بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن أصدقائى هبة وهدى وسماح وليدى جاجا ودارين ومها ومروة وشهيرة وولاء ونانا وريهام، وعشرات بل ملايين المصريين، أحب أن أرحب بالعائد بعد طول غياب، بصاحب الفضل الأول والأخير فيما وصلنا إليه، «مع احترامى لكل وجهات النظر، لكل من يرانا فى مرحلة الزفت، أو ما بعد الزفت بقليل».. أرحب بالرجل الذى فجّر داخلنا طاقات مكبوتة، وخيالات أضحت فى غضون السنوات الأربع الأخيرة كتباً وأعمالاً فنية وشائعات، وغيره.. بالرجل الأسطورة الذى أثبت أنه لا يفنى ولا يُستحدث من عدم، والذى ضرب بيد من حديد على قفا كل مصرى، وها هو صوت القفا يرن فى أذنى، وأرانى أترنح بفعل رزعته القوية.
لن أطيل.. حيّوا معى رائد الثورة الحقيقية فى مصر، طائر النهضة الذى أعيانا البحث عنه، مفجر أفضل وأسوأ ما فينا.. رحبوا بالسيد «جمال مبارك» الذى أكد وبالدليل القاطع أنه «لو دبلت الوردة ريحتها فيها».
وللعلم يا سادة، الوردة لم تذبل، ما زال بريق ابن الناس الكويسين يلمع، ها هى إطلالته الساحرة، نفوذه الأخّاذ، لباقته ولياقته، الشيب الذى زحف إلى رأسه قليلاً لم يقض على الأسود واليابس فيها، ما زال للفل رائحته، وللطلة هيبتها، ولـ«الفَرْسة وفقع المرارة» رُعاتها الرسميون.
الآن وبعدما عاد الأخوان، هل انفرس الجميع، الأخ اللى ورا اتفرس، الست سماح اتفرست، الست هبة اتفقعت مرارتها، الأخت هدى هترجع تغطى تانى لجنة مدرسة مصر الجديدة وتشم برفانات آل مبارك.. عن نفسى لم أشعر بأى ضيق، فظهورهما لن يكون أكثر مرارة ووجيعة من خروجهما من السجن، وتحديداً «جمال»، العقل المدبر والمحرك الأساسى للخراب الذى حلّ على دولة أبيه، بمهارة منقطعة النظير، وبمساعدة مطلقة من الست والدته، أمدّ الله فى عمر خبثها وضيق عينها وابتسامتها الصفراء، بحيث أتمدد فى قبرى غير مأسوف على شبابى، وتتبغدد هى فى عز سنوات لم يزل عنها بعد.
يطل جمال مبارك بسحنته، التى حفظناها عن ظهر قلب، برابطة عنق مهندمة، وبذلة «واضح فيها الصرف»، وطلة كيوت، يهزم فيها ملك الإحساس ثومة العاشق عمرو حمزاوى، يعطيه كتفاً قانونية وهو يزيحه عن الطريق ولسان حاله يقول «أنا الجان ولا جان إلا أنا»، يبتسم لعدسات الكاميرا، يعرف أنها تلاحقه، يبتسم أكثر لكل معجب يقترب، ومريد يرغب فى سلام أو حتى قبلة، شعبية لا تتسنى إلا لنجوم السينما والتليفزيون، والحق لنجوم النظام الأسبق، ممن استطاعوا استعادة المصريين لحظيرتهم، ممن حصلوا على تقدير عوّضهم هتافات «الشعب يريد إسقاط النظام»، أى شعب إذن الذى هتف، وأى نظام هو الذى سقط، الحق أن نظام مبارك هو الذى أسقط ثورة يناير، وليس العكس، بمنطق «الشاطر اللى يضحك فى الآخر»، وها هو الآن، أكاد أراه، رأسه خلفه وفمه يتسع عن آخره، والضحكة تخرج من القلب، ينظر إلى الملايين، بعضهم حوله فى مستشفاه، والآخرون حول نجليه، وإعلام ما زال يسبّح بحمده، ورجال لا يملّون الإخلاص له، ونظام رغم ادعاءات الجميع ما زال متماسكاً قوياً، لا يخشى فى العودة إلى الحياة السياسية من جديد لومة ثائر.
نحن الآن جديرون بهتاف جديد.. مختلف.. يتواءم مع المرحلة.. ويتوافق مع معايير الديمقراطية التى نتغنى بها ولا ننفذها، ديمقراطية «الشعب يريد إسقاط (......)» أكمل مكان النقط.