يشن تنظيم «الإخوان»، والجماعات التكفيرية المتحالفة معه، راهناً، سلسلة من العمليات الإرهابية والتخريبية التى تستهدف إشاعة الفوضى وإعطاء الانطباع بعدم الاستقرار والضغط على أعصاب الجمهور، تمهيداً لإسقاط الدولة.
يستهدف «الإخوان» الجيش والشرطة والمنشآت والممتلكات العامة، تحت زعم أن هذه المؤسسات ليست سوى أدوات نظام الحكم، لكن لا يوجد تفسير واضح لاستهدافهم المواطنين أنفسهم عبر قتلهم أو تخريب حياتهم.
لقد خرج عشرات الملايين من المصريين إلى الشوارع فى 30 يونيو 2013، مطالبين بالإطاحة بحكم تنظيم «الإخوان»، الذى أثبت عجزه وفشله وفاشيته. وتدخل الجيش دعماً لإرادة الجماهير، فمنع انزلاق البلاد إلى مخاطر الحرب الأهلية.
وفى 3 يوليو من العام نفسه، تم إعلان «خريطة طريق المستقبل»، وهى الخريطة التى تمت صياغتها بتوافق بين الأزهر، والكنيسة، والقوات المسلحة، والشرطة، والقضاء، وجهاز الدولة البيروقراطى، والقوى الثورية، والمعارضة الوطنية المدنية.
تضمنت «خريطة طريق المستقبل» التزامات واضحة ذات توقيتات ملزمة؛ أهمها تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً للبلاد، وتشكيل حكومة انتقالية، وإصدار إعلان دستورى، وإرساء ثلاثة استحقاقات دستورية؛ تتمثل فى تعديل دستور 2012 والاستفتاء عليه، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
أعطت «خريطة الطريق» وعداً وأملاً للمصريين بالخروج من النفق المعتم الذى أدخلهم فيه حكم «الإخوان»، وقد استطاع المصريون تلبية معظم استحقاقات تلك الخريطة على نحو مقبول، ولم يبقَ أمامهم سوى إنجاز الاستحقاق الأخير؛ أى الانتخابات البرلمانية التى باتت على الأبواب.
ثمة الكثير من المشكلات التى تواجه نظام الحكم، والدولة، والمواطنين، خصوصاً على صعيد توفير الخدمات، وضبط الأسعار، وإنعاش الاقتصاد، وإيجاد فرص العمل.
ليس هذا فقط، لكن هناك أيضاً بعض الإخفاق فى تفعيل الحقوق التى تم النص عليها فى الدستور، الذى تم إقراره فى شهر يناير من العام الماضى، إضافة إلى الكثير من المآخذ على أداء أجهزة الأمن، وعدم القدرة على استيعاب الشباب فى العملية السياسية، وبعض الانتهاكات المؤثرة لحقوق الإنسان.
سيؤدى استكمال العملية السياسية فى مصر على نحو نزيه وشفاف إلى كسب ثقة المجتمع الدولى، وتحقيق الاستقرار، والبدء فى إنجاز تحول ديمقراطى واثق وحقيقى، وهو أمر سيتزامن بالطبع مع تدفق الاستثمارات الخارجية ودفع عجلة الاقتصاد.
لكن «الإخوان» لا يريدون لهذه العملية أن تتم، ولا يريدون لخريطة الطريق أن تكتمل، ولذلك فهم يضعون العصى فى الدواليب، محاولين جر البلاد إلى الفوضى والعنف، بمساعدة بعض القوى الإقليمية والدولية، وبمساندة من جانب بعض القوى الداخلية التى تمنحهم، بحسن نية أو بسوء نية، غطاء لمواصلة إرهابهم وبطشهم بالدولة والمواطن.
يشن تنظيم «الإخوان»، وحلفاؤه الإرهابيون، هجمات على المصريين، ويستهدف تكدير حياتهم، وإذلالهم، وحملهم على اليأس، والعودة عن «خريطة الطريق»، والتسليم بالفشل، والمطالبة بعودة «مرسى» من جديد.
يطرح «تنظيم الإخوان»، الممول والمدعوم من الخارج، تحدياً وجودياً على الدولة المصرية؛ إذ يستهدف بقاءها ذاته، وهو أمر يصعب مهمة أى ناقد أو سياسى يريد أن يشير إلى مواقع الخلل فى أداء النظام والدولة، ويسعى إلى مواصلة العمل على تصويب الأخطاء، ومساءلة المقصرين، وتفعيل مطالب «25 يناير و30 يونيو»؛ أى «العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ورفض الفاشية الدينية».
لن يستطيع تنظيم «الإخوان» إسقاط الدولة، أو تفجير الأوضاع فى مصر، أو إعاقة «خريطة الطريق»، لأن المصريين ببساطة لا يقبلون ذلك الخيار. لكنه للأسف، قد يستطيع تعزيز نزعات الاستبداد، وإجهاد الدولة، وإعاقة فرص الإصلاح، وإخراس الأصوات الوطنية الناقدة العاقلة، التى لا يرضيها الكثير مما ترتكبه السلطة من أخطاء، ولا تحب أن تسكت عنه.
سيكف كثيرون عن النقد والمعارضة، أو ستخفت أصواتهم.. ليس طمعاً أو خوفاً، ولكن رغبة فى تفادى أن يكونوا معاول فى أيدى من يريدون هدم الدولة وإذلالها.