بدراجة هوائية على 3 عجلات، وكنبة في الخلف تجلس عليها طفلتين لم يتجاوز عمر أكبرهما 6 أعوام، تتجول في شوارع البيطاش بمحافظة الإسكندرية، تتنقل بين المتاجر وسوق الخضار والأسماك، لشراء طلبات زبائنها، وتوصيلها إليهم منازلهم مقابل مبلغ بسيط، مشهد متكرر تعيشه يوميا "سهى سعيد"، منذ نحو 6 أشهر بعد معاناة في ترددها على أكثر من عمل.
سهى صاحبة الـ40 عاما، عرفت الشقاء منذ أن طلقها زوجها قبل نحو 5 أعوام بسبب "خلفة البنات" بعد إنجابها طفلتين، إذ تنحدر جذوره إلى الصعيد الذي لا يزال بعض أهله يتمسكون بخلفة الذكور، لتعود مرة أخرى إلى محافظتها الإسكندرية، وتبدأ بمفردها مشوار جديد، استأنفت فيه مجددا حياتها العملية التي تخلت عنها سابقا، من أجل التفرغ لتربية بناتها "مريم" 6 أعوام، و"منة الله" 5 أعوام.
"اشتغلت حاجات كتير في مصانع المنطقة الحرة، وفي البوفية، وبياعة خضار، لحد ما فكرت في موضوع العجلة عشان أقدر أتحرك ببناتي"، هكذا بدأت سهى حديثها لـ"الوطن"، موضحة أنها كانت تبحث عن عمل تستطيع من خلاله التحرك بطفلتيها حتى لا تتركهما مع الجيران أو الأقارب، وتستطيع التحكم في المواعيد المناسبة لها: "إحنا ملناش غير بعض، ومبقاش في أمان لحد، ده دلوقتي في أمهات مش أمينة على أولادها، إزاي أسيبهم عند حد".
حصلت "سهى" حاصلة على دبلوم صناعي، على العجلة، بمساعدة إحدى السيدات، وبدأت بعمل دعاية بسيطة لنفسها من خلال وضع لافتة مكتوب عليها لقبها "أم مريم" ورقم هاتفها المحمول، في خلفية الدراجة، ثم كتبت منشورا دعائيا مدعوم بالصور عبر حسابها الشخصي على "فيسبوك".
كتبت السيدة، في المنشور: "أي أم من البيطاش عايزة أي طلبات لبيتها أنا تحت أمرها، لو عايزة خضار وفاكهة وسمك، طلبات السوبر ماركت، أدوات منزلية، خليكي في بيتك وأنا أوصلهالك، ولو أي حد عايز طلبات ومعهوش تمن التوصيل، أنا تحت أمره، يكفيني دعوة حلوة من قلبك".
10 جنيهات فقط، المبلغ الذي تحصل عليه "سهى" من الزبون مقابل شراء طلباتهم وتوصيلها إلى منزلهم، وتوفير الوقت والمجهود عليهم: "بلف مسافات كبيرة، وتعب عشان أجيب من هنا لهنا، ده مصدر الدخل أو الرزق الوحيد اللي لينا، والحمد لله بدأ يبقى ليا اسم وناس كتير شيرت منشوري، بس للأسف كتير بيتصلوا من أماكن بعيدة، والعجلة تقيلة متستحملش، مقدرش أخرج عن البيطاش".
"نفسي يبقى عندي موتوسكيل مش تروسكيل، أعملوا تعديل صغير زي العجلة 3 عجلات وكرسي للبنات"، أمنية سهى الوحيدة، لمساعدتها في التجول بجميع شوارع ومناطق الإسكندرية وتوسيع دائرة الرزق لتعينها على الحياة وقضاء احتياجات ابنتيها اللتان لم تتمكن من إلحاقهما بالمدرسة بسبب الظروف الصعبة، وفيروس كورونا المستجد، خاصة أنها لا تحصل من طليقها الذي يعمل عامل في قهوة، وقررت عدم رفع قضايا تلزمه بالنفقة أوغيره، لتوفير أي أموال لبناتها: "كده كده هو مش معاه فلوس، ده يوم بيشتغل ويوم لأ، مبيحبش الشغل أوي".
تعليقات الفيسبوك