العلاقة بين حماس والدولة المصرية علاقة ملتبسة منذ انشقاق المنظمة عن السلطة الفلسطينية؛ وذلك لأن الدولة المصرية فى ظل نظام الرئيس السابق «مبارك» حاولت أن تبقى على علاقة متوازنة مع السلطة الفلسطينية بقيادة «أبومازن» وحماس بقيادة «هنية».
وهذه العلاقة وجدت منطقها فى أن السلطة الفلسطينية هى السلطة الشرعية المعترف بها دولياً، فى حين أن حكومة حماس المقالة تمثل واقعاً سياسياً لا يمكن تجاهله.
ويمكن القول إنه قبل ثورة 25 يناير حاولت الدولة المصرية بدأب عقد الصلح بين السلطة الفلسطينية وحماس، ونظمت جلسات طويلة متكررة بين الجانبين فى القاهرة برعاية المخابرات المصرية، غير أن هذه الجلسات التفاوضية بعد أن وصلت فعلاً إلى وثيقة للمصالحة فشل الطرفان فى التوقيع عليها لتصبح نافذة.
وجاءت ثورة 25 يناير، وبعد فترة قصيرة استطاعت جماعة الإخوان المسلمين نظراً لتنظيمها الحديدى وعلاقاتها الوثيقة بالشارع أن تكتسح الانتخابات النيابية لكل من مجلسى الشعب والشورى، بالاشتراك مع حزب النور السلفى.
وقامت الأفراح وارتفعت الزغاريد فى غزة منذ أصبحت جماعة الإخوان المسلمين هى الحاكمة فى مصر لأن حماس تعتبر نفسها فرعاً من فروعها. وأعدت المنظمة نفسها لعلاقة عضوية غير مسبوقة بين غزة ودولة مصر.
وتتالت الزيارات من حماس وخصوصاً بعد فوز الرئيس «محمد مرسى» برئاسة الجمهورية، الذى استقبل وفداً هاماً من قياداتها. وأعلنت أخبار متعددة عن مشاريع اقتصادية ستقام بين حماس والدولة المصرية، أبرزها إقامة منطقة حرة مشتركة بين غزة ومصر.
كانت حماس واثقة من أن كل طلباتها ستلبيها السلطة الإخوانية التى تسلمت الحكم فى مصر، وكانت قياداتها حريصة فى كل مرة على زيارة مقر جماعة الإخوان المسلمين فى المقطم، ومقابلة المرشد العام وأعضاء مجلس الإرشاد.
ثم حدثت الأحداث الدامية فى رفح، وتم الاعتداء المسلح الإجرامى من قبل جماعات إرهابية ثبت أن من بينها فلسطينيين قدموا عبر الأنفاق من غزة، بالإضافة إلى عناصر مصرية، واستشهد عدد كبير من الجنود المصريين.
وقد أدى هذا الحادث إلى انقلاب فى العلاقة الحميمة التى كانت قد بدأت بين حماس والدولة المصرية، وذلك أنه نتيجة للغضب الشديد الذى أصاب الرأى العام اندفعت القوات المسلحة لتطهير سيناء من الجماعات الجهادية الإرهابية، وصدرت الأوامر بتدمير مئات الأنفاق التى كانت تهرب منها البضائع المصرية إلى غزة بعلم منظمة حماس فى غزة، بل إن السلطة هناك كانت تقتضى رسوماً جمركية على البضائع المهربة التى أثرى من وراء تهريبها قيادات فلسطينية متعددة.
وقد جاءت وفود حمساوية بعد الحادث إلى مصر بعد تأكيدات متكررة أنه ليس هناك فلسطينيين شاركوا فى الحادث الإرهابى الإجرامى، فى محاولة لتبرئة صفحة حماس.
ويلفت النظر أن وفد حماس الذى جاء مؤخراً إلى القاهرة لم يقابله رئيس الجمهورية، وكلف مدير المخابرات بمقابلته وإخباره بأن الدولة ترفض إقامة منطقة تجارة حرة بين غزة ومصر؛ لخطرها على الأمن القومى المصرى.
وهكذا اتضح لحماس أنه حتى لو كان هناك صعود سياسى لجماعة الإخوان المسلمين إلى ذروة السلطة فى مصر، فإن هناك الدولة المصرية التى لا تخضع حساباتها فى الأمن القومى للأهواء السياسية!
ومن هنا كان غريباً غاية الغرابة أن تسمح الدولة لمنظمة حماس أن تقيم فى «أبوقير» معسكراً تدريبياً لشباب المنظمة.
أليس فى ذلك خلط فى الأوراق؟