إن انتقادنا لسلبيات كثيرة فى العهد الحالى، لا يعنى بالمرة أن ما قبله كان عهد الكفاءة والنزاهة والمشروع الإسلامى.. ولكى لا ننسى، إليكم قصة حدثت فى مثل هذه الأيام من عامين.. ففى مايو 2013، تم تعيين شاب عديم الخبرة والكفاءة والاتزان وزيراً لوزارة الاستثمار التى يتبعها مركز إعداد القادة بالعجوزة وكل الجهات الخاصة بالاستثمار، فضلاً عن 150 شركة قطاع أعمال كبرى.. جاء الرجل من اللاشىء، فهو خريج كلية الألسن ولم يعمل بشهادته، وإنما تركزت خبرته فى بيع كروت الشحن والشحن على الطاير بإحدى شركات الاتصالات، ثم انضم إلى الحملة الانتخابية للدكتور مرسى، فلما فاز كافأه بتعيينه مستشاراً فى القصر الجمهورى ثم تعيينه وزيراً للاستثمار(!) رغم أن فى الجماعة عدداً من الدكاترة فى هذا المجال، لكنه «حكم الشلة»، كما قال لى أحد قيادات الجماعة المتضررة وقتها (صادر ضده حكم غيابى بالإعدام الآن للأسف).. ما كاد الغلام يُستوزر حتى أتى بأصدقائه من الجماعة وشركة الاتصالات يسامرونه فى هذه العزبة الحكومية التى تم إقطاعها له، ويلتهمون وجبات وساندويتشات من أشهر مطاعم الكباب والحلويات.. وطلب شراء غرفة نوم وزارية من شركة «استقبال» التى يملكها حسن مالك، وعندما امتنع المدير المالى عن سداد أول فاتورة (حوالى 80 ألف جنيه)، لعدم وجود بند فى الميزانية، قيل له إننا كنا نفعل ذلك يومياً فى قصر الرئاسة، دون أن يقول لنا أحد شيئاً عن حكاية البند الذى لا يسمح.
كنت حريصاً على أن يحتفظ مركز إعداد القادة بمسافة واحدة مع الجميع، وكان يحدث أن ينعقد فى القاعة نفسها مؤتمر صحفى لجبهة الإنقاذ يعقبه آخر لجبهة الضمير، لكن مع اقتراب 30 يونيو، بدأ التضييق على الفنادق لمنع أى فعاليات لجبهة الإنقاذ (بالضبط كما كان يحدث مع فعاليات «كفاية» والإخوان أيام «مبارك»)، فازدادت كثافة فعالياتهم فى مركز القادة الذى لم أكن أمنع فيه أحداً.
وفى الأسبوع الأخير من يونيو أبلغت رسمياً عدة مرات، آخرها مساء الثلاثاء 25 يونيو، بأن رئيس الوزراء هشام قنديل ووزير الاستثمار يحيى حامد، مستاءان من ترديد شعارات مناهضة للحكومة فى المركز (بتاعهم)، وطلب منى إيقاف هذه الفعاليات، اعتباراً من اليوم التالى، فرددت بعنف على محدثى، وقلت له لماذا لا يتصل بى أى منهما مباشرة لأقول له إن هذا المركز (مش بتاع حد) وإنما هو ملك للدولة وليس ملكاً للسلطة، وإن للدكتور البرادعى حقاً فيه مساوياً لحق الدكتور مرسى، وكذلك لحمدين حق مساو لحق عصام العريان، وكلهم أصدقائى.. فى مساء اليوم التالى ألقى الدكتور مرسى خطابه الماراثونى الذى انتهى فى الساعات الأولى من صباح الخميس 27 يونيو، وأعلن تكليفه الوزراء بإقالة الفاسدين والفلول والمسئولين عن أزمات البنزين.. فإذا بالإقالة الوحيدة فى اليوم التالى هى للمهندس يحيى حسين مدير مركز إعداد القادة، مما أثار موجة من السخرية والغضب.. صدر القرار أثناء انعقاد مؤتمر لشباب الإخوان فى القاعة نفسها التى عقد فيها فى اليوم السابق مؤتمر لـ«تمرد».. اعتصم العاملون بالمركز لمنع تنفيذ القرار وانضم إليهم عدد كبير من القوى الوطنية.. علمت أن كثيرين من الإخوان انتقدوا قرار الإقالة فيما بينهم، لكن، كعادة «التنظيم»، فإن صوتاً واحداً لم يدنه علناً، باستثناءات معدودة كمحمد عبدالقدوس وجمال نصار وأحمد رامى.. وفى صباح الأحد 30 يونيو تفرّغ الوزير لتقديم بلاغات وزارية سرية ضدى (لم أعلم بها إلا بعد انتهاء الأحداث) إلى النائب العام الملاكى الذى قام بتحويلها فوراً إلى نيابة أمن الدولة العليا (!).
مساء 30 يونيو 2013، هرب وزير الساندويتشات إلى «رابعة»، ومنها إلى قطر، حيث الساندويتشات بتمويل أجنبى.. أما الساندويتشات المصرى فلم يقل لنا أحد حتى الآن كيف تمت تسويتها؟