ابتلينا بالوصاية الدينية ممن حشروا أنفسهم ليكونوا وسطاء بين العبد وربه، فاعتبروا أنفسهم حماة الدين وحراس العقيدة، ليس على أنفسهم وإنما على الناس فى وظيفة شركية تجعلهم وكلاء عن الله فى دينه بما لم يجعله الله تعالى لرسله وأشرف خلقه الذين حدد مهامهم وهى الإبلاغ والتذكير. وقد نفذ هؤلاء الأوصياء إلى الناس من مدخل التعليم، وشغبوا بقوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (النحل: 44)، واستغفلوا البسطاء فى الاحتجاج بهذه الآية على ضرورة اتباعهم لمعرفة الطريق إلى الله تعالى، وفى سبيل إحكامهم القبضة على أتباعهم فإنهم يلاحقون مخالفيهم بالخوض فى ذممهم، وبالطعن فى دينهم بأقبح الأوصاف، وبما يفضح طمعهم الدنيوى فى السلطة والمال باسم الدين، حتى إذا وجدوا مساساً بمكاسب تجارتهم الرخيصة انكشفت دونيتهم بألفاظهم البذيئة وظنونهم الخسيسة. على العكس تماماً من مهمة الرسل الشرفاء الذين استجابوا لله فى تكريم البشر، حتى المخالفين لدعوتهم، كما قال سبحانه: «قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَالٍ مُّبِين. قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ. قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ» (سبأ 24-26).
قام المصريون فى الثلاثين من يونيو 2013م بثورتهم ضد هذه الوصاية الدينية؛ ليعيدوا للدين حريته، كما أمر الله تعالى فى قوله: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ» (الأنفال: 39)، ومقتضى أن يكون الدين لله هو أن يكون لكل أحد من البشر فيه مثل ما لصاحبه كما قال تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» (البقرة: 256)، وعلى أهل الذكر أن يلتزموا حدودهم كما أمر الله فى قوله سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (المائدة: 105).
وإذا كانت معركة المصريين فى مواجهة أوصياء الدين لا تزال قائمة فى الداخل من الإخوان ومواليهم، وفى الخارج من الدواعش وأذنابهم، فإن الابتلاء الجديد للمصريين هو ظهور طائفة أوصياء التاريخ الذين يعلنون احتكارهم للحقائق التاريخية وأكاذيبها، وهم من مواليد الأمس القريب، وبكل أسف يتكلمون عن أحداث سبقت ولادتهم بما يناهز أربعة عشر قرناً هجرياً من الزمان، وكأنهم الشهود الحصريون العدول؛ لأن هذه طبيعة الأوصياء الذين لا يرون إلا أنفسهم، ولا يسمعون إلا لذواتهم. إن أوصياء التاريخ المعاصرين، وهم فرع عن أوصياء الدين المتوالدين فى عصور الظلام، يطلبون من المصريين عدم قراءة كتب تاريخ الصحابة، رضى الله عنهم، إلا من خلال عيونهم؛ حتى يتمكنوا من السيطرة على الرأى العام وثقافته فتبقى لهم الكلمة على حساب حق المعرفة للتاريخ الإنسانى بأوجهه المتعددة. لقد فاتهم أن التاريخ عندما يكتب فإنما يكون بأقلام مدونين متعددى المشارب، ومن حق الأجيال التالية أن تقرأ كل الرؤى لتستخلص من مجموعها العبر، وما ثورة 25 يناير 2011م ببعيد، فمع معاصرتنا لها فإن المدونين المصريين اختلفوا فى حقيقتها؛ فمنهم مَن أعلى شأنها فى الثورات العالمية، ومنهم مَن حط من حدثها حتى وصفها بالمؤامرة، فهل يجوز لأوصياء التاريخ فى المستقبل أن يحجبوا إحدى الرؤيتين لأحفادنا، أم يجب تمكين الأجيال المقبلة من قراءة اختلافاتنا فى تدوين أحداثنا حتى يرتقوا على سلم هذا الاختلاف إلى ما هو الأحسن والأفضل لهم؟
لقد تسببت الوصاية التاريخية فى الأثر الذى يحكى ندم سيدنا أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، عن حرقه الفجاءة السلمى فى الإساءة لدين الله ولرسوله، صلى الله عليه وسلم، وللتاريخ، كما نوضحه فيما يلى:
أولاً: أما الإساءة للدين فبالمزايدة على الله عن طريق جمع محاسن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، ومآثره الكريمة فى حياته الشخصية وحبه للرفق والحلم، وإيثاره للرسول، صلى الله عليه وسلم، وتزكية القرآن الكريم لتقواه، ومصاحبته للنبى، صلى الله عليه وسلم، فى الهجرة، والذى استخلفه فى إمامة الصلاة، ثم فى حظوته بعد موته بالجوار الشريف. وكأن تلك المحاسن والمآثر تمنع خضوعه كسائر البشر من الحساب يوم القيامة، والله تعالى يقول: «فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى» (النجم: 32). ثم إن أبا بكر الصديق نفسه قد رفض تلك المزايدة على الله عندما قال: «لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمىّ فى الجنة»، وما كان هذا منه إلا لإيمانه بأن الغرور من صفات الشيطان، وأنه مهما عمل الإنسان من خير فلن يستحق الجنة إلا برحمة الله، كما أخرج الشيخان عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «لن يدخل أحداً عمله الجنة». فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ فقال: «ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا».
ثانياً: وأما الإساءة لسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبالانتقاص من حقه فى إتمام إبلاغ الرسالة التى كلفه الله تعالى بها منفرداً، فقام بها على الوجه الأكمل، وأشهد صحابته على ذلك فى خطبة الوداع عندما قال لهم، كما فى الصحيحين من حديث أبى بكرة: «ألا هل بلغت. اللهم فاشهد». وهذا يقتضى أن تكون رسالة الدين محصورة فى الوحى، منتهية بانقطاعه بعد الكمال، وأما فضل أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ففى الاتباع على قدر استطاعتهم وليس فى المطلق، كما كان النبى، صلى الله عليه وسلم، يقول لهم فيما أخرجه الشيخان عن أبى هريرة، رضى الله عنه: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، ويترتب على ذلك أن نعلن إيماننا بأن مؤازرة أبى بكر الصديق،رضى الله عنه، ونصرته للرسول، صلى الله عليه وسلم، إنما كان فى الأمور الحياتية أو الإنسانية وليس فى تلقى الوحى، فكان شأنه، رضى الله عنه، وسائر الصحابة أنهم من أهل التبليغ الذين بلغهم الوحى عن طريق سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلو حدث خطأ منهم -لا قدر الله- فإنه لا يُنسب للوحى، الذى يأتينا نقلاً صحيحاً متواتراً أو مشهوراً عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وليس تصرفاً من غيره حتى لا نتهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالتقصير فى الإبلاغ إلى أن أتمه فعل الصحابى. وهذا الفهم الذى نتحفظ عليه هو ما دفع البعض باتهام من ينتقص أحداً من الصحابة بالزندقة وسوء الظن بالقرآن الكريم، كما قال أبوزرعة الرازى، شيخ البخارى: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق؛ لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم الزنادقة». فهل هذا منطق علمى، أم أنه منطق وصائى؟
ثالثاً: وأما الإساءة للتاريخ، الذى هو حق للإنسانية بكل ما ورد فيه من صواب وخطأ، ومن صدق وكذب، فإن أوصياء التاريخ يريدون تقديمه لأهل عصرهم على الوجه الذى يرضيهم، ولو ترتب على ذلك الطعن فى الأعراض أو الكذب على الناس أو التستر على البعض، كما نوضح ذلك فى حكاية حرق الفجاءة السلمى فيما يلى:
(1) هاج أوصياء التاريخ على بعض روايات البيهقى فى «السنن الكبرى»، وابن عساكر فى «تاريخ دمشق»، وابن زنجويه فى «الأموال»، أن أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، قال فى مرضه: «وددت أنى لم أكن حرقت الفجاءة السلمى وأنى كنت قتلته سريحاً أو خليته نجيحاً»، يعنى مظفراً. بسبب أن مدار هذا الأثر على علوان بن داود البجلى، واتهموه بأنه لص. ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن أجل الدفاع عن سيدنا أبى بكر الصديق وقع أوصياء التاريخ فى خطيئة النهش فى الأعراض. وحتى ندرك حجم المصيبة التى وقع فيها أوصياء التاريخ فيجب أن نذكر سند الرواية التى بدأت من عبدالرحمن بن عوف، الصحابى المعروف، ونقلها إلى ابنه حميد، الذى نقلها إلى صالح بن كيسان، والذى نقلها إلى علوان بن داود البجلى، ومنه إلى الليث بن سعد. ولم يأتِ الطعن إلا فى علوان بن داود البجلى، واتهمه أوصياء التاريخ المعاصرون بأنه لص، فهل يعقل أن يكون الليث بن سعد، فقيه مصر المعروف (ت 175هـ)، لم يأخذ حذره فى النقل عن لص؟ ثم مَن الذى وصفه باللصوصية إلا هؤلاء الأوصياء؟ إن الإمام العقيلى نقل عن سعيد بن عفير أنه قال: «علوان بن داود زاقولى من الزواقيل»، فكان يجب على أوصياء التاريخ أن يتقوا الله فى ترجمة الزواقيل من المعاجم والاستعمال التاريخى، وسيعلمون أنهم قوم بناحية الجزيرة وما حولها، أو هم القوم الذين يرتدون عمامة زاقولية، وهى التى يرخى طرفيها من ناحية رأسه، أو التى تخرج الشعور من تحتها، كما قاله ابن دريد، وحكاه ابن منظور فى «لسان العرب»، كما حكاه الزبيدى فى «تاج العروس»، وزاد بأن الخارزنجى قال: الزواقيل هم اللصوص، واستدرك عليه بما قال ابن دريد إنهم قوم بناحية الجزيرة وما حولها.
وإذا انتقلنا إلى الاستعمال اللغوى فى كتب التاريخ لوجدنا الزواقيل قوم بناحية الجزيرة وليس اللصوص، كما تجنى البعض على علوان بن داود البجلى، ففى «سير أعلام النبلاء» للذهبى أورد لفظ الزواقيل مرات عديدة، والسياق يدل على أن المراد منه هؤلاء القوم، ومن تلك العبارات: «وجاء أخو المقتول إلى ناس من الزواقيل بحوران فاستنجدهم»، ومن تلك العبارات أيضاً: «فوقع ما بين العرب وبين الزواقيل»، وقد ترجم المحقق للزواقيل بأنهم قوم بناحية الجزيرة وما والاها. فهل يجوز الطعن فى عرض علوان بن داود البجلى بهذا التفسير الخاطئ؟! إن الذى لا يعرف قدره عليه أن يراجع «الثقات» لابن حبان، فسيرى أنه ضمه لقائمته، ويراجع قول الإمام الخلال: «علوان فى نفسه لا بأس به». وأما سعيد بن عفير، الذى وصف علوان بن داود البجلى بأنه زاقولى، فما أخطأ؛ لأن الزواقيل عنده قوم فى أطراف الجزيرة، ثم إن سعيد بن عفير مجروح فى شهادته عند بعض أهل العلم، منهم أبوحاتم الرازى الذى قال: «لم يكن سعيد بن عفير بالثبت، كان يقرأ من كتب الناس»، ومنهم الجوزجانى الذى قال: «كان سعيد بن عفير فيه لون من البدع، وكان مخلطاً غير ثقة».
(2) ماذا يقول أوصياء التاريخ فى رواية أخرى للبيهقى، ليس فيها علوان بن داود البجلى، تحكى ندم أبى بكر الصديق فى حرق الفجاءة السلمى؟ وماذا سيقولون فى نسبة هذا الحرق لأبى بكر الصديق فى العديد من المراجع الأمهات، ومنها على سبيل المثال «المغنى» لابن قدامة، و«كشاف القناع» للبهوتى، و«الترغيب والترهيب» للمنذرى، و«الاستيعاب فى معرفة الأصحاب» لابن عبدالبر، و«الإصابة فى تمييز الصحابة» لابن حجر العسقلانى، و«المؤتلف والمختلف» للدارقطنى. فهل كل هؤلاء كانوا يروجون للأكاذيب، أم أنهم معذورون فى الحكاية التاريخية؟!
(3) ماذا يقول أوصياء التاريخ فيما أخرجه البيهقى فى «السنن الكبرى» عن طلحة بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق، أن أبا بكر الصديق كان يأمر أمراءه حين كان يبعثهم فى الردة: «اقتلوا وحرقوا وأنهكوا فى القتل والجراح». كما أخرج بسند مرسل عن محمد بن المنكدر وصفوان بن سليم أن خالد بن الوليد كتب إلى أبى بكر الصديق فى خلافته يذكر له أنه وجد رجلاً فى بعض نواحى العرب يُنكح كما تُنكح المرأة، وأن أبا بكر جمع الناس من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسألهم عن ذلك، فكان من أشدهم يومئذ قولاً على بن أبى طالب، رضى الله عنه، الذى قال: إن هذا ذنب لم تعصِ به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار، فاجتمع رأى أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أن يحرقه بالنار، فكتب أبوبكر، رضى الله عنه، إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار.
(4) ماذا يقول أوصياء التاريخ فيما أخرجه البخارى عن عكرمة قال: أتى على، رضى الله عنه، بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: «لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم (لا تعذبوا بعذاب الله) ولقتلتهم لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)».
إن كل ما ورد فى تاريخ المسلمين بصدقه وكذبه، بحسنه وسيئه، رهن كسبهم. ولعل المغالطة التى يشاغب بها أوصياء الدين والتاريخ حتى أساغوا لأنفسهم احتكارهم للحقيقة المطلقة بزعم نصرة الدين هى فى إلحاقهم مكاسب الصحابة والتابعين من أعمال الخير والشر بالإسلام وليس بأصحابها، وكأنهم لم يقرأوا قول الله تعالى: «كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين» (الطور: 21)، وقوله سبحانه: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة: 134).
إننا نقرأ التاريخ بحلوه ومره لنرتقى بحضارة الإنسان التى ستكون مستقبلاً أفضل مما عليه الناس الآن، وما عليه الناس الآن أفضل مما كان عليه السابقون بدليل أننا تخلصنا من الرق والعبودية التى كانت سائدة فى السلف، كما توحدنا فى صفة المواطنة بعد أن كنا فى الوطن الواحد طائفتين؛ مسلمين وأهل ذمة، واحتكمنا لقانون معلن بعد أن كنا خاضعين لذمة القاضى، وكل هذا وغيره من الحضارة الإنسانية التى ستزيد مستقبلاً لا محالة، والتى لم ينعم بها السابقون غير أن حسبهم فضلاً وشرفاً أنهم أسسوا لمبدأ سلطان الإرادة الإنسانية فى الإنشاء والإعمار من خلال فهمهم لقوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (المائدة: 1)، وقوله تعالى: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا » (الإسراء: 34).
ومن هذا الأساس الدينى والحضارى لم يعد لمسلم حق فى أن يقتل أسيراً، أو أن يعذب محبوساً، ناهيك عن الحرق والذبح لمسلوب الإرادة، الذى صار فاعله بحكم الاتفاقات الدولية والأعراف الإنسانية الحضارية من مجرمى الحرب يُلاحق حتى تُقام عليه العدالة، وتنتصر الإنسانية لقول الله سبحانه: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ» (الإسراء: 70).