بدأنا حديثنا فى المقالة السابقة عن العلاقة بين الملوخية وتكنولوجيا المعلومات بمصر، وأوضحنا أن غياب المنهجية والمعيارية أدى إلى ضمور هذا القطاع الهام بدرجة 90% تقريباً من حجمه الطبيعى لو كان البعد الاقتصادى العام هو الحاكم.
وسنركز فى هذه المقالة على البرمجيات وتأثيرها على القطاع وأسباب ضعفها وكيفية معالجتها.
نفرق فى البداية بين البرمجيات التى يستخدمها الفرد وتلك التى تستخدمها المؤسسات. برمجيات الفرد فى معظمها من النوع الجاهز أو ما نسميه بلغة الصنعة COTS وبرمجيات المؤسسات من النوع المعدل، أو ما نسميه بلغة الصنعة MOTS أو برمجة جديدة بالكامل.
المشكلة الحقيقية فى النوع التانى (برمجيات المؤسسات)، حيث إن النظام سيتم تنفيذه بعقول مصرية لخدمة مستخدم مصرى من خلال مشروع له عناصر تعاقدية تشمل خمسة عناصر مهمة (المواصفات - الوقت - التكلفة - السعر - القيمة). يجب أن يتم الأول (المواصفات) بمنهجية عالمية وليس بتوصيف «مجازى» ويتم عمل تقدير منهجى للعناصر الأربعة الباقية. حالياً يقتصر الأمر على توصيف مجازى وحسابات الأجهزة ورخص البرمجيات وأحياناً يضاف التدريب والدعم والصيانة.
يتطلب التعامل مع العناصر الخمسة منهجيات غير مستخدمة فى مصر للأسف بالرغم من وجودها فى العالم من حوالى 30 عاماً. أهم هذه المنهجيات هى: النقاط الوظيفية Function Points - المعمارية المؤسسية Enterprise Architecture - نموذج كوكومو (COCOMO) لاقتصاديات البرمجيات - المواصفات القياسية للبرمجيات وأهمها (IEEE).
فى حالة عدم استخدام هذه المنهجيات لا يمكن إقامة علاقة تعاقدية سليمة بين المورد والمستخدم. ويكون شراء البرمجيات بالحزمة مشابهاً لشراء حزمة الملوخية، مع الفارق أنك تتعاقد فى حالة البرمجيات على شىء لا تراه وسيورد لاحقاً. فى ظل غياب القياس ومنظومة الإدارة سينتهى الأمر بالوضع المأساوى الذى نعيشه فى مصر. البرمجيات لا يمكن تذوقها بشخص ولكن هى تسهل العمل وتحقق فائدة أى لها قيمة مادية وقد يستخدمها الملايين وستؤثر بشدة على إنتاجية وكفاءة المؤسسة.
إن غياب حساب جيد لأى من القيم الخمس المذكورة سيؤدى لفشل المشروع، وهذا ما أدى فى رأينا لضمور هذه الصناعة.
ومن ناحية أخرى، فإن المؤسسة المستخدمة للبرمجيات يجب أن يتم تقييمها معلوماتياً من خلال منظومة حوكمة بمنهجية الكوبيت COBIT.
وسنتعرض فى عمودنا المقبل لتكلفة وعائد استخدام هذه المنهجيات.