تحليل إجرام أطفال على الأسفلت بـ"المرسيدس والميكروباص": دوّر على البيت
بثينة: التربية السليمة تعتمد على استمرارية توجيه الأطفال
سامية خضر
حادثة جديدة تداولها رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لطفل لا يتخطى عمره الـ15 عاماً، يقود بسرعة جنونية ميكروباص والده الذي يعمل عليه بقرية الجرجاوي بمحافظة سوهاج ما أدى لوفاة طالبة جامعية بعد سحلها لمسافات طويلة، لتتشابه جريمته مع واقعة طفل المعادي المعروف إعلامياً بـ"طفل المرور" الذي حاول دهس أمين شرطة أثناء تأدية عمله بسيارة والده "المرسيدس".
ورغم اختلاف الظروف الحياتية لطفل المعادي المدلل من قبل والديه، وطفل سوهاج الذي حملته أسرته مسؤولية أكبر من سنه، واختلاف مستواهما الاجتماعي والمادي، لكن نهايتهما كانت واحدة، حيث تحولا بين ليلة وضحاها لمجرمين بسبب استهتارهما وفسادهما الأخلاقي الذي دفعهما لارتكاب جرائم في سن صغير.
تربية الأطفال وتقويم سلوكهم لم يكن أمرا سهلا وإنما يحتاج لمجهود ووقت كبير من الأب والأم حتى يتمكنا من تأسيس طفل سوي، وهو ما افتقده طفلا المعادي وسوهاج، بحسب كلام بثينة عبدالرؤوف، خير تربوي، التي أكدت أن الظروف الاجتماعية والمادية التي اختلفت تماماً بينهما ليس لها علاقة بالتربية بدليل وجود أسر بسيطة وأولادها ناجحين في حياتهم الخاصة والعملية، وأسر مستواها المادي عال ولم يتمكن أبنائهم من تحقيق أي نجاح.
وتوضح "بثينة" أن التربية السليمة تعتمد على استمرارية توجيه الأطفال للسلوكيات الصحيحة، والتفرقة لهم ما بين الأمر المقبول والمرفوض، إنما ما حدث في واقعتي طفلي المعادي وسوهاج دل على وجود خلل لدى الأبوين في أساسيات التربية، فطفل المعادي اعتمدت أسرته في تربيته على توفير كافة احتياجاته وتلبية رغباته حتى وإن كانت لا تناسب سنه، كنوع من التدليل، أما طفل سوهاج، دفعه العوز وجهل أسرته لحمل مسئولية أكبر من سنه، فكانت النتيجة واحدة بالنسبة لهما، وهى تربية أطفال منحرفين سلوكياً، على حد قولها.
وتتابع الخبير التربوي: "طفل المعادي رغم غنى أسرته ومستواهم الاجتماعي إلا أنهم ما عندهمش وعي، سابوا ابنهم للمدرسة والنادي وصحابه هما اللي يربوه، وبيعوضوه عن قعدتهم معاه بالفلوس، فطبيعي تكون دي سلوكياته، أما طفل سوهاج، جهل أسرته واحتياجهم للمال أجبروه إنه يخرج للشارع بدري، ماحدش علمه حسن التصرف أو التعامل مع الناس، تصرفاته بقت من دماغه ولأنه غير ناضج بشكل كافٍ، تحول لمجرم".
"ما فعله طفلي المعادي وسوهاج نموذج للانحدار الأخلاقي".. هكذا بدأت "سامية خضر"، أستاذ علم الاجتماع، حديثها، موضحة أنه أمر طبيعي ومتوقع لأطفال انشغلت أسرتهم عن تربيتهم وتركتهم للسوشيال ميديا والأصدقاء غير الأسوياء، إذ لا بد على الأسرة المتابعة اليومية لتصرفات أطفالها وتوجيهم، بجانب استغلال مواهبهم فيما يعود عليهم بالفائدة، وعدم تركهم للشارع ليربيهم.
وتوضح "سامية" أن البيئة المجتمعية المحيطة بطفلي المعادي وسوهاج لها دور في تكوين شخصيتهما، فطفل المعادي يعيش حياة مرهفة يعتمد فيها على سلطة والده الذي انشغل عن تربيته، لفعل جرائمه دون خوف، أما طفل سوهاج قد يكون تعرض لضغط أو عنف من قبل أسرته دفعه للتهور أثناء قيادته لسيارة والده دون أن يبالي بخطورة ما يفعله، وخصوصاً غن أغلب الأسر في الأرياف يجبرون أولادهم على الخروج للعمل في سن مبكر لتوفير أموال يتمكن من خلالها مساعدتهم، أو ربما يكون السبب تعاطيه لمخدرات أفقدته الوعي أثناء القيادة، وفي كلتا الحالتين، لا بد من محاسبة أسرته التي لم تهتم بتربيته.
وتضيف "سامية": "الأطفال بيكون عندهم بوادر لسلوكيات غير سوية، لو الأب والأم ما تبعوش ولادهم من البداية، مش هيقدروا يسيطروا عليهم فيما بعد، والدليل على ذلك إن بعد الإفراج على الطفل خرج بفيديو جديد، فالأطفال اتحولوا لمجرمين بسبب إهمال أسرهم ليهم".