رحلة «يوسف» مع الخير تبدأ بـ«وقفة المطبخ» وتخلص مع أذان المغرب
على طاولة خشبية أمام فيلته بعرب حى المعادى، يقف الحاج «يوسف» ليعد طعام الإفطار فى رمضان بنفسه لبسطاء منطقته، منذ 12 عاماً، موعده ثابت، يقوم بإعداد الطعام وسط أوانى الطهى والباجور، لإدخال الفرحة فى قلوب من حوله والإفطار فى مائدة الرحمن التى يعدها مع الأسر الفقيرة طوال الـ30 يوماً.
مظهره اللائق ومستواه الاجتماعى المعروف بين جيرانه، لم يمنع يوسف محمود من الوقوف بنفسه فى الشارع لإعداد الطعام لبسطاء منطقته والإفطار معهم على نفس المائدة، «بقالى سنين بقف نفس الوقفة فى رمضان قدام البيت عندى، بخرج من العصر بالحلل والأكل واطبخ بنفسى وأحياناً بخلى أهل بيتى يساعدونى، ومش بيهمنى كلام الناس إنى صاحب فيلا وعندى فلوس وقادر أجيب طباخين وبطبخ أنا بنفسى، لأن الثواب لازم الواحد يعمله بنفسه ويتعب فيه»، يفكر الرجل الخمسينى دائماً فى مساعدة الأسر الفقيرة بالمنطقة دون المساس بكرامتهم، فاعتاد يومياً إمدادهم بوجبات طعام وقت الإفطار، أملاً فى رسم البسمة على وجوههم، «فيه غلابة بيتحرجوا يقعدوا فى موائد رحمن، والأسر اللى أعرفها فى المنطقة عزيزة النفس ومحتاجين ومش بييجوا المائدة عندى، بخلى عيالى يروحوا لحد بيوتهم ويوزعوا عليهم الوجبات وهما فى أماكنهم من غير ما أجرح كرامتهم».
حالة من الفرحة والسعادة تنتاب الحاج «يوسف» بمجرد وجوده وسط فقراء منطقته، فقبل أذان المغرب بساعات، يعشق الوقوف على طاولة إعداد الطعام فى محاولة لإسعاد غيره، «حبى وإحساسى بالناس المحتاجة وراثة عن أبويا، طول عمرنا مربينا إن اللى فى إيدينا لغيرنا ومهما وصلنا لأعلى المناصب مننساهمش، عشان كده شهر رمضان بالنسبة ليَّا يعنى أفضل فى وسطهم، أطبخ ليهم الصبح وأفطر معاهم وقت المغربية وبتبقى أجمل ساعات عمرى».