جهد كبير تبذله «إيمان» في العقد السادس من عمرها، وهي تقف على جانب أحد الشوارع بحي الدقي، تُنظم إصطفاف السيارات والتي رُبما تقودها بناتٌ أقل من عمر أبنائها، لكنها تتقبل ذلك بنفس راضية وقلب صابر، وتنتظر في النهاية لتحصل على بعض الجنيهات تعول بها أسرتها المكونة من 6 أفراد.
مشاق ثقيلة تتكبدها إيمان رمضان، 52 سنة، في مهنة الـ«سايس»، وهي تتنقل بين السيارات بخطواتها الثقيلة، ولذلك حاولت أن تلتقط أنفاسها ثم بدأت تروي في حديثها لـ«الوطن»، أنها انفصلت عن زوجها منذ نحو 9 سنوات، ولجأت للعيش رفقة بناتها في غرفة متواضعة بشارع دايرة الناحية بحي الدقي محافظة الجيزة، مُضيفة أن لديها 5 بنات: «معايا خلود 28 سنة متزوجة، وشروق 26 سنة، ونجلاء 23 سنة، ودول منفصلين، وملك 16 سنة في 3 إعدادي، ومي 13 سنة أولى إعدادي، وشروق لديها طفلان ولد وبنت».
أعمال تنقلت بينها «إيمان» قبل مهنة الـ«سايس»
مهن كثير عملت بها «إيمان» قبل لجوئها إلى مهنة الـ«السايس»، إذ كانت قبل الطلاق تعمل في تنظيف المنازل، ثم دار مسنين لرعاية نزلائها، ثم بيع المخللات خلال شهر رمضان، قبل أن تستقر أخيرًا للعمل في تنظيم اصطفاف السيارات في الشارع، وتقديم أكواب الشاي الساخنة: «بتصعب عليا نفسي لما حد ميكونش عايز يديني فلوس فيقولي ملكيش دعوة خليكي في الترابيزة بتاعتك»، مُضيفة أنها بخلاف ذلك، فأنها تتلقى أيضًا كثيرًا من الكلمات الطيبة المُشجعة أثناء عملها.
بعد ساعات طويلة من العمل في الشارع، تعود السيدة الخمسينية بجسدها المُنهك وقدميها اللتين تشعان سخونة من الحركة والألم إلى منزلها، وبدلًا من أخذ قسط من الراحة والنوم على فراش هادئة، تُلقي بنفسها إلى جوار 6 أفراد وهن بناتها وأطفالهن، على مرتبة متواضعة مفروشة على الأرض وبالكاد تكفيهن، إذ يعيشن جميعًا في غرفة واحدة مُتصلة بحمام ضيق ويدفعن لها 400 جنيه شهريًا.
«إيمان»: نفسي أعلم بناتي
لم تُخفِ السيدة الخمسينية أنها تحصل على معاش «تكافل وكرامة» الشهري بقيمة 480 جنيهًا، وأن مسجدًا يٌقدم لها مساعدة ثابتة كل شهر بقيمة 700 جنيهًا، كما لم تُخفِ أيضًا أنها تحصل على نفقة من طليقها بقيمة 800 شهريًا، إلا أن سبب ضيق الحال لديهن هو رغبتها في تعليم بناتها وهو ما يجعلها تتكبد نحو 1200 جنيه في الشهر للدروس الخصوصية لابنتها «ملك»: «نفسي أعلمهم.. بناتي الكبار متعلموش لكن نفسي أعلم (ملك) و(مي) علشان ميتعبوش زيي بعدين»، بحسب «إيمان»، التي أضافت أنها تتمنى أيضًا أن يعيشن في شقة بدلًا من الغرفة كي تسعها وبناتها.
تعليقات الفيسبوك