصح ماسبيرو بيتباع بيكو!!، لقطة مخجلة بصورة مخزية لاتفاق مهين فى حكومة المفروض أنها حكومة انتقالية وزيرة إعلامها تتصرف للأسف وكأنها وزيرة مئوية قرنية وتوقع على اتفاقيات مصيرية لإعلام هو جزء من الأمن القومى المصرى، ماسبيرو يحتضر واستوديوهاته صارت روبابيكيا وبرامجه صارت خارج التاريخ وماكينات التفكير والإبداع صارت فى متحف التاريخ ولم يعد هناك حل إلا زيطة صانع العاهات فى رواية نجيب محفوظ والذى يصنع العاهة المناسبة للمتسول المناسب، هذا أعمى وذاك أعرج لكى يصلح للشحاذة، هل هذا صار مستقبل ماسبيرو الذى ولد عملاقاً وانتهى قزماً؟!