كيكة بـ«الخروب» بدل الشوكولاتة.. حكاية مطبخ صديق للبيئة لا يدخله طعام محفوظ
حكاية مطبخ نوايا الآمن للصحة والبيئة
منذ أن استقرت في مصر، لم تستطع البنايات الشاهقة والديكورات العصرية التي تواكب أحدث خطوط الموضة أن تحوز على قلب «لورماري تابت»، ذات الأصل الإنجليزي، مثلما فعلت المساحات الخضراء بها، الطبيعة والطعام الصحي شغفها حبًا، فأثرت هدوء الريف عن صخب المدينة وأسست، بمشاركة فريق من الشباب، مطبخًا للسيدات هدفه الأول تقديم أطباق طعام صحي تحافظ على الهوية والتراث الريفي.
فكرة مطبخ «نوايا»
أن تجلس على سفرة أطباقها كلها من الطبيعة دون أي مجمدات أو مواد حافظة، فهذا بحدّ ذاته مدعاة للترقب والتساؤل عن كيفية إعداد ذلك الطعام، لمطبخ «نوايا» الكائن وسط الرقعة الزراعية بقرية أبو صير التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة، وقعه الخاص للعاملين به، بل لزائريه أيضًا، بمجرد العبور من البوابة الخارجية للمكان تنتقل إلى حياة الريف الهادئة ورائحة الخضرة، لا يكسر الصمت سوى زقزقة الطيور وصهيل الخيول.
داخل المطبخ الذي بدأ العمل به منذ عام 2014، تديره نساء مزارعات لإنتاج طعام صحي بمزيج من الطابع المصري الإيطالي، يعددن أصناف من البيتزا والمكرونة الإيطالية بمكونات مصرية ريفية طازجة، لا يلجأن إلى أي طعام محفوظ أو مجمد، هكذا روت «أم عبدالله» إحدى السيدات الأوائل في هذا المشروع، بداية فكرة المطبخ في حديثها لـ«الوطن».
طعام صحي بدون مواد حافظة
سنوات عديدة مرت سريعًا، نما معها المطبخ الريفي وزاد جمهوره من داخل وخارج البدرشين، وتطورت الفكرة في عام 2019 إلى تشجيع سياحة الطعام وإحياء ثقافة المأكولات التراثية والعودة إلى الجذور الريفية البسيطة كما كانت الحياة منذ عشرات السنين، بحسب رواية هدير أحمد، مدير الأنشطة والتدريبات في مشروع مبادرة مطبخ «نوايا» بقرية أبو صير.
ترتكز قائمة المأكولات في مطبخ «نوايا» على الطعام الموسمي الموجود في الطبيعة المحيطة به، فعلى سبيل المثال، وبحسب رواية مدير الأنشطة والتدريبات، في موسم البلح الذي تشتهر به دهشور التابعة لمركز البدرشين، تعتمد أصناف المطبخ على التمر والعجوة وصوص البلح: «بنعمل السلطة الخضراء بصوص البلح وحشو المخبوزات بالعجوة»، وذلك بهدف الاعتماد على الأكل الطازج دون استخدام أي طعام مجمد ومحفوظ.
العودة للأكل التراثي
«أجدادنا زمان كانوا بياكلوا من الزرع اللي لسه محصود من الأرض وطازة مش بيعتمدوا على المعلبات والمواد الحافظة»، تستكمل هدير حديثها عن المطبخ النسائي، وذلك من أجل طعام صحي وصحة أفضل، وحفاظًا على البيئة من المعلبات ومخلفاتها واستغلالا لخيراتها، بحسب تعبيرها.
«الكشك الصعيدي والعيش البتاو والفريك»، أصناف يقدمها مطبخ «نوايا» ضمن مبادرة إحياء التراث الريفي، سعيًا منهن إلى الترويج للقيمة الغذائية في الأكلات التراثية المصرية القديمة، إلى جانب اعتمادهن على المواد الطبيعية في صناعة الحلوى: «بنستخدم الخروب كبديل للشوكولاتة في عمل الكيكة» فلا يعتمدن على أي منتج مُصنع ومستورد من الخارج: «كل أصناف الأكل محلية ومن الطبيعة».
الخروب بدلا من الشوكولاتة لصنع الكيك
«كيكة الخروب» التي يتميز بها المطبخ الريفي الكائن بقرية أبو صير بالجيزة، تعتمد على الذرة الصيفي وليس الدقيق الأبيض لتحقيق قيمة غذائية أعلى، فضلًا عن حاجة القمح المستخرج من الدقيق إلى كميات كبيرة من الماء لزراعته: «الذرة مش بتحتاج مياه كتير في الزراعة وصحية أكتر وبكده نحافظ على البيئة وعلى صحة الناس» تماشيًا مع الهدف الرئيسي للمطبخ، بحسب رواية «هدير».
المشروع الذي يهدف إلى نشر ثقافة الطعام الصحي الصديق للبيئة، بدعم من مؤسسة دروسوس السويسرية، يفتح أبواب رزق للعشرات من السيدات الريفيات في البدرشين: «مشروعنا من بدايته لحد نهايته بنشتغل مع السيدات من البيئة المحلية حوالينا، وبكده بنخلق فرص عمل ومصدر دخل ليهم ولأسرهم».