عقدت مؤسسة «عالم واحد» التى يديرها الأستاذ «ماجد سرور» ورشة عمل هامة فى مقرها موضوعها (مؤسسة الرئاسة والفريق الرئاسى «الدور والمهام») وذلك يوم الثلاثاء 18 سبتمبر الجارى. وقد أدار الندوة الأستاذ «عصام شيحة» وشارك فيها بالإضافة إلى كاتب هذه السطور الدكتور «مصطفى الفقى»، ومن الفريق الرئاسى الدكتور «عماد الدين عبدالغفور» مساعد رئيس الجمهورية لشئون التواصل الاجتماعى، والأستاذ «أيمن الصياد» عضو هيئة المستشارين.
وأعدت المؤسسة ورقة طرحت فيها عدداً من الأسئلة الهامة حول مؤسسة الرئاسة والفريق الرئاسى، وحين دُعيت للحديث أردت فى البداية أن أشير إلى جذور موضوع الفريق الرئاسى، الذى يتعلق باجتماع «فيرمونت» الشهير.
فى هذا الاجتماع الذى عُقد فى فندق «فيرمونت»، اجتمع الدكتور «محمد مرسى» وكان وقتها مجرد مرشح حزب الحرية والعدالة لمنصب رئيس الجمهورية بعدد من الرموز الليبرالية واليسارية والثورية الذين سعوا إليه لتأييده فى الانتخابات هروباً من جحيم «أحمد شفيق»! وبالرغم من أن غالبية هذه الشخصيات كانت لها مواقف نقدية معلنة من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها سواء من ناحية توجهها الفكرى أو سلوكها العملى إلا أنها ارتأت تأييدها لمرسى على أساس ستة شروط عليه أن يقبلها وينفذها.
وأهم هذه الشروط أن يعين -بعد أن يصبح رئيساً للجمهورية- ثلاثة نواب للرئيس أحدهم شاب والثانى قبطى والثالث امرأة.
وقد اندهشتُ اندهاشاً بالغاً حين قرأت هذا الخبر فى الصحف، لأن هؤلاء الليبراليين يُعدون قد اعتدوا اعتداء صارخاً على مبدأ «المواطنة» المستقر فى بلادنا منذ دستور عام 1923، والذى نصّ على أن المصريين متساوون أمام القانون. ومن هنا لا مجال فى تولية المناصب العامة للتمييز بين المصريين على أساس السن أو الديانة أو الجنس. وأخطر من ذلك أن النص على تعيين نائب رئيس قبطى فيه زرع للفتنة، لأنه يمكن أن يرسخ مبدأ «المحاصصة» فى تولى الوظائف بين المسلمين والأقباط، وهو مبدأ طائفى بغيض وغير مقبول.
أما الشرط الثانى الذى أرادته المجموعة المهاجرة من جحيم «أحمد شفيق» إلى جنة الدكتور «محمد مرسى» فهو ضرورة أن يشكل فريقاً رئاسياً من المستشارين يمثلون كافة الأطياف السياسية!
والواقع أن هذا الاقتراح الهزلى مضاد تماماً لكل التقاليد الديمقراطية! فالأصل أن الرئيس الأمريكى المنتخب -على سبيل المثال- وليكن هنا «أوباما» من حقه أن يشكل فريقاً من معاونيه ممن ينتمون إلى الحزب الديمقراطى، بعد أن يرحل فريق الرئيس السابق.
وكذلك الحال بالنسبة للرئيس المنتخب الفرنسى «أولاند» من حقه أن يأتى بفريقه من الحزب الاشتراكى الذى رشحه للمنصب وفاز على أساس مبادئه. أما البدعة المصرية بتشكيل فرق رئاسى يمثل كافة الأطياف السياسية فهى بدعة غير مسبوقة بل إنها أشبه ما تكون بنكته سياسية! وبعد أن فاز الرئيس «مرسى» ووفاء بعهوده، قام بتعيين نائب للرئيس لم تحدد صلاحياته بعد، ثم عين أربعة مساعدين للرئيس فيهم قبطى وسيدة، ولكل منهم ملفات محددة ثم هيئة مستشارين مكونة من سبعة عشر عضواً، لا يعرف الرأى العام منهم سوى ثلاثة أو أربعة من الإعلاميين، أما الباقون فهم نكرات سياسية للأسف الشديد، مع أنهم قد يكونون خبراء مرموقين فى تخصصاتهم. حتى الآن ليست هناك اختصاصات واضحة لهم، كما أن طريقة اختيارهم ظلت مجهولة حتى الآن.
طريقة تشكيل الفريق الرئاسى مجرد نموذج للارتباك السياسى السائد فى البلاد، والذى تساهم فى إحداثه النخب السياسية الليبرالية وحزب الحرية والعدالة سواء بسواء!