افتتاح القناة الجديدة، أو التفريعة الجديدة لقناة السويس، ليس بالحدث الهيّن، وذلك لعدة اعتبارات، أولها الفترة الزمنية القصيرة التى تم فيها المشروع (وهى فترة العام)، والتى تعد إنجازاً بكل المقاييس، وثانيها أنه يرتبط بمرفق دولى، نعم هو ملك لمصر ملكية خالصة، لكنه يخدم الملاحة الدولية العالمية. ويحق لمن قام بهذا الإنجاز الاحتفال به و«بروزته» من أجل الفرح به، لكن يبقى أن أى تقصير فى إخراج «الاحتفالية» على الوجه الأكمل، سوف يكون مدعاة للتوقف وتأمل حجم وقيمة الإنجاز، فإذا خرجت الاحتفالية بشكل منطقى ومقنع، فإن ذلك سيكون تعبيراً عن منطقية وإقناعية الإنجاز، وإذا كان العكس فالعكس. فالعلاقة بين الشكل والمضمون علاقة أساسية، مهما أنكر البعض ذلك.
نحن الآن على بعد أسبوع من الافتتاح، وحتى الآن لا تجد معلومات ذات قيمة عن الفعاليات التى سيشهدها الافتتاح. ما هو متاح حتى الآن مجرد كلام نمطى وتقليدى عن بعض الفعاليات، مثل تجهيز سفينة تقل الرئيس، وإعداد مجموعة من السفن لتشارك فى الاحتفالية، وقد وصل الأمر إلى الحديث عن رفع الأعلام على السفن المشاركة، وعلى شواطئ مدن القناة، وكأن ذلك خبر أو معلومة!. فهل من المتصور أن تتم هذه الاحتفالية، دون رفع علم البلاد؟!. حتى الآن ليس لدينا معلومات دقيقة عن الضيوف المشاركين فى الحفل، رغم الحديث السابق المفرط من جانب مؤسسات الدولة عن دعوة العديد من الشخصيات الدولية للمشاركة، بل قد تواترت معلومات أن الرئيس دعا عدداً من زعماء العالم لحضور الاحتفالية خلال الزيارات الخارجية التى قام بها، وحتى الآن ليس هناك تأكيدات على حضور الزعماء الذين وُجهت الدعوة إليهم فى هذا السياق.
الكلام العام عن خطة الاحتفال لا تسمن ولا تغنى من جوع، وتوفير قاعدة معلومات دقيقة تؤدى إلى استنارة الرأى العام بالحدث أمر له ضرورته، خصوصاً أن بين المصريين من يظن أن الاحتفال يرتبط بحدث سوف يؤتى أكله فوراً، وتظهر ثماره ونتائجه الإيجابية فى تحسين الأوضاع الاقتصادية المضنية التى يعانون منها بشكل سريع. وهذا الكلام غير حقيقى، وقد أكد المسئولون عن المشروع ذلك، لكن لم يسع أحد إلى بلورة خطاب إعلامى يقرّب إلى المواطن العادى المسألة ويشرح له أن آثار المشروع سوف تظهر بعد عدة سنوات من تدفُّق الاستثمارات على إقليم القناة، والسر فى ذلك بالطبع هو غلبة الرغبة فى «الشو» و«الاستعراض» على الموضوعية والدقة فى تقديم المعلومات. ومشكلة هذا النمط من الأداء أنه يمكن أن يؤدى إلى إحباط المواطن، بسبب غياب الحقائق التى تضع له الأمور فى نصابها.
نحن بصدد حدث مهم، لا بد أن تدار الاحتفالية الخاصة به، وكذلك أسلوب شرح أبعاده للمواطنين، إدارة موضوعية، بحيث تضيف إلى المشروع، ولا تخصم منه. على القائمين على تنظيم الاحتفالية التخلى عن منهجية «موضوعات الإنشاء» فى أدائهم الشارح لشكلها وموضوعها، لأن نمط أدائهم الحالى لا يقل كوميدية عن أداء طالب الثانوية العامة الذى يستعد للإجابة عن سؤال «التعبير» فى امتحان اللغة العربية!.