على عهدة جريدة «الشروق» قال مصدر سياسى رفيع إن دوائر السلطة فى القاهرة أرسلت إلى الفريق أحمد شفيق، المقيم فى الإمارات، «رسالة واضحة ونهائية» بأن عليه أن يوقف النشاطات التى يقوم بها والتى يسعى من خلالها للبقاء على الساحة السياسية فى مصر أو العودة إليها، وبحسب المصدر فإن هذه الرسالة جاءت بعد رصد تحركات لشفيق تهدف إلى زعزعة شرعية الرئيس المنتخب.
هذا جزء من تقرير مطول نشرته الجريدة يوم الاثنين الماضى تحت عنوان «الدولة ترد على تحركات شفيق المريبة: انسى».. رسالة «السيسى» -وليس دوائر السلطة- لـ«شفيق» دفعت إلى السطح ما كان كامناً فى الأعماق. ويمكننا التخمين بأن الحملة المعنونة بـ«انت الرئيس» كانت الخطوة الأخطر التى دفعت بالرئاسة إلى التحرك ضد «شفيق»، ربما تكون تحركت بخطوات أبرز وأهم قبل ذلك، لكن تلك هى المرة الأولى التى تتحرك بها بهذا الشكل المعلن. «انت الرئيس» حركة تولت تنظيم حملة أغرقت العديد من شوارع وسط البلد باليافطات التى تحمل صور «شفيق»، وتجللها عبارة «عايزين الفريق شفيق يرجع مصر». من الطبيعى أن تستفز عبارة «انت الرئيس» الرئيس «السيسى»، وفى هذا السياق نستطيع أن نفهم رسالته إليه والتى لخصتها كلمة «انسى». وقبل رسالة «انسى يا شفيق» بحوالى يومين كان الجنرال المتقاعد قد صرح لجريدة «الوطن» أن حملة «انت الرئيس» تطالب فقط بعودته إلى مصر، وأنه ينظر إلى «السيسى» كرئيس شرعى للبلاد، وهى عبارة عجيبة، ولافتة، رغم أنها تقر واقعاً.
وليست هذه الرسالة الأولى التى يبعث بها «السيسى» إلى واحد من كبار فلول دولة «المخلوع»، فقد سبق أن بعث برسالة إلى «أحمد عز»، ومن اللافت أنها جاءت عبر جريدة «الشروق» أيضاً، قال له فيها: «الصمت أو السجن»، لكن أمر رسالة «شفيق» يختلف، بحكم أنه «ناظر مدرسة الفلول» بجدارة. وأتصور أننا لسنا من السذاجة لنفسر رسائل السيسى كمحاولة لمحاصرة الفلول أو منعهم من ممارسة العمل السياسى من منظور «ينايرى»، أو استجابة لاستحقاقات ثورة يناير بمحاصرة من ساهموا فى الفساد والإفساد أيام دولة المخلوع، الأمر الواضح والذى سأجليه لك بالتفصيل هو أن «السيسى» ينظر إلى «ناظر مدرسة الفلول» كواحد من كبار الطامعين -هو وأعضاء مدرسته- فى السلطة. وهو أمر من الطبيعى أن يثير قلق الرئيس، لأن السلطة لا تعرف «الهزار».
من هنا يمكننا استيعاب العديد من العبارات العجيبة التى اشتملت عليها رسالة «السيسى» إلى شفيق، لو صحت المعلومات التى نشرتها جريدة «الشروق، وهى لا تقل إثارة عن عبارة «شفيق»: «السيسى هو الرئيس الشرعى للبلاد»!. فغير عبارة «انسى يا شفيق»، حملت الرسالة مجموعة من العبارات الأخرى، مثل: «لو مرسى راجع فإن شاء الله شفيق ممكن يبقى الرئيس»! وفى تقديرى أن الجمع بين «مرسى» و«شفيق» فى عبارة واحدة أمر له دلالته، ويحمل معانى عديدة تؤكد أننا أمام صراع ليس سهلاً بين طرفين، أحدهما يتسلح بشرعية الانتخاب، والآخر يتلحف بإحساس ذاتى بأنه كان الأولى بالمشهد. وهو فى الحالتين صراع يستند إلى حقائق السياسة التى أفرزتها موجة «يونيو 2013»، وأبعد ما يكون عن «يناير 2011».