انتشرت فى كل أنحاء المحروسة ملصقات «هل صليت على النبى محمد اليوم؟»، وانشغل الجميع بتفسير الظاهرة التى يرى البعض أنها حملة عفوية، ويرى كثيرون أنها محاولة لجس نبض تدين المصريين من قِبَل أجهزة مخابرات أجنبية، بينما رأت الأغلبية أنها من ألاعيب جماعة الإخوان، حتى ظهرت مسيرة منظمة لشباب الجماعة بـ«أبورواش»، يرفعون الملصقات نفسها وهم يرتدون «تيشيرتات» تحمل صورة رئيسهم المخفى «مرسى»، ليؤكدوا بذلك تكهن الأغلبية. ويذكرنى الموقف بأحد فصول القصة التاريخية الشهيرة والشيقة بين «الشيعة» و«المأمون» ، فقد بادر المأمون بمد يد الصلح للإمام «على ابن موسى الرضا» إمام الشيعة الاثنى عشرية وقتذاك، بعد سنوات طوال من اضطهادهم، قُتل خلالها معظم أئمة الطالبيين خوفاً من مطالبتهم بالحكم، وكان آخرهم الإمام «موسى الكاظم» الذى قتله «هارون الرشيد» بعد سنوات من سجنه فى طامورة -والطامورة هى زنزانة أفقية تحت سطح الأرض على شكل أنبوبة كالقبر لا يعرف فيها الليل من النهار- ثم جاء «المأمون» ليمحو بدهائه الشديد والرائع فى آن كل خطايا والده وأجداده، فيزوج ابنته للإمام «على ابن موسى الرضا» ويعطيه لقب «الرضا - من آل محمد»، ويجعله ولياً للعهد رغم أنه يكبره سناً. ودخل الإمام «الرضا» المدينة المنورة بعد إعلان الصلح، فأعلن شيعتها عن هويتهم بعد طول استتار، عن طريق رفع الرايات الخضراء وارتداء الأخضر الذى كان شعاراً للشيعة وقتها، بينما كان الأسود شعار الدولة العباسية، وتتحول المدينة المنورة خلال أيام إلى اللون الأخضر، فتظهر بذلك الشعبية الكاسحة للإمام الشيعى!
هل تعرفون ماذا فعل «المأمون» تداركاً للموقف؟
لم يأمر بحظر اللون الأخضر كما أمرت الداخلية بإزالة ملصقات «الصلاة على النبى» بدعوى الحفاظ على قواعد المرور، ولكنه أمر بتحويل شعار الدولة العباسية من الأسود إلى الأخضر، ليتوه بذلك الصالح فى الطالح، ولو أن مسئولاً فى الداخلية امتلك بعضاً من سعة الأفق لأمر بإغراق المحروسة بنفس الملصقات.. إذا كانوا يريدوننا أن نصلى على النبى.. فلنُزِد النبى صلاة.