هل تعرف كيف تغوص فى أعماق ذاتك بحثاً عن لآلئ المشاعر الكامنة فى قواقع الروح؟ هل تعلم كيف تُلملم أحاسيس الحياة المبعثرة فى ملامح الطبيعة لتصنع منها سفينة نجاة؟ هل جربت أن تبحر بعيداً عن تفاصيل الألم والوجع ونقائص النفس لتسمو فوق معانى الانحطاط البشرى؟ لو لم تفعل فأرجوك أن تفعل لتعيش الحياة محبة وعطاء واكتمال نضج يرفعك لعنان السماء كلما ضاقت الدنيا عليك. نعم، فالحياة بغير حب تمنحه لمن وما حولك هى حياة بلا قيمة أو معنى. افتقدنا الإنسانية حينما ضاع الحب، وغلبنا فقر الروح حينما افتقرنا للحب، وهزمتنا قسوة الحياة حينما تلاشى الحب، فصرنا وحوشاً نرتدى أقنعة زائفة نغيّرها حسب المواقف، مهرجين فى سيرك الحياة نمارس فن الإضحاك من غير إحساس به. ولذا بات الحب مساراً إجبارياً علينا السير فيه مع منع السير عكس الاتجاه وتطبيق الغرامة على السائرين كراهية.
لا تظنوا كلامى شاعرية مفرطة فى زمن يزيد فيه الحديث عن غلاء الأسعار وانتشار المرض والبحث عن فرصة عمل ومكان فى المدرسة. لا تظنوا قولى رفاهية تماثل موقف مارى أنطوانيت حينما أخبروها بأن الفرنسيين لا يجدون الخبز فطلبت منهم أن يأكلوا الـ«بتيفور»! هو حديث نحتاجه جميعاً قولاً وفعلاً لتجميل وجه الحياة وتخطى مصاعب القدر، ولن نخسر من التجربة شيئاً أكثر مما خسرنا. استمع معى لأقوال الأديب جبران خليل جبران عن الحب وتفهّم معانى كلماتى لتدرك ضرورته لك كإنسان. «الحب كلمة من نور خطتها يد من نور على صفحة من نور»، فأنر طريقك وطريق غيرك واكسب فى ذاتك وغيرك ثواباً. وقوله «الحب لا يُعطى إلا ذاته، ولا يأخذ إلا من ذاته، وهو لا يملك ولا يُملك، فحسبه أنه الحب»، فامنح الحب وتبادل منافعه مع البشر وغيّر معالم حياتك وصورة الدنيا حولك دون انتظار مقابل لما تفعل، دون منّة أو أذى. اجعله وسيلةً وهدفاً وغاية. كن محباً لترى الوجود محباً. باختصار، عش إنساناً على الفطرة دون نوازع خسيسة وضيعة الهدف.
نعيش فى مجتمعات ترى فى الحب إباحية دون أن يعلموا أن ما حاولوا إهانته وتحقير شأنه هو الفطرة النقية وأن المشكلة كامنة فى نفوس لم تفكر إلا فى مساوئها، فحذرت الناس مما تفعله لا من الحب ذاته. نشأنا فى مجتمعات تؤمن أن الكراهية أمر يمكن الاعتياد عليه وتقبله دون مشكلات وإعلانها دون غضاضة. وتناسوا أن البغضاء مذمومة وأن إقرارها لا يخلق إلا العدم، والتهاون فى وجودها لا يمنح إلا الوضاعة. فهل حان الوقت لأن نمارس الاحترام ونتبادل المحبة ونتقن فن الحوار وننشر الحب أطيافاً حتى فى تعاملنا مع أدق القضايا فى الدولة. لو فعلنا لتغيرت معالم بلادنا ونيلها وناسها وحكومتها ومسئوليها. فحين نحب الأرض والواجب ونتقن فن أداء المسئولية ونمعن فى اختيار الأشخاص وندقق فى المعانى ونتأكد من أداء العمل بإتقان ونحفظ للجميل مكانة وللمعروف ذكرى، لحظتها نكون قد منحنا الحياة حباً وأخذنا منها متعة لا توصف.
بعيداً عن كل المشكلات.. صباح الحب.