عبّر الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل عن استغرابه من سماح جماعة الإخوان بوضع مادة فى مسوّدة الدستور تجعل من القوات المسلحة دولة داخل الدولة. وكان يقصد بذلك على وجه التحديد المادة رقم «196» التى تنص على: «یختص مجلس الدفاع الوطنى بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمین البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، على أن تدرج رقما واحدا فى ميزانیة الدولة، ویجب أخذ رأيه -أى مجلس الدفاع الوطنى- فى مشروعات القوانین المتعلقة بالقوات المسلحة». ويشكل الأعضاء العسكريون داخل هذا المجلس نسبة لا تقل عن 80% من تركيبته، الأمر الذى يعنى أن موازنة القوات المسلحة، والقوانين التى تحكمها، سوف تناقش داخل البيت العسكرى، بعيداً عن أعين الأجهزة الرقابية!
يا شيخ ما وجه الاستغراب فى أن يسمح الإخوان بذلك؟! أنت «سيد العارفين»، ما عليك إلا أن تتذكر فقط موقف الجماعة من المجلس العسكرى خلال الأشهر التى أعقبت الثورة، وكيف حرصت على الدفاع عنه، بكل الطرق، ورضيت عن قتل المتظاهرين فى ماسبيرو، ومحمد محمود فى أحداث نوفمبر 2011، حين خرج عشرات الآلاف من المصريين يطالبون المجلس بتحديد موعد لتسليم السلطة، الأمر الذى أدى إلى خطاب المشير الشهير الذى أعلن فيه أن المجلس سوف يسلم السلطة للرئيس المنتخب فى 30 يونيو 2012. وهو الإنجاز الذى استفادت منه جماعة الإخوان وحدها! أظنك يا شيخ حازم تتذكر كيف كنت -أنت نفسك- تخرج لتنتقد بأعلى صوتك سياسات المجلس العسكرى، فى الوقت الذى خرست فيه أصوات الإخوان. مؤكد أنك يا شيخ تعلم أكثر منى أن حماية موازنة القوات المسلحة من أى رقابة هو جزء من الصفقة بين الإخوان والعسكر!
ولست أدرى كيف سترد الجماعة على كلام الشيخ حازم (وهو شاهد ليس بعيداً عن أهلها)، وماذا ستقول عنه؟ هل سيتهمونه بالعلمانية أو الليبرالية أو الفلولية، كما يفعلون مع غيره ممن توجه إليهم الانتقادات نفسها؟ الشيخ «حازم» إسلامى ابن إسلامى، حتى النخاع، يتبنى الكثير من الأفكار التى يتبناها الإخوان بل ويزيد عليهم، تزيّن وجهه لحية أكثر طولاً من لحى رموزهم، ويعطّر كلماته بـ«قال الله تعالى وقال الرسول صلى الله عليه وسلم»، كما يفعلون وأكثر، يحتشد خلفه شباب لا يقلّون فى ولائهم له عن ولاء شباب الإخوان لمرشدهم. أتصور أن الشيخ حازم وضع الجماعة فى موقف «بايخ» جداً، عندما شدّد على هذا الجانب فى صفقتها مع العسكر فى أكثر من مقام. مشكلة الإخوان، جماعة، وحزبا، ورئيسا، ووزراء، ومحافطين، وخطباء، وأتباعا، أنهم لا يفهمون أنهم سيؤتَون من حيث لم يحتسبوا.. حكمته!