نوقشت بكلية الآداب جامعة طنطا رسالة دكتوراه عنوانها: (موقف الجماعات الإسلامية المتطرفة من قضية التجديد الدينى.. اغتيال الشيخ الذهبى نموذجاً 1971- 1981م)، للكاتب المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية الدكتور عمرو عبدالمنعم، وجاءت الأطروحة كمحاولة لإعادة الصورة المغلوطة التى اتسمت فى أذهان البعض من أن قضية التجديد من اختراع ما بعد الحداثة، وتناول كيف كانت حقبة السبعينات واسطة العقد للقرن العشرين ممثلة فى عام 1979م نقطة الذروة لتلك الحقبة، حين تلاقى وتصادم شطرى المتوسط العربى والغربى، وبداية موجات الهجرة والنزوح إلى دول النفط، والثورة الخومينية، إلى تحول أفغانستان إلى حاضنة للجماعات الإرهابية.
وتناول تمهيد الدراسة الإطار النظرى ببيان الفرق بين التجديد والتبديد، وخصوصية الحالة المصرية وتاريخها الاجتهادى فى التطوير، فبدأ بفصل تناول فيه «التجديد الدينى ورواده فى السبعينات، ممثلاً بالمشايخ: جاد الحق والغزالى وموسى شاهين، وتعرضت الأطروحة لمشروعات التجديد خارج إطار المؤسسة الدينية، وهو ما سماه: «إسلام الأطراف»، وجعل من رواده: محمد عمارة، وطارق البشرى، وأحمد كمال أبوالمجد، ثم عرض لأفكار رموز التطرف الدينى أمثال: صالح سرية، وشكرى مصطفى، وعبدالسلام فرج، وناقش أفكارهم.
ولم تخلُ الرسالة من رصد الأفكار التجديدية التى قدمها رموز الثقافة الليبراليون، قبل أن يستعرض آراء الشيخ الذهبى التجديدية، التى دفع حياته ثمناً لها، وكيف كان يرى علاقته بالشباب المتدين، وكيف كان يسيّر وزارة الأوقاف، وموقفه من مُجددى عصره كالإمام محمد عبده، والحديث عن الإمام الذهبى ينقل الأطروحة لرصد جيل التنظيم الجهادى، وفقه العنف، وأوهام التجديد العبثية، وسلسلة القتل والدماء، انتهاء بموقف المؤسسات الدينية من التطرف.
وقد كان الباحث منصفاً للشيخ الذهبى، حين عده أحد أبرز رموز التصدى للتطرف الدينى فى القرن العشرين، وأبرز جهوده منذ عُين أميناً لمجمع البحوث الإسلامية عام 1975 ثم وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر حتى نوفمبر 1976، إلى أن اغتالته أيدى جماعة التكفير عام 1977م.
وشرح كيف أن الإمام الذهبى فنّد تهافت الجماعات المتطرفة وفسادها العلمى، وحين عمد فى أطروحته لدور «الذهبى» وفكره التجديدى أجاد فى ربط هذا الدور بالحياة اليومية، فالتجديد فى هذه الأطروحة لم يكن أمراً كمالياً أو ترفيهياً، بل ذهب إلى أن التجديد ضرورى، لأنه يمس الحياة اليومية الاجتماعية والاقتصادية، بما أنه يتعلق بعلاقة المسلم بربه، وعلاقته بغيره، وتأثير التجديد فى حياة المسلمين عامة.
كما أبرزت الأطروحة دور الأزهر الشريف فى مواجهة دعاة الإسلام السياسى، فبجانب دور الإمام الذهبى، رصدت دور الدكتور موسى شاهين، وتصديه للفكر المتطرف.وبقى تسجيل 4 نقاط:
1- إن تاريخ الأزهر فى مواجهة التطرف كان يلزمه إفراد فصل مستقل يكون كالتمهيد للرسالة، يرصد دور الأزهر من 1928 إلى بداية فترة الدراسة، وجهود أحمد شاكر والمراغى والدجوى ودراز والمشد وغيرهم.
2- خطأ اعتقاد أن تجديد الخطاب الدينى يدخل ضمن محاربة التطرف، وهذا خطأ وقع فيه كثيرون، مع أن تجديد الخطاب الدينى مرحلة تالية بعد مواجهة الفكر المتطرف، ولا أقول إن الباحث وقع فى هذا الخطأ لعدم اطلاعى على كل صفحات الرسالة.
3- إن الأطروحة جاءت مليئة بالأفكار وفق ترتيب تاريخى منهجى، وانتهت إلى خطورة جماعة الإخوان، وأن أفكار المودودى والبنا وقطب مهدت للعنف ولإلغاء فكرة الدولة الوطنية.
4- شارك فى هذا العمل -إشرافاً وتحكيماً- أساتذة من كبار المفكرين: الدكتور إبراهيم عبدالعال، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بآداب طنطا، مشرفاً، والدكتور أحمد سالم أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا مشرفاً، والدكتور محمد رفعت الإمام عميد آداب جامعة دمنهور مناقشاً، والدكتور محمد فياض، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة طنطا مناقشاً.