في مئوية توفيق الدقن.. أسرار وحكايات للشرير المغلف بالكوميديا: «تلغراف» أدخله الفن
الفنان توفيق الدقن
رسم طريقه ليصبح لاعب كرة قدم يسمع تصفيق الجماهير له بالملعب، ليتدخل القدر ويبدله بتصفيق أعلى للجماهير بالمسرح، إنه الفنان توفيق الدقن، الذي يروي المؤرخ الفني محمد شوقي عنه أنه كان يستعد لتغيير ملابسه بالنادي الخاص به كلاعب كرة قدم، ليطلب منه شخص أداء دور البطل بعرض مسرحي موجود بالنادي بسبب تغيب البطل لظروف طارئة، وهو الأمر الذي قابله بالرفض كونه لم يمثل في حياته ولا يعرف كيف يمثل أمام الجمهور بالمسرح، إلا أنه أقنعه بأن يؤديه بأي صورة، حتى لا يتم إلغاء العرض.
تصفيق على المسرح
وبصعود توفيق الدقن على مسرح النادي لأول مرة ليقوم بالتمثيل تبدل كل شيء، فأحب التمثيل وأحب أكثر تصفيق الجمهور له على المسرح، وأحب أيضا الثناء والمدح الذي قابله بعد العرض وكان بمقدمة هذا الثناء الذي جاء من روحية خالد التي طالبته بضرورة الاستمرار بالتمثيل كونه يمثل بإبداع وموهبة، وينتظره مستقبل كبير بالتمثيل، بحسب ما ذكر المؤرخ الفني.
صعوبات لتحقيق الحلم
وتابع المؤرخ الفني لـ«الوطن» أن لحظاته السعيدة بنجاحه لم تدم طويلًا، فعندما خفضت أصوات تصفيق الجمهور بالمسرح، تبدلت بأصوات البكاء والعويل من حوله بسبب فقد والده، ليجد نفسه مسئول عن أسرة يعولها ويتسلم مهام عمله كبديل لوالده المتوفي بالسكة الحديد بعد أن ترك بلدته، غير أنه لم يترك حلمه ولم يستسلم للظروف فقرر التقديم بمعهد التمثيل.
تلغراف أدخله الفن دون اختبارات
وأشار المؤرخ الفني أنه أثناء تأدية اختبارات القبول بالمعهد تعرض «الدقن» لسخرية من أحد الفنانين الكبار بسبب أسمه، جعلته ترك المعهد دون تكملة الاختبارات والعودة لبلدته، وبعد عام من الواقعة وصله «تلغراف» أعاد له الأمل وغير حياته كلها، فكان التلغراف من ذكي طليمات يخبره بقبوله بمعهد التمثيل دون أي اختبارات أخرى، بعد أن وجد به الموهبة خلال تأديته الاختبارات بالعام الماضي وظل الموضوع أمام عينه حتى ارسل في طلبه.
التفرغ للفن
وأكمل شوقي: جمع الدقن بين الدراسة بمعهد التمثيل وبين عمله بالسكة الحديد مع عمله ببعض المسرحيات مع عبد المنعم مدبولي وعبد المنعم إبراهيم، وتعد مشاركته بمسلسل سمارة عام 1956 بالإذاعة المصرية أمام سميحة أيوب نقلة أخرى في حياته، بعد أدائه لشخصية المعلم سلطان، الذي قدمه محمود إسماعيل في السينما، إذ حقق المسلسل دوي ونجاح كبير كانت البوابة التي عبر منها الدقن إلى معرفة الجماهير به وتعلقه بصوته، ليترك بعدها عمله بالسكة الحديد ويتفرغ للفن.
شخصية الباز افندي
وتابع أن نجاحه جعله اختيار يوسف شاهين في صراع في المينا، ثم شارك بـ"ودعت حبك" وبعض الأعمال الأخرى، ليبدأ بعدها مرحلة جديدة بدوره الكبير والأهم في ابن حميدو 1957، بشخصية الباز افندي التي ظلت عالقة بأذهان الجمهور إلى اليوم، وبعدها فيلم طاقية الاخفاء سنة 1960.
توفيق الدقن يقدم شر مغلف بالكوميديا
ويعتقد أن توقيت بزوغ نجم توفيق الدقن كان مهما للسينما والدراما المصرية، بعد أن تقدم العمر بمحمود المليجي واستيفان روستي وظل دور الشرير فارغًا فترة وجيزة، ليقدم الدقن كما يرى المؤرخ الفني الشر المغلف بالكوميديا.
جملة توفيق الدقن التي أفسدت فيلم نبيلة عبيد
وأشار إلى أنه تم الاستعانة بالدقن لتقديم 3 مشاهد فقط بفيلم «لايزال التحقيق مستمرًا» من بطولة محمود ياسين، والذي يعد الانطلاقة الأولى لنبيلة عبيد ومحمود عبد العزيز، وبحضور عرض الفيلم تفاجئ المخرج اشرف فهمي وأبطال العمل بتفاعل كبير من الجمهور بصالة العرض مع جملة توفيق الدقن التي لم تكن موجودة بالسيناريو، «خدوهم فقرا تفتقروا أكتر» ومن المعتاد أن تقال الجملة خدوهم فقرا يغنيكم الله، فعلى الرغم من أن الفيلم ميلو دراما ويتضمن أحداث حزينة ويقدم توفيق الدقن نفسه من خلالها دور شرير يفرق بين زوج وزوجته، ضحك الجمهور بشدة وطالب بإعادة المشهد أكثر من مرة، لتظل الجملة عالقة بأذهان الجمهور ومحور حديث النقاد عن الفيلم.
جمع بين الكوميديا والتراجيديا بنفس القوة
وأكد المؤرخ الفني أن توفيق الدقن من الممثلين القلائل الذين قدموا التراجيديا بقوة واقتدار إلى جانب الكوميديا، فتوفيق الدقن الذي قدم الشر وأغضب الجمهور واخافهم بادوار، تمكن من إستدراج تعاطفهم ودموعهم وبكائهم عليه بأعمال عديدة على المسرح أبرزها مشهد التوبة الشهير أمام سميحة أيوب بعد أن أدرك أبطال العمل أن بينهم وبين الموت لحظات بمسرحية سكة السلامة، وقدم العديد من الأعمال التراجيديا الهامة على المسرح منها: السبنسة والفرافير وبداية ونهاية على المسرح.
نجومية تألق حتى النهاية
ولفت إلى أن توفيق الدقن ظل بطل ونجم ومتوهج لآخر لحظة بعمره، فظهر بالسينما الالوان مع نور الشريف ومحمود ياسين وعادل امام وأحمد ذكي وسين فهمي بأعمال كوميدية وتراجيدية، وكان قاسم مشترك في أفلامهم، وكان مطلوب من المنتجين ويقدم بالعام الواحد 10 و15 عمل رغم من تقدمه بالعمر، وقدم دور مميز بفيلم مولد يا دنيا مع عفاف راضي ومحمود ياسين ودور رائع أيضًا مع عادل امام في فيلم على باب الوزير.
تألق بالاعمال التاريخية
ونوه عن تقديم الدقن العديد من الأعمال التاريخية الهامة أبرزها دوره بمسلسل جمال الدين الافغاني ومسلسل محمد رسول الله ومسلسل الف ليلية وليلة الذي قدم من خلاله شخصية (مفتاح سر التاريخ) مع نجلاء فتحي وحسين فهمي، لتنتهي حياته الفنية بوفاته عام 1988.