المشهد الأول
المكان: «طرقات سجن برج العرب».. الزمان: «ليلاً»، حيث مأمور السجن يسير بخطى سريعة وخلفه أحد ضباط السجن، وهو أحد المكلفين بحراسة الرئيس المعزول محمد مرسى فى محبسه.. ونلاحظ أن الحراسات مكثفة ومشددة للغاية فى أرجاء السجن.. والمأمور باهتمام شديد للضابط متسائلاً..
المأمور: وده إيه اللى وصله للحالة دى وأنا كنت شايفه عادى وطبيعى وأنا بمرّ على العنابر وباخد تمامه فى زنزانته؟
الضابط: والله ما أنا عارف يا أفندم.. إحنا بعد ما دخلناله العشا سمعناه عمال يزعق ويهرتل بالكلام وزعيقه قلب لهياج وهو بيهدد بالانتحار وتحميلنا المسئولية لو حضرتك ما روحتلوش فوراً..
المأمور: حد فيكو انت والظباط والأفراد المكلفين بحراسة زنزانته زعله أو استفزه؟
الضابط (بتأكيد): إطلاقاً يا أفندم وملتزمين بحسن المعاملة حسب التعليمات والأوامر (يكون المأمور والضابط قد وصلا إلى موقع زنزانة الرئيس المعزول محمد مرسى وصوت مرسى يرتفع صائحاً بعصبية وغضب شديدين).
محمد مرسى: أنا مضرب عن الطعام.. أنا بحملكوا المسئولية.. أنا هاقلب عليكو كل القوى العظمى الخارجية والداخلية (بينما يفتح الضابط باب الزنزانة ويدخل إليها المأمور والضابط وسط حراستها المشددة).
المشهد الثانى
المكان: داخل زنزانة مرسى.. الزمان: «ليلاً»؛ حيث يتقدم مأمور السجن والضابط الذى يرافقه نحو الرئيس المعزول محمد مرسى وهو فى حالة هياج شديد..
المأمور: ما لك يا دكتور؟
مرسى (صائحاً فيه وهو فى نوبة هياجه وبعصبية شديدة): أنا ما اسميش دكتور.. أنا لما تناديلى تقولى يا سيادة الرئيس.. أنا الرئيس الشرعى للبلاد.. مفهوم؟
المأمور (مبتسماً وهو يدنو منه أكثر ويحاول تهدئته): طب ممكن تهدى أعصابك علشان أعرف طلباتك يا دكتور؟
مرسى (باستنكار وعصبية): دكتور ليه إن شاء الله؟ شايفنى قاعد فى العيادة وعلى ودنى السماعات ولا قاعد فى المدرج بدّى محاضرة؟ أنا الرئيس الشرعى للبلاد.. ومش هارد ولا هاتكلم إلا أما تقولى يا سيادة الرئيس..
المأمور (بشىء من الحدة): بلانا من دكتور ومن ريس ومن ريس معزول.. ممكن تخلصنى وتقول عامل الدوشة والقلبان ده كله علشان عايزنى فى إيه؟
مرسى (وهو يشاور على صينية عليها أطباق جبن ومربى وخبز - باستنكار): بذمتك ده أكل؟ ده أكل يليق بوجبة عشا لرئيس البلاد الشرعى المنتخب؟
المأمور (بشىء من الاستنكار): يعنى القلبان اللى عامله ده كله علشان معترض على الأكل؟
مرسى (بحدة وعصبية وجدية شديدة): أيوه.. (ثم مهدداً) وقسماً عظماً لو ما كان يجيلى عشا يليق بيا لمُعلن فى جلسة المحاكمة بعد بكرة إنى مضرب عن الطعام وإن المعاملة فى السجن لا آدمية.. وهاتبلّى عليكو وأقول إنكو بتعلقونى فى الفلكة كمان.. هه.
المأمور: وإيه العشا اللى يليق بسعادة جنابك؟
مرسى: أنا هفتان وريقى بيجرى على بط وريش وحمام محشى (ثم صائحاً بتهديد وعصبية) ولو ما كانش يجيلى فى خلال ساعتين من دلوقتى دكرين بط متحمرين وقد كده ييجى كيلو ريش بتلو مشويين وجوزين حمام محشيين ومتخدم عليهم بالسلطات والذى منه أنا هانتحر وهجيبلكوا مصيبة.
المأمور (معترضاً): بس مطعم وكانتين ومطبخ السجن قفلوا.. وده سجن وما فيهوش الحاجات دى.. حضرتك مش قاعد فى ديوان الرياسة والطباخين شغالين نهار وليل تحت أمرك..
مرسى (مهدداً بجدية): أنا قلت اللى عندى وقسماً عظماً لو الأكل اللى أنا قلت عليه ما جالى لأكون منتحر ومحملكو المسئولية.. (ثم وهو يصيح ويكاد يبكى) أنا هفتان.. هفتان وريقى بيجرى على البط والريش والحمام المحشى يا ناس، وأنا الرئيس الشرعى المنتخب وما ينفعش يبقى نفسى فى حاجة وما تحصلش فوراً..
المأمور (مساوماً): طب ممكن نتصرفلك فى...
مرسى (مقاطعاً بحدة): أنا قلت على طلباتى وأقل منها جناح بطاية وفتفوتة ريش هانتحر وأحملكوا المسئولية..
(وبعد أن يهمس الضابط فى أذن المأمور.. المأمور يغادر الزنزانة وهو يعد مرسى بتلبية طلباته).
(ونرى مطبخ السجن يتم فتحه وثلاجات الكانتين يتم فتحها وإخراج أكياس منها والطهاة والطباخين منهمكين فى الطبخ والشىّ..
وبعد ذلك ثلاثة حراس يسيرون خلف المأمور والضابط فى الردهات حاملين صوانى الطعام حتى يدخلوا بها إلى زنزانة مرسى الخاضعة للحراسة المشددة.. والمأمور وهو ينظر لمرسى الذى تعلو وجهه ابتسامة الانتشاء وهو يبتلع لعابه والمأمور ينظر له بغيظ وهو يحاول كبت غيظه).
المأمور: يحطولك الأكل فين يا دكتور؟
مرسى (وهو يبتلع لعابه والسعادة تغمر وجهه): أنا قلت مش هقبل بأقل من دكرين بط متحمرين وكيلو ونص ريش بتلو مشويين وأربع حمامات محشيين..
المأمور (بنفاد صبر): المطلوب وصل وخلصنا وقول يحطوا الأكل فين.
مرسى (وهو يجلس على الأرض منتشياً): على الأرض هنا كده قدامى وأهو زى ما بيقولوا نخلى البساط أحمدى.. (الحراس يضعون صوانى الطعام أمام مرسى على الأرض على السجادة التى تتوسط الزنزانة.. ومرسى يفرك يديه وهو ينظر لصوانى الطعام وينزع عنها الأغلفة الألومنيوم.. بينما المأمور والضابط والحراس يخرجون).
المأمور (أثناء خروجه): بالهنا والشفا ويا ريت ما تتكررش تانى علشان تعبتنا معاك الليلة دى يا دكتور..
(مرسى لا يعيره التفاتاً وهو يتناول حمامة محشية ويقضم منها بنهم.. ونلاحظ أن الوليمة بالفعل تحتوى على طبق كبير من الريش المشوية ودكرين بط محمرين وأربع حمامات محشيين.. ونتابع مرسى وهو منكب على الوليمة حتى يأتى عليها دون أن يترك منها أى بقايا سوى العظام المتناثرة حول الصوانى).
وبعد أقل من نصف ساعة نرى المأمور يهرول هو والضابط ورئيس مباحث السجن فى طرقات السجن نحو زنزانة مرسى.. والقلق يكسو وجوههم والمأمور بقلق للضابط..
المأمور: وده تعب من إمتى؟
الضابط: بعد ما خلص على الأكل كله بحوالى نص ساعة.. قعد يزعق ويقول الحقونى.. الأكل واقف على قلبى.. مش قادر أتنفس.
رئيس المباحث (باهتمام): ودكاترة مستشفى السجن فين أمال؟
الضابط: كلهم عنده فى الزنزانة يا أفندم.. بس يظهر إن حالته خطرة وتستدعى نقله للمستشفى فوراً حضرتك.
(وننتقل إلى داخل زنزانة مرسى لنرى ثلاثة أطباء وبعض الضباط والحراس حول مرسى الممدد على سريره وهو يعانى من انتفاخ وضيق نفس شديدين والأطباء يحاولون إسعافه وهو يتمتم أثناء دخول المأمور ورئيس المباحث والضابط).
مرسى (وهو يتمتم بحشرجة وهو يلهث): الأكل كان مبصوصلى فيه.. الأكل واقف على قلبى يا ناس.. الحقونى.. مش قادر آخد نفسى.. نفسى بيروح منى.. قلبى هايفطّ منى.. (ثم كمن يدخل فى شبه غيبوبة، يتمتم وكأنه يخطرف): أنا.. أنا الرئيس الشرعى.. أنا الرئيس المنتخب.. السمع والطاعة لفضيلة المرشد.. لا بد من تحقيق أهداف الجماعة.. تتحرق مصر.. تتحرق ليبيا.. تتحرق كل المنطقة.. الأهم تحقيق مصالح وأهداف الجماعة.. آه.. آه.. آه.. آ.. أنا الرئيس الشرعى.. أنا الرئيس المنتخب.. آ.. أنا (ثم فجأة تخمد أنفاسه والأطباء حوله يحاولون الضغط على القلب لتنشيطه، إلا أن محاولاتهم تبوء بالفشل بعد أن سكنت أنفاسه وتوقف قلبه عن النبض).
المأمور (بتوتر وقلق شديدين للأطباء): حاولوا على قد ما تقدروا يا دكاترة.. عربية الإسعاف جاية فى الطريق..
كبير الأطباء (بأسف): مالهاش لزمة يا أفندم.. البقاء لله..
المأمور (بدهشة وتوتر): يعنى إيه؟ الراجل فطس من الأكل اللى حشره؟
كبير الأطباء: هبوط حاد فى الدورة الدموية نتيجة تخمة شديدة فى المعدة..
المأمور: طب ما تحاولوا تانى.. (وهو ينظر للجثمان الذى بلا حراك بتوتر).
كبير الأطباء (بأسف): أمر الله نفذ والبقاء لله يا أفندم..
المشهد الثالث
حيث شاشة تليفزيون الجزيرة تذيع خبر وفاة مرسى.. وصورة مرسى ومشاهد من خطبه ولقاءاته أثناء فترة رئاسته تتصدر الشاشة بينما نسمع صوت المذيع وهو يقول بتأثر..
المذيع: إلى جنة الخلد يا شهيد.. إلى جنة الخلد يا مرسى.. نعم هو شهيد.. فكل التقارير وكل الأدلة وكل البراهين التى بحوزتنا تؤكد تأكيداً دامغاً أنهم اغتالوه.. نعم وضعوا له السم فى الطعام حتى يتخلصوا منه ومن الشرعية بما أنه كان وسيظل الرئيس الشرعى المنتخب.. اغتاله من سرق منه الشرعية.. من اغتصبوها منه.. فإلى جنة الخلد يا شهيد.. إلى جنة الخلد يا شهيد.
(ثم مذيع آخر يتصدر الشاشة وكأنه يذيع خبراً مهماً).
المذيع الآخر: هذا وقد صرح المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين العالمية بأنه تجمعت لديهم الأدلة الدامغة أن الرئيس الشرعى والمنتخب محمد مرسى العياط تم قتله باستخدام سم زعاف تم وضعه له فى الطعام وبدلاً من أن يسعفه سجانوه قاموا بالإجهاز عليه خنقاً حتى لقى حتفه.. ودعت الجماعة أعضاءها فى مصر للخروج فى مظاهرات عارمة للثأر من قتلة الشهيد.. وتوعدت أن دم الشهيد لن يذهب بلا ثمن باهظ سيدفعه حتماً قتلته.. واختتمت بيانها بأن مرسى عاش بطلاً واستشهد بطلاً وعاش الشهيد وإلى جنة الخلد يا مرسى يا شهيد الشرعية..
المشهد الرابع
المكان: «موضع ما بين الجنة والنار».
الزمان: «حيث تتوقف عجلة الزمان.. ولكن بعد وفاة مرسى بلحظات قليلة».
حيث الجو شبه ضبابى.. ونرى أبواب الجنة عن اليمين.. وأبواب النار وجهنم عن اليسار.. وملائكة بأجنحة يقفون أمام أبواب الجنة وكذلك ملائكة بأجنحة، ولكن مناظرهم تثير الخوف والرعب، يقفون أمام أبواب النار.. ونرى بوابة ضخمة تقع فى المنطقة بين أبواب الجنة وأبواب النار، ونرى مرسى يسير مرتدياً أكفانه ويتجه نحو أبواب الجنة سائلاً أحد الملائكة..
مرسى: هى مش دى برضه أبواب الجنة يا أخينا؟
الملاك: أيوه..
مرسى (بثقة): طب أنا المفروض بقى كده بالصلاة على النبى أدخل من أنهى باب..
الملاك: الأول لازم تعدى من البوابة، وإذا السهم نور يمين تبقى من أهل الجنة وتدخلها من الباب اللى هيحددهولك ملك الجنة.. وإذا السهم نور شمال تبقى من أهل جهنم وتدخلها من الباب اللى هيحددهولك ملك جهنم.
مرسى (بثقة): جهنم إيه يا عم؟ أنا الرئيس مرسى الرئيس الشرعى المنتخب وعضو مكتب إرشاد الجماعة.. وسنين طويلة وأنا قيادة جامدة فى الجماعة..
الملاك: جماعة مش جماعة.. الأول تعدى على البوابة وحسب ما السهم يشير هيكون مصيرك..
مرسى: بيتهيألى البوابة دى والأسهم والأمور دى للناس العادية.. مش لأعضاء الجماعة.. (ثم بلهجة الشعارات): إحنا حماة الإسلام ورافعى راية الإسلام.. نحن الخير وفينا الخير ولنا الخير إلى يوم الدين.. وإذا لم تكن الجنة لنا فلمن تكون؟!
الملاك (بتصميم وتأكيد): الشعارات دى تقولها فى الدنيا.. لكن هنا لازم تعدى من البوابة.. ويا جنة يا نار.
مرسى: آه.. وماله.. نعدى.. وأكيد جنة..
(ثم يخطو خطوات حتى يبلغ البوابة ويعبرها بينما البوابة تصدر منها أصوات متداخلة وسهم الجنة يضىء وكذلك سهم جهنم يضىء.. ويظهر عن اليمين ملاك الجنة بوجهه المضىء وأجنحته البيضاء ويظهر عن اليسار ملاك جهنم بوجهه الشرس وأجنحته الداكنة السواد وكلاهما يمد يده يريد أن يأخذ مرسى ناحيته..
ملاك الجنة: إنه عندى فى الجنة..
ملاك جهنم: بل هو عندى فى جهنم..
ملاك الجنة: السهم أضاء أنه فى الجنة..
ملاك جهنم: والسهم أضاء أنه فى جهنم..
مرسى (متدخلاً وهو ممتقع الوجه): إيه يا جماعة انتو هتتخانقوا عليا ولا إيه؟ أنا لو ما كنتوش واخدين بالكو خصوصاً الأخ الملاك بتاع جهنم أنا الرئيس الشرعى المنتخب لأرض الكنانة محمد مرسى العياط عضو مكتب إرشاد الجماعة وأحد قيادات الجماعة وواحد من أبنائها المخلصين الذين جاهدوا طوال حياتهم من أجل نصرة الإسلام ورفع شأنه ورايته..
ملاك جهنم: من أجل ما قلت فأنت عندى..
مرسى (باستنكار وهو مبهوت للغاية): عندك إيه يا عم؟ أنا راجل طول عمرى بصلى وأصوم وبشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وكنت بقرا قرآن وبذكر ربنا على طول..
ملاك الجنة: علشان كده انت عندى فى الجنة..
مرسى (متهللاً وهو يصيح فى ملاك الجنة باحتفاء): روح يا شيخ إلهى يكرمك ويعلى مراتبك..
ملاك جهنم: بل هو عندى فى جهنم.
ملاك الجنة: بل هو عندى فى الجنة..
ويحتدم الخلاف بين ملك الجنة وملك جهنم أيهما أحق بمرسى الواقف مبهوتاً حتى يتفقا على أن تحكم بينهما محكمة العدل التى تنعقد عند البوابة الضخمة.. ويقف مرسى بين ملاك الجنة وملاك جهنم أمام هيئة المحكمة.. وملاك الجنة يستهل حديثه أو مرافعته أمام هيئة المحكمة.
ملاك الجنة: هذا الرجل يا سيدى الملاك القاضى كان يصلى.. بل كان يصلى معظم الفروض والسنن فى المساجد.. وكان يصوم وكان كذلك يداوم على قراءة القرآن.. وأحياناً كان يتصدق على الفقراء والمساكين سواءً من ماله أو من أموال الجماعة التى كان ينتمى إليها..
مرسى (مؤكداً): آه.. كنت بصلى فرض بفرضه بسنته فى المساجد وكنت بصوم وأتصدق وكنت وما زلت مخلصاً للجماعة ولفكر الجماعة وأهداف الجماعة..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتاب كبير أمامه وكأنه كتاب أعمال مرسى): هذا واضح أمامى فى كتابك يا سيد مرسى وكذلك أعمال كثيرة طيبة مدونة فى كتابك.
مرسى (منشرحاً ومهللاً): يعنى كده على الجنة حدف مع مولانا الإمام الشهيد البنا ورفاقه من أعضاء الجماعة يا سيدى القاضى؟
الملاك القاضى (باستنكار): وما أدراك أن الإمام البنا ورفاقه فى الجنة؟
مرسى (بدهشة): هيكونوا فين يعنى وهم أسيادنا قادة الجماعة وزعماءها؟
الملاك القاضى (بصوت رخيم محايد): علمهم عند ربك وربنا ورب العالمين يا أخ مرسى..
مرسى: يعنى إيه؟ ممكن يكونوا فى النار؟ (فى ذهول).
الملاك القاضى: لم أقل ولا أستطيع أن أقول إنهم فى الجنة وكذلك لم أقل ولا أستطيع أن أقول إنهم فى النار.. وأنت هنا غير مسموح لك بمعرفة أين يكون فلان وأين يكون علان..
مرسى (بثقة): بس أكيد واحد زى جمال عبدالناصر اللى عذب الإخوان وطلع عينين اللى خلفوهم فى النار..
الملاك القاضى: غير مسموح لك بالسؤال عن مصيره أو مصير غيره وليس مصرحاً لك بمعرفة أين يكون.. فى الجنة أم فى النار وأنت فى هذا الموقف الذى ما زلت فيه لا تعرف مصيرك.. وأرجو أن تهتم بأمورك لأنك فى موقف عصيب للغاية.
مرسى (باستغراب وثقة): موقف عصيب إيه يا مولانا الملاك القاضى؟ انت مش قلت بعضمة لسانك إن مكتوب فى كتابى اللى قدامك أعمال كتير طيبة.
الملاك القاضى: كذلك مكتوب فى كتابك أعمال كثيرة غير صالحة جديرة بأن تجعلك من أهل جهنم..
مرسى (مرتبكاً ومبهوتاً): أنا.. أنا برىء.. برىء من أى تهم منسوبة ليا يا حضرة الملاك القاضى..
الملاك القاضى (متغاضياً عمَّا يقوله مرسى): ما قولك فى تهمة انتمائك لجماعة تدعو إلى العنف وسفك الدماء لتحقيق أهدافها.. وقد حرم الله سفك الدماء إلا بالحق؟
مرسى: الجماعة كان من أهم أهدافها إقامة خلافة إسلامية.
الملاك القاضى (باستنكار): وهل إقامة خلافة إسلامية تكون على أشلاء المسلمين فى سيناء وفى ليبيا وفى أماكن ممارساتكم للعنف وسفك الدماء؟ وهل الطريق لإقامة خلافة إسلامية يكون بتبنيكم نظرية كونداليزا رايس والإدارة الأمريكية بإشاعة الفوضى فى المنطقة العربية لتقسيمها دويلات.
مرسى (مرتبكاً ومبهوتاً): أنا.. أنا كنت بصلى وبصوم..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه الذى أمامه): ما قولك فى الفترة التى توليت فيها رئاسة أرض الكنانة؟ هل كنت جديراً بحمل الأمانة أم كنت مجرد ستار والمرشد والجماعة هم الذين يحكمون ويقررون؟
مرسى: وفيها إيه لما فخامة المرشد هو وأعضاء مكتب الإرشاد اللى يحكموا؟
الملاك القاضى: فيها إن الشعب انتخبك انت والأمانة وقعت عليك انت.. وأن تحكم بأهواء الجماعة ومصالحها وأهدافها فهذه خيانة للأمانة..
مرسى (مرتبكاً ومبهوتاً): أنا كنت بصلى وبصوم..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه الذى أمامه): ما قولك فى تعيينك من هو ليس جديراً بالمنصب ولا كفؤا له فى المنصب وكمثال تعيينك للدكتور هشام قنديل وهو وزير رى وليس له فى السياسة ولا فى الاقتصاد رئيساً للوزراء.. لكى يكون سهلاً ويسيراً أن يحكم المرشد و«الشاطر» وأعضاء مكتب الإرشاد ويصدروا القرارات وعلى هشام قنديل التنفيذ.. أليس هذا خيانة للأمانة؟
مرسى (مرتبكاً ومبهوتاً): أنا كنت بصلى وبصوم..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه الذى أمامه): ما قولك فى أحداث الاتحادية والدماء التى سُفكت والأرواح التى أُزهقت فى تلك الأحداث الدامية؟
مرسى: كا.. كان دفاعاً عن الشرعية.. و.. أنا كنت بصلى وكنت.. وكنت بصوم.. وبعدين ما هى أى ثورات أو حروب لا بد أن يكون لها ضحايا، وهما اللى جم عند الاتحادية وماكانوش راضيين يمشوا وكان لازم يمشوا دفاعاً عن الشرعية.. وأنا حضرتك بصلى وكنت بصوم..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه الذى أمامه ويبدو عليه الاستنكار الشديد): ما قولك فى إدمانك أنت والجماعة التآمر حتى مع القوى الخارجية على أرض الكنانة التى هى وطنكم بغرض تحقيق أهداف الجماعة فى الحكم والتمكين والخلافة؟ وهل يصح أن يتآمر الإنسان على وطنه؟
مرسى (بثبات): وطنى هو الجماعة وفكر الجماعة وأهداف الجماعة وكنا نسعى لوطن كبير تحت راية الخلافة.
الملاك القاضى (والامتعاض يبدو عليه وهو يقلب فى كتابه بين يديه): وهؤلاء الإرهابيون ودعاة العنف وسفكة الدماء الذين أتيت بهم من كل البقاع وأسكنتهم سيناء بعد أن أمدتهم جماعتك والجماعات المتفرعة منها والمنبثقة منها والمتأثرة بفكرها بالسلاح والعتاد.
مرسى (مبهوتاً ومرتبكاً): أنا.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم.. وبعدين ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بالجهاد.
الملاك القاضى (بصوت رخيم): الجهاد له شروطه ومقتضياته، وما اقترفته ولا تزال تقترفه تلك الجماعات من قتل وسفك للدماء ضد شرع الله وضد دين الله.
مرسى (مبهوتاً ومرتبكاً): آ.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم.
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه بين يديه والاستنكار يكسو وجهه): ما رأيك فى الفرقة والفتنة التى زرعتها فى أرض الكنانة أثناء فترة حكمك أنت والجماعة؟
مرسى: كى يسهل علينا التمكين.. نعم كان لا بد لنا من التمكين حتى نحقق بعض الأهداف.. والزيت دونت ميكس مع الميّه حضرتك.. يعنى بتوع الجماعة غير اللى مش بتوع الجماعة.
الملاك القاضى (متندراً): دونت ميكس هنا كمان يا أخ مرسى؟!
مرسى: وهو دونت ميكس فيها حاجة هنا يا سيادة الملاك القاضى؟
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه بين يديه): نخلينا فى المهم.. ما قولك فى أنك متهم أنت وقيادات الجماعة ببث رسائل من محابسكم لأعضاء الجماعة، خاصة شباب الجماعة، بإشاعة العنف وسفك الدماء؟
مرسى: ما هو كان لازم نحرض على العنف عشان الفوضى تعم البلاد واللى جه بعدى ما يعرفش يحكم وأخرج من السجن وأسترد شرعيتى..
الملاك القاضى: ما قولك فى الدماء الغزيرة التى سالت أنهاراً بسبب تحريضكم هذا؟
مرسى (مبهوتاً وبارتباك): أنا.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم.. وبعدين ما هى أى حرب أو معركة لازم يكون فيها ضحايا..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه وباستنكار يكسو وجهه): كنتم تجمعون أموال الزكاة والصدقات وكنتم تنفقونها ليس فى مصادرها الشرعية بل كنتم تستثمرون جزءاً منها لمصالحكم الشخصية الدنيوية والجزء الآخر لتحقيق أهداف الجماعة السياسية..
مرسى (مبهوتاً وهو مرتبك): أنا.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم.. وبعدين أنا.. أنا كنت بشتغل وبكسب من وظيفتى.
الملاك القاضى: ألم يدخل ذمتك المالية أى مبالغ من تبرعات الجماعة؟
مرسى (متهرباً من الإجابة وهو مبهوت ومرتبك): أنا.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم..
الملاك القاضى (وهو يقلب فى كتابه بين يديه): آه.. بالنسبة لفكر الجماعة.. ألم تكن تعتقد اعتقاداً يقينياً أن فكر الجماعة هو الصواب المطلق وأى أفكار أخرى هى الضلال المطلق؟
مرسى: أ.. أنا كنت بصلى وكنت بصوم..
الملاك القاضى: أفكار المرشد وتعليماته أم أوامر الله الواضحة والجلية كنت تطيع؟
مرسى: أ.. أنا كنت.. كنت بصلى وكنت بصوم..
الملاك (وهو يطوى الكتاب الذى بين يديه): هل لديك أقوال أخرى؟
مرسى: آ.. أيوه أنا كنت بصلى وكنت بصوم.
الملاك القاضى (وهو ينهض هو ومساعدوه): رُفعت الجلسة للمداولة.. (ثم يختفى الملاك القاضى هو ومساعدوه.. ومرسى المرتبك والمبهوت يتجه نحو ملاك جهنم).
مرسى: تفتكر هيحكم بإيه يا مولانا الملاك؟
ملاك جهنم: بالحق وبالعدل.. واحتمال كبير تبقى من نصيبى.
مرسى (مبتعداً عنه وهو يرتجف وباستنكار): العياذ بالله منك ومن جهنم بتاعتك.. أنا إيه اللى خلانى جيت سألتك؟ (ثم يتجه إلى ملاك الجنة مستبشراً).
مرسى: إلا قولى يا حضرة ملاك الجنة.. هى الجنة فيها حاجات حلوة؟
ملاك الجنة: فيها ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على بال بشر من نِعم ونعيم.
مرسى (مستبشراً): وأكيد محضرينلى قصر مفتخر كده ودستتين تلاتة حور عين وبط ووز وحمام والذى منه.. مظبوط؟
ملاك الجنة (ناصحاً إياه): بدلا من الثرثرة ادعُ الله أن يكون الحكم فى صالحك وتدخل الجنة..
مرسى (بثقة شديدة): يا عم الملاك قول يا باسط.. ده أنا عضو مكتب إرشاد الجماعة وكنت بصلى وكنت بصوم والذى منه والجنة هتكون لمين غير لينا إحنا بتوع الجماعة؟
(يدخل الملاك القاضى ومساعدوه من المستشارين بعد ثلاث دقات ويجلسون على المنصة).. (ومرسى وهو يتمتم مأخوذاً ومبهوتاً ومرتبكاً).
مرسى: استر يا اللى بتستر..
الملاك القاضى (وهو يتلو الحكم من ورقة أمامه): حكمت المحكمة بإيداع الماثل أمامنا عبدالله/ محمد مرسى العياط السجن الانفرادى الواقع بين الجنة والنار، وذلك حتى تقوم الساعة بمشيئة الله ويحكم الله العلى القدير العدل سبحانه وتعالى فى أمره بعلمه وحده سبحانه.. (ثم وهو ينهض هو والمستشارون): رُفعت الجلسة..
(مرسى وملائكة محايدون يضعون فى يديه الكلبشات ويقتادونه إلى غرفة سجن انفرادى بين منطقة الجنة ومنطقة جهنم).
مرسى (مبهوتاً للغاية وهو يتمتم فى ذهول واستنكار): يعنى إيه سجن انفرادى؟! هو سجن انفرادى فى الدنيا وسجن انفرادى فى الآخرة ولا إيه؟
(ثم صائحاً باستنكار): لأه.. أنا مش هسمح بكده أبداً.. وبحذركوا.. الجماعة وشباب الجماعة مش هايسكتوا وهايملوا الدنيا عنف ومش هاتلاحقوا على التفجيرات.. شباب الإخوان هايفجرلكوا الدنيا باللى فيها لو ماخرجتونيش وأفرجتوا عنى ورجعتولى شرعيتى ودخلتونى الجنة.
أحد الملائكة (وهو يغلق خلفه باب الزنزانة): شرعية إيه يا أخ مرسى؟ ده حكم نهائى..
مرسى (وهو يطل من نافذة زنزانة الحبس الانفرادى): أنا حذرت.. شباب الإخوان هايملوا الدنيا عنف وتفجيرات لو ما أفرجتوش عنى..
ملاك آخر (متندراً): دنيا إيه يا أخ مرسى؟ انت مش واخد بالك إنك فى الآخرة ولا إيه؟
مرسى (صائحاً بتهديد): خلاص.. شباب الإخوان مش هايسكتوا وهيملولكوا الآخرة عنف وتفجيرات لغاية ما تفرجوا عنى وتدخلونى الجنة.. ولاحقوا بقى على العنف وعلى التفجيرات.. هه؟
(ويُسدل الستار).
■ فانتازيا من وحى خيال الكاتب