يزعم فهمى هويدى، فقيه الإرهاب، أن سلطات مطار القاهرة منعته من السفر، فى حين يقول مقربون منه إن ما حدث لم يكن منعاً، بل «رخامة» من أجهزة الأمن فى المطار. وأنا شخصياً كنت أفضّل تركه يغادر البلاد، ثم إصدار قرار بحظر عودته، لينضم إلى زملائه فى الخارج أيمن الظواهرى ومحمود عزت وعبدالرحمن البر وجمعة أمين، وغيرهم، تماماً مثلما فعلت ألمانيا وأوروبا كلها مع أقطاب النازية الذين عاشوا فى المنفى حتى وفاتهم.
ويرى كثير من الصحفيين والإعلاميين فيما حدث مع فهمى فقيه الإرهاب، تعسفاً ليس له ما يبرره، ويستندون إلى أنه «كاتب» ويجب منحه الحرية مهما كانت آراؤه، على الرغم من أن ما يكتبه هويدى لا يمكن وصفه إلا بـ«الغطاء الفكرى للقتل والإرهاب».
لدينا فى مصر منظمة إرهابية تسمى نفسها «الإخوان»، وتتبعها ميليشيات صغيرة مسلحة، نفذت عمليات أسفرت عن نحو 1000 قتيل من أبناء مصر العاملين فى مؤسستى الجيش والشرطة خلال أقل من سنة، وتخريب وتفجير كثير من المرافق ودور العبادة. ويرى فهمى هويدى أن هؤلاء القتلة على صواب، ويصفهم بـ«الشرعيين»، ويدون يومياً فى مقالاته عبارات تصرّح لهم بفعل ما يشاءون، من هو العاقل الذى يسمى المحرض على الإرهاب «كاتباً صحفياً»؟
ولكى أوضح الصورة، يكفى أن أشير إلى الروائى الفرنسى لويس فرديناند سيلين، صاحب رواية «سفر إلى آخر الليل» التى تعد واحدة من أهم كلاسيكيات الأدب العالمى، وعلى الرغم من ذلك يصفه الفرنسيون بـ«الخائن»، بسبب تأييده القوات النازية التى احتلت بلاده أثناء الحرب العالمية الثانية، ولم تفلح السبعون عاماً الماضية فى إقناع الفرنسيين بالعفو عن ابنهم الخائن.
ولا يختلف هويدى عن سيلين إلا فى شىء واحد، فالروائى الفرنسى كان مبدعاً حقيقياً، أما هويدى فهو لم يقدم منذ عقود سوى فكر الإرهاب وفقه تبرير القتل، ولم يروج إلا لثقافة إلقاء الأطفال من فوق السطوح وتقييد الجنود ثم إعدامهم وتفجير المبانى والعربات.
لذلك قبل أن ندافع عن حق فهمى هويدى فى الحرية، علينا أن نحصى عدد القتلى الذين سقطوا برصاص معتنقى أفكار فهمى، وعدد الأطفال اليتامى الذين فقدوا آباءهم برصاص مسلحين قرأوا كلام فهمى واقتنعوا به. وقبل أن ندافع عنه علينا أن ندرك الفارق بين الفكر الذى يجب أن نواجهه بالفكر، والرصاص الذى يجب أن نحمى بلادنا منه. وقبل أن ندافع عنه علينا أن نطلب المغفرة من الله، والعفو من أمهات قتلانا، وعلينا أن نعترف أننا كنا أغبياء ولم نعرف الفارق بين القلم والقنبلة.