خالد محيى الدين في ذاكرة أهالي كفر شكر: أيادٍ بيضاء.. وسيرة طيبة على كل لسان
مضيفة آل محيى الدين بكفر شكر
فى ذكرى مئوية ميلاد خالد محيى الدين، التى توافق 17 أغسطس الجارى، يتذكر الجميع هنا فى مسقط رأسه ومثواه الأخير بكفر شكر فى القليوبية، مسيرته الوطنية الثرية، التى عاش خلالها مدافعاً عن أبناء الدائرة والشعب المصرى كله، باعتباره نائباً للأمة وليس نائباً عن كفر شكر فحسب.
أيادٍ بيضاء فى كل مكان، وسيرة طيبة على كل لسان، هذا هو ملخص ما يمكن أن يُقال عن خالد محيى الدين فى مسقط رأسه، فهو ابن مركز كفر شكر، الذى أعطى له قيمة سياسية كبيرة، إذ كان يُنظر للانتخابات البرلمانية التى تشهدها الدائرة الشهيرة بالقليوبية نظرة مختلفة من أجهزة الدولة والإعلام، عندما كان يخوض «محيى الدين» الانتخابات فيها، فيزيدها زخماً وثقلاً سياسياً وجماهيرياً.
عضو بـ«التجمع»: ترك أرضه للمزارعين المؤجِّرين فى قريته
يقول إبراهيم جبل، من تلاميذ الراحل، مسئول حزب التجمع بكفر شكر، إن «محيى الدين» كان مثالاً للمناضل والسياسى المخلص لأهله وناسه، ولم يترك أهالى كفر شكر يوماً، وكان يساند الجميع دون النظر إلى ميول واتجاهات من يطلب منه خدمة فى أى مجال، ومؤيدوه والمعارضون له كانوا على قدم المساواة لديه.
ويضيف «جبل» أن معظم بيوت كفر شكر عمل أبناؤها فى وظائف مختلفة لم يكن بوسعهم أن يصلوا إليها من قبل، كما أنه ترك أرضه التى ورثها عن أسرته للمزارعين الذين كانوا يستأجرونها ولم يتقاضَ منهم شيئاً ولم يستفد من قانون الإيجارات الزراعية الصادر فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك بعودة الأراضى لأصحابها، وقال وقتها كلمة لا ننساها: «هؤلاء أهلى ولن آخذ منهم شيئاً زيادة عما يدفعونه حتى لو أعطانى القانون هذا الحق».
وتابع أمين «التجمع» فى كفر شكر قائلاً إنه نشأ سياسياً على يد خالد محيى الدين، وكان يرى فيه زعيماً وطنياً بكل معنى الكلمة، مؤكداً أنه كان يقدر مواقفه الواضحة ضد كامب ديفيد ومعارضته للرئيس أنور السادات، وكان محل احترام من الجميع، بسبب مواقفه الناصعة والصلبة.
وما زال «جبل» يتذكر لـ«محيى الدين» أنه كان من عباد الله الذين يحبب فيهم خلقه ويختصهم بقضاء حوائج الناس، وكان شغله الشاغل الغلابة والفقراء والمحتاجين، وفى ختام حديثه يقول: «اليوم نترحم عليه ونفتقد عطاءه الوطنى.. ونقول له مشتاقون لحضورك يا زعيم».
وذكر محمد عراقى، أمين حزب الوفد بكفر شكر، أنه يرى فى خالد محيى الدين نموذجاً لإنسان محب لأهله وسعى بكل ما أوتى من قوة لتنفيذ طلبات الأهالى وتحقيقها لهم، سواء خدمات عامة أو خدمات خاصة، فمعظم أهالى كفر شكر التحقوا بالعمل الحكومى عن طريقه، وكانت مضيفة آل محيى الدين ومقر حزب التجمع فى كفر شكر مدرسة للعدالة الاجتماعية ونصرة المظلوم ومواجهة الفساد فى أى مصلحة أو وزارة.
ويضيف «عراقى»: غادرت حزب التجمع والتحقت بحزب الوفد فيما بعد، لكن ظل تقديرى واحترامى كبيراً لهذا المعارض الوطنى الحر، رجل السلام والمقاومة السلمية، والمحب لأهله وناسه ووطنه.
مدير مدرسة من تلاميذه: «علَّمنا الجرأة»
ويتابع قائلاً: تتلمذنا على يديه فى العمل السياسى، وهو زعيم بحجم أمة، وتعلمنا منه أصول العمل العام، وله بصمات وخدمات فى كل أنحاء كفر شكر، وما زال الجميع صغيراً وكبيراً هنا يعيش على ذكراه وأفضاله.
ويصف «عراقى» خالد محيى الدين قائلاً: «زعيم وطنى وأحد قادة ثورة 23 يوليو، ومن قيادات مجلس السلام العالمى، وزعيم المعارضة فى مجلس الشعب.. عرفته عن قرب، وكان نظيف اليد، عف اللسان، دائم الابتسام، وهو بلا شك كان معارضاً حراً شريفاً، كان يعبر عن الصوت الحر والمعارضة الوطنية المحبة لبلدها والحريصة على مصالحها».
وروى أمين «الوفد» فى كفر شكر موقفاً يتذكره للراحل، أنه ذات مرة كان لديه ضيوف من المسئولين وبعض السياسيين البارزين فى المضيفة، وجاء له بائع متجول حررت الوحدة المحلية محضراً ضده وحرزت بضاعته، فترك الرجل كل هؤلاء وذهب مع الشاب وحل له المشكلة ورد له بضاعته واستخرج له تصريحاً بالعمل فى المكان الذى كان يكسب منه رزقه، ولم يعد «محيى الدين» للجلسة إلا بعد الاطمئنان على حل المشكلة.
ويختم «عراقى» حديثه بالقول: أقول له فى ذكرى مئوية ميلاده: «وحشتنا أوى يا أستاذ خالد».
ومن أهم مواقف الراحل التى يتذكرها رفاقه وتلاميذه فى كفر شكر أنه عندما تم إسقاطه فى انتخابات البرلمان عام 2005 وخروجه من البرلمان لأول مرة منذ عدة دورات كان فيها زعيماً للمعارضة، تقبّل الأمر بحكمة وصدر رحب، ومنع أنصاره من أى رد فعل عنيف أو تخريبى، وجلس مع الجميع وعمد إلى تهدئة الموقف، فى الوقت الذى كان فيه الأهالى يرفضون صعود مرشح الإخوان على حساب زعيم المعارضة ونائب الأمة التاريخى.
وقال عبدالنعيم الزهار، مدير مدرسة فى كفر تصفا، مركز كفر شكر، ومن تلاميذ «محيى الدين»: إنه كان يعلمنا الشجاعة والجرأة فى العمل العام، وألا نهاب من أى مسئول مهما كان منصبه لأنه مكلَّف بخدمة الناس.
وأضاف «الزهار» أن «محيى الدين» كان يدرب الشباب على لقاء المسئولين وقضاء مصالح المواطنين، وكان يفتح مكتبه ومنزله وأمانات الحزب لهذا الغرض، ويروى مدير المدرسة موقفاً له مع «محيى الدين»، ويقول: «مازحته يوماً وهو يربط حزام الأمان وهو جالس على مقعد السيارة، وقلت له: بتربط الحزام يا أستاذ خالد؟!.. محدش هيقدر يوقفك وياخدك مخالفة»، فكان رده علىّ: «وعلشان كده أنا لازم أكون قدوة».
وتابع تلميذ «محيى الدين» قائلاً إن الرجل عاش ومات من أجل البسطاء، ودُفن فى مقابر العائلة وسط مقابر أهل القرية دون تكلف. ويحتفى حزب التجمع فى القليويبة، بإشراف كامل السيد، أمين الحزب بالمحافظة، بذكرى مئوية ميلاد «محيى الدين» بإذاعة فيلم وثائقى عن الراحل ودوره فى النضال الوطنى والسياسى وثورة يوليو 1952، ودوره كزعيم للمعارضة فى البرلمان.