فى بعض الأحايين، يحاصرك ذلك السؤال: «لماذا خلق الله الوحوش والثعابين والعقارب؟»، ولأنك تؤمن بقضاء الله وحكمته فى تحقيق التوازن الطبيعى للمخلوقات، لا تلبث أن تنصرف عن البحث والتفكير، تاركاً الخلق للخالق، وينطبق هذا على الأسئلة المماثلة من نوعية «لماذا خلق الله الإخوان وداعش والقتلة والإرهابيين وفهمى هويدى؟»، لكنك لا تستطيع أن تترك الأمر لله سبحانه وتعالى، لأنك تؤمن أن الله خالق الجمال والحق والخير والحب، كما تؤمن أن الشر اختيار وليس فرضاً.
يعد فهمى هويدى، أحد فقهاء القتل المستترين، فهو إخوانى وإن لم يعلن ذلك، ومذهبه ليس القتل بالسكين أو الرصاص أو العبوات الناسفة، بل القتل بالحبر المسموم الذى يغمس فيه قلمه قبل أن يكتب، غير أن احترافه القتل بالسم لا يمنعه من الإشادة بمن يقتل بالسكين. ويقوم منهجه بالأساس على كراهية مصر ومحبة الإخوان، ويدارى ذلك وراء مجموعة من الحيل الكتابية والفكرية العبيطة التى تكشف من عوراته أكثر مما تخفى.
فى مقال له بصحيفة «الشروق» التى لا يعلم أحد لأى وطن تصدر، يتحدث «هويدى» عن أن مواجهة «داعش» يجب أن تكون بالديمقراطية لا بالسلاح، ويؤكد أن التحضيرات الجارية للحرب على «التنظيم» تشبه ما جرى من تحضيرات للحرب على «القاعدة»، ويتنبّأ بفشل الحرب الجديدة مثلما فشلت الحرب القديمة عام 2001. إذن يريد «فهمى» الديمقراطية مع «داعش»، مثلما كان يطالب بالحوار مع «الإخوان»، يريد ديمقراطية لمجانين الذبح والتفجير، هل أسمع الآن «شكرة إسكندرانى» للكاتب القاتل.
يتحدث الرجل المفضوح عن أوجه الشبه بين الحرب على «القاعدة وداعش»، ويتجاهل حقيقة أن الحرب الأولى جاءت بعد «لعبة 11 سبتمبر» بقيادة أمريكا ضد حليفها السابق أسامة بن لادن، بينما تأتى الحرب الجديدة ضد تنظيم لا يذبح إلا العرب، سيوفهم على رقاب الأبرياء فى العراق وسوريا، وسيوف أشباههم على رقاب الأبرياء فى سيناء وليبيا، ووجه الشبه الوحيد هو أن صانع التنظيمين الأمريكى هو نفسه الذى يلعب لعبة الحرب ضدهما، وهو ما فطنت إليه مصر ورفضت الانخراط فيه «ومن حضّر العفريت عليه أن يصرفه».
الأدهى من ذلك، أن فقيه القتل بالسم، لم يصف «داعش» بكلمة «التنظيم الإرهابى» أبداً بل يسميها «حركة»، ويقول نصاً «الأهم من ذلك أنها ليست كلها سلبية، لأنها لا تخلو من إيجابية، ويظل التحدى الاجتماعى والسياسى هو كيف يمكن إنضاج ما هو إيجابى وتطويق ما هو سلبى. وذلك لا يتم إلا من خلال عمل سياسى وثقافى ولا يُجدى فيه العمل العسكرى، الذى يمكن أن يثمر نتيجة عكسية، بحيث يعزز مكانه ما هو سلبى ويحاصر ويقطع الطريق على ما هو إيجابى».
كيف يمكن أن نرد على هذه البلاهة وهذا الجنون؟ لا رد، فالعقل للعاقلين وحدهم، و«اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه»، نعم اللهم نسألك اللطف فيما ابتليتنا من دواعش وإخوان وفهمى هويدى.