سألوا «أم دنيا» عن مهنتها في حمل «القصعة» فقالت: «الشرف زادي وزوادي»
تعمل بكلية واحدة ولا تفصح عن مرضها حتى لا يؤثر على رزقها
«أم دنيا» تحمل شكائر الأسمنت
«عمرى ما أغضب ربنا أو أعمل حاجة حرام» جملة تتردد على لسان هبة طلبة، أو «أم دنيا» كما تحب أن يناديها الناس، كلما اشتد عليها التعب أو ضاقت بها الدنيا، إذ تخرج من بيتها فى مدينة كفر الشيخ مع نسمات الصباح الأولى متجهة نحو المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، لمواصلة عملها والعودة مع أذان العشاء، وما بينهما تجلس لتلتقط أنفاسها بضع دقائق ثم تواصل عملها فى صمت، غير مُعلنة أنها تسير بكلية واحدة وتعانى من مرض السكرى وآلام فى الغضروف، تتحمل أوجاعها حتى لا تفقد أجرتها التى قدرها 100 جنيه.
تحكى صاحبة الـ37 عاماً أنها اضطرت للعمل فى تلك المهنة الشاقة بسبب تدهور ظروفها المادية وتراجع دخل زوجها، فعزمت على تحمل مسئولية بيتها وحدها، لتوفير نفقات تعليم فتياتها الثلاث حتى التحقت ابنتها الكبرى بكلية الشريعة والقانون.
فيما تواصل الوسطى دراستها فى المرحلة الثانوية، وتعكف الصغرى على المذاكرة فى الشهادة الإعدادية، بينما تكافح الأم فى المدن المختلفة بعد أن اختارت الرحلة الأصعب: «كنت شغالة عاملة فى مستشفى بـ500 جنيه فى الشهر بس ما كانوش بيكفونا فقررت أشتغل فى المعمار». تحمل الخرسانة فوق رأسها، تضطر للنزول والطلوع بها عدة طوابق، تسير تحت أشعة الشمس الحارقة، وتعمل فى عز برودة الشتاء، مُتمنية أن تصل بفتياتها لبر الأمان وتتم رسالتها بنجاح: «بنتى الكبيرة اتخطبت ونفسى أجوزها وأجهزها، بس الدخل يدوب بيكفى الأكل والشرب وحتى علاجى ما بقدرش عليه بس راضيين بقسمتنا، وكفاية إن رزقنا حلال».
تعانى من مرض السكرى الذى سبب لها قرحة، بجانب آلام فى الغضروف نتيجة حمل أوزان ثقيلة، فضلاً عن عيشها بكلية واحدة بعد أن استأصلت الأخرى بعد تعبها: «بقالى 8 سنين فى الشغلانة دى وبتحمل تعبها عشان خاطر بناتى».
وتضيف أنها اختارت مهنة شاقة لكسب رزقها بالحلال، بعد أن أغلقت جميع الأبواب التى حاولت استدراجها لطرق غير مشروعة: «بنشتغل بشرفنا، وزينا زى الرجالة بنستحمل وبنشيل فوق دماغنا عشان نعلم ولادنا ونأكلهم»، مشيرة إلى أنها تتمنى أن تجد من يتكفل بمصاريف علاجها ويجهز ابنتها: «بقالى سنتين نفسى أسترها وما باليد حيلة».