بالصور| تجديد المسرح القومي يطرد باعة العتبة: "ملناش مكان فيها"
يمر الآلاف من المواطنين يوميًا في الطريق الضيقة التي تصل ما بين محطة مترو العتبة والسيارات المزدحمة قرب الميدان دون معرفة أن إلى جوار المكتبات التي حفظوا تفاصيلها وأماكن كتبها والرفوف التي يتزاحم عليها الأدباء والساسة والشيوخ، صرحًا ثقافيًا حجبه عنهم باعة افترشوا بضاعتهم وأطعمتهم، معتبرين ما فرضوه على الأرض حقًا مكتسبًا.
انتهى دور وزارة الثقافة في أعمال الترميم داخل المسرح القومي، وجاء الدور على محافظة القاهرة ورئاسة حي الموسكي، لترميم المسرح من الخارج.. الشوارع المحيطة بالمسرح تكتظ بالباعة الجائلين، والحل الوحيد أمام المحافظة هو طرد الباعة وإخلاء محيط المسرح منهم، وهو الحل الذي اعتمدته ونفذته المحافظة، وأخلت المكان من الباعة الذين لم يبدو اعتراضًا على القرار، بعد قطع رئيس حي الموسكي وعودًا لهم بالعودة مرة أخرى إلى أماكنهم فور انتهاء أعمال الترميم.
انهمك العمال في أعمال الترميم، للانتهاء منها في الوقت المحدد قبل افتتاح المسرح، وسطهم كان يقف رئيس حي الموسكي يتحدث إلى المهندسين، ويشرف بنفسه على أعمال الترميم، يدرك قيمة المسرح القومي وأهميته ويعلم جيدًا تاريخه: "المسرح دا قيمة ثقافية وعربية كبيرة، وده أقدم مسرح في مصر أنشئ سنة 1920".
لم تتجاوز عقارب الساعة الرابعة عصرًا، أعمدة الإنارة في ميدان العتبة تضيء المكان بالكامل، يخاطب أحدهم في اللاسلكي قبل أن يؤكد رئيس حي الموسكي، حسين الشاطر لـ"الوطن"، أن الحي وفر أماكن بديلة للباعة الجائلين غير التي كانت قريبة من المسرح القومي، الذي يعتبر منارة ثقافية أنارت العالم العربي كله، قبل أن يحترق في 2010.
اعتلت أعلام مصر أعمدة الإنارة بعد إتمام عمليات رصف الطريق، واجهة المسرح بدت نظيفة وجميلة، من الضروري بحسب "الشاطر، جمال المظهر: "المنظر هيبقى جميل أمام المسرح بالكامل وتم رفع الباعة الجائلين وتوفير أماكن بديلة لهم".
قرب محطة مترو العتبة، تجمع بعض الباعة، يرمقون أماكنهم القديمة بنظرات حائرة وتفكير في مستقبل غامض، الدخان يتصاعد من أنوفهم في ضيق، ينتظرون ما وعدهم به رئيس الحي بالعودة إلى أماكنهم عقب افتتاح المسرح.
بملامح تدل على الشقاء ولهجة صعيدية صميمة، يوضح عم إبراهيم، أحد الباعة الجائلين الذين تم إجلاؤهم أثناء ترميم المسرح، الذي سيتم الانتهاء منه في غضون أيام، أن رئيس حي الموسكي قد وعدهم بالعودة إلى أماكنهم مرة أخرى، بمجرد افتتاح المسرح.. "رئيس الحي قالنا هترجعوا لفرشتكم تاني يوم الأحد".
اضطر "إبراهيم" ورفاقه من الباعة لتصديق رئيس الحي: "قبل كده قلنا أمشوا عشان فيه افتتاح والمحافظ جاي وتاني يوم تعالوا أفرشوا.. وفعلًا لما المحافظ مشي رجعنا تاني أماكننا"، ليس هذا هو السبب الوحيد الذي دعا إبراهيم ورفاقه للثقة في وعد رئيس الحي، فهم لا غير ذلك، والدعاء إلى الله بتنفيذ الوعد.. "المحافظ جه بالشرطة والأمن المركزي والمحافظ وبالونش.. مكنش بأدينا حاجة نعملها غير أننا نسيب الشارع ونسمع كلامه".
"علي" بائع آخر يتذكر نص كلام رئيس الحي لهم أول أمس، "قالنا بالنص: رئيس الوزراء هيفتتح المسرح يوم السبت، ويوم الحد ارجعوا تاني"، يضيف الشاب الثلاثيني "رئيس الحي يكره الباعة، واحنا ملناش مكان في البلد دي"، إحنا اتضحك علينا الطريق دا ممر تجاري أصلًا ومن حقنا نقف فيه".