الساعة تدق الثانية عشر صباحا، انتهى شهر الصيام منذ ساعات، وانتهى معه يوم الوقفة، وها هي الدقائق الأولى من اليوم الأول لعيد الفطر المبارك حلت نسائمها، والتي يبدأ معها موعد سهرة «الناصية» في أغلب الحارات الشعبية التي تتزين بألوان العيد المبهجة، ويبدأ شبابها الاحتفال كل «شلة» على طريقتها الخاصة حتى موعد صلاة العيد.
هنا حارة «غلاب»، بعزبة مكاوي في حدائق القبة، الشباب اجتمعوا استعدادا لسهرة العيد الطويلة، منهم من ارتدى أشيك ملابسه ومنهم من رأى في الجلباب الزي المناسب لسهرة العيد، أحضروا ما يكفي من مال للسهرة، ثم اجتمع الأصدقاء، لا يهم إذا تواجد كراسي للجلوس أم سيقضون السهرة واقفين، ولكن المهم هو تجمعهم في ذلك اليوم دومًا.
الكشري الطبق الرئيسي في العيد
يوسف محمد، أحد أفراد شلة حارة غلاب يحكي كواليس ليلة العيد وأيام العيد على الناصية، في البداية يتشاورون فيما بينهم حول الأكلة التي سيتناولونها وغالبا ما تكون أكلة بسيطة ويتفق الجميع على «الكشري» في النهاية، كونه الأكلة التي تختفي خلال شهر رمضان ويكون العيد هو أزهى مواسمها، لذا يكون لها زهوة ومذاق خاص، ثم يتناولون «الحلو»، وبعد ختام حفلة الطعام يبدأ المرح والسمر بجوار محل صديقهم «الحلاق».
أصوات الضحك والمزاح يسمعها المارة من بعيد، الشباب يصنعون يومهم بمزيد من البهجة، يحكون فيما بينهم عن مواقف تجعل صوت ضحكاتهم يجلجل في الحارة، أما الجيران فيستمتعون بما يجري فالكل سهران من منطلق أن «الليلة عيد»، يسألون يوسف وأصدقاءه: «تشربوا شاي، فيردوا بخفة ظلهم: «دور شاي خمسينه لزوم السهر مايضرش»، ليستمروا في صنع البهجة في الشارع باللعب والمرح وأصوات البومب والصواريخ.
قبل صلاة العيد يكون موعد لعب الكرة، يحجز الشباب أحد الملاعب المجاورة للحارة، ويتنافسون فيما بينهم على «بطولة الحارة في العيد»، الفائز هنيئًا له أما الخاسر فيكون هو محط الإفيهات والنكات طيلة السهرة، ثم يبدأ الاستعداد لصلاة العيد بارتداء الجلباب الأبيض، يساعد الشباب مسؤلي الجامع في الحارة في فرش سجاد الصلاة ويهيئون الجو للمصلين، ثم يبداون في التكبير «الله اكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد».
بعد صلاة العيد وحلول شمس الصباح، يبدا الشباب في العودة للمنزل لأخذ قسطًا من الراحة، ويستلم الناصية منهم الأطفال، الذي ناموا الليل من أجل الاستعداد لصباح يوم مليىء باللعب والمرح، في غضون دقائق تتحول الناصية التي كانت تعج بالضحك وصخب الشباب، إلى ساحة للـ«بومب والصواريخ» ومنافسات العَجَل، ليغيب الهدوء عن الناصية ويحي الضجيج الجميل الذي يحب الجميع سماعه دومًا كلما حل العيد.
تستمر احتفالات الحارة المصرية بعيد الفطر ثلاثة أيام، كما جرى العرف، تتكرر فيها مشاهد الاحتفالات السابقة ويبقى «الكشرى» الطبق الرئيسي على المائدة، ينافسه في بعض البيوت «الرنجة والفسيخ»، بحسب رواية أهل الحارة.
تعليقات الفيسبوك