جايز يكون عنوان المقالة غريب بالنسبة لحضراتكم، أو على الأقل لبعضكم، لكن أنا واحد من الناس اللى كل حاجة فى حياتى ليها ريحة، آه والله، يعنى زمان وأنا صغير كانت أيام المدرسة ليها ريحة مميزة جداً، بينى وبين نفسى كنت بقول أنا لسه صغير ويمكن يكون بيتهيألى لكن كنت كل ما أكبر شوية وخصوصاً بعد الإجازة ما تخلص أشم نفس الريحة أول ما ترجع أيام الدراسة.
الموضوع ما وقفش هنا لأن فكرة الريحة بقت ملازمانى طول حياتى وبقت بتميزلى كل حاجة وأيقنت أن الريحة مش بس للحاجات الملموسة زى البرفان اللى بنحطه أو ريحة الأكل اللى بنحبه، لا دا أصبح كل شىء فى حياتى له ريحة.
أكيد مستغربين كلامى أو مش بعيد تكونوا بتقولوا عليا مجنون أو يمكن بكتب أى كلام، لكن والله أبداً، أنا بتكلم بجد جداً، والمشكلة أن الريحة ما بقتش بس للزمن دى كمان بقت للأحاسيس، يعنى مثلاً لما تمسك إيد حبيبتك فى عز البرد وإنت حاسس إن بين إيديك سعادة الدنيا كلها، بغض النظر عن المقلب اللى عادة بيحصل بعد كده بس عموماً يعنى الحالة دى بيبقالها ريحة وساعتها بتكون حاسس إن نفسك بيملى صدرك ورجلك بتدب على الأرض، ولما تقابل حد إنت كارهه بتحس إن نفسك مقطع زى ما تكون بتنهج ونفسك الأرض تنشق وتبلعه وبرضه الحالة دى ليها ريحة، مش هفضل أقول كل الأحاسيس أكيد، لكن اللى عايز أتكلم فيه بصراحة أن مع تغيير الزمان ورتم الحياة اكتشفت أن مش بس الزمن اللى بيتغير ومش الناس كمان ده حتى الريحة بتتغير.
كل سنة وحضراتكم بخير رمضان خلاص على الأبواب بعد أقل من أسبوع، وبمنتهى الصراحة رمضان وحشنى، والله وحشنى بس بقيت حاسس إنه مش هو هو رمضان، زمان كنت بحس بيه وبشم ريحته من قبل ما ييجى بشويتين، من أول ما بتبدأ كل البيوت تحضرله وتشتريله الخزين، لكن بقالى كتير مش شامم ريحته، رغم أنه شهر العبادة والصوم لكن زى ما بيقولوا ساعة لربك وساعة لقلبك وعشان كده أكيد بيكون فيه أماكن تتراح زى الخيم بتاعة زمان اللى كانت بتفتح فى رمضان بس وتقفل بعد كده واللى دلوقتى خلاص اختفت خصوصاً بعد ما بقى فيه كافيه فى كل بيت تقريباً، واللى بستغربه إن رمضان بقى مجرد تغيير مواعيد الأكل لفطار وسحور وتعديل أنواع الأكل مع الديكور الشيك اللى هو عبارة عن الفراشة الظريفة ذات النقوش الإسلامية المميزة بألوانها الأحمر والأزرق والأبيض، بقى هو ده رمضان.
ياااااه والله ما قادر أصدق رمضان زمان كان ليه هيبة بجد، مش مجرد فراشة متعلقة ولا منيو أكل اتغير، رمضان زمان كان لمة للعيلة والصحاب، مش مجرد رسالة تقضية واجب على الموبايل اللى من يوم ما ظهر فى حياتنا وكل حاجة بقى طعمها ماسخ، حتى المشاعر، والله بجد، النهارده لما حبيبتى تكلمنى وأقولها وحشتينى أبقى كداب، لأنها هتوحشنى إمتى؟ ماحنا كل شوية رسالة واتصال، ما علينا عشان موضوع الموبايل ده لو اتكلمت فيه مش هخلص دانا مبقوق منه.
نرجع لموضوعنا، أنا طبعاً مش عارف مين من حضراتكم فرحان باللى إحنا فيه دلوقتى ومين بيتحسر على أيام زمان لكن أنا واحد من الناس اللى نفسى نرجع زى زمان خصوصاً أيام رمضان، نرجع عيلة وأهل وصحاب، نرجع نسأل على بعض بجد مش برسالة ولا مرسال، نفطر سوا ونتسحر ونتقابل فى الصلاة، نستحمل بعض ونقوى بعض، ونضحك على أيامنا مع بعض زمان لما كنا بنتسحر وننام عشان نروح المدرسة ونطلع لسانا قدام بعض عشان نثبت أن ما حدش فينا فطر، نفسى ندور على اللى غطسوا فجأة من حياتنا ونسيناهم يمكن محتاجين لينا ومش قادرين يوصلولنا، نفسى نسامح، ونفتكر اللى كانوا معانا ورحلوا ونقرالهم الفاتحة ولو نقدر نعمل خير باسمهم.
الزمن طالما عدى عمره ما بيرجع تانى، ربنا خلقه كده واللهم لا اعتراض، لكن اللى نفسى فيه إننا طالما عارفين إننا ما نقدرش نرجع بالزمن يبقى على الأقل نحاول نرجّع ريحة زمان.