«أموالنا وحقوقنا ردت إلينا
سنبنى السد العالى معتمدين على سواعدنا واتحادنا ودمائنا»
الأهرام ٢٧ يوليو ١٩٥٦
كان ذلك مانشيت الصفحة الأولى بالأهرام صباح إعلان الرئيس عبدالناصر تأميم قناة السويس.
ذكّر «عبدالناصر» المصريين فى خطاب إعلانه تأميم القناة بيوم اقترح ديليسبس على الخديو محمد سعيد حفر قناة بين البحرين سنة ١٨٥٤.
وفى عام ١٨٥٦ تكونت شركة قناة السويس بامتلاك مصر ٤٤% من الأسهم، وتعهدها بإعطاء العمال الذين حفروا القنال كسخرة حقوقهم -١٢٠ ألف عامل ماتوا فى حفر القنال- مجاناً، وبعد ما كانت القناة محفورة لمصر -زى ما قال الخواجة «ديليسبس» للخديو- بقت مصر ملكاً للقناة. «من خطاب التأميم».
ونتيجة للفساد والديون وقع احتلال مصر سنة ١٨٨٢، واضطرت مصر فى عهد الخديو إسماعيل لبيع حصتها الـ٤٤%، لإنجلترا بـ٤ ملايين جنيه. واضطر الخديو إسماعيل لدفع ٥% لإنجلترا سنوياً نظير الأرباح التى كان تنازل عنها للشركة، مقابل تنازلها عن بعض الامتيازات، ليسدد بذلك أكثر من ٤ ملايين جنيه، أى أن بريطانيا أخذت أسهم مصر الـ٤٤% مجاناً!
يقول الرئيس عبدالناصر فى خطاب التأميم: مش عيب أبداً إن أنا أبقى فقير وأحاول أستلف وأبنى بلدى، أو أحاول أن أجد مساعدة لأبنى بلدى، ولكن العيب إن أنا أمتص دماء الشعوب وأمتص حقوق الشعوب.. دا العيب.
احنا أغنياء.. كنا متهاونين فى حقوقنا بنستردها، وقلت لكم فى الأول: معركتنا مستمرة، نسترد هذه الحقوق خطوة خطوة، وسنحقق كل شىء.. سنبنى مصر القوية، وسنبنى مصر العزيزة.
قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقنال السويس البحرية.
ليعلو هتاف وتصفيق المصريين فرحاً وتهليلاً بعودة حقوقهم.
اليوم، دون شك، نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عودة الهتاف «تحيا مصر» من قلوب المصريين الآملين فى عودة حقوقهم مرة أخرى، بعد أن أنجزوا حفر قناة السويس الجديدة خلال عام واحد.
القضاء النزيه والقوانين المنضبطة العادلة والشفافية هى المحددات التى تطيل عمر الهتاف وتشد على أيدى المصفقين، أقل من أسبوع يفصلنا عن إعلان تدشين القناة الجديدة ولا نزال فى انتظار ترسيم واضح للمنطقة الاقتصادية بإقليم القناة وإصدار قانون للاستثمار يشجع المستثمرين دون إخلال بحقوق الشعب.
هل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه، أم كما أكد «عبدالناصر» فى خطاب تأميم القناة مستحيل؟ فلن يكون الاستقلال أو التحكم الاقتصادى والسيطرة الاقتصادية سبباً فى القضاء على حريتنا السياسية واستقلالنا السياسى، وهو ما لم يحدث.
إنجاز مشروع توسعة القناة فى عام يدلل على انضباط والتزام وإرادة، تبشر بأن المصريين إن أرادوا فعلوا، وحتى نستثمر التاريخ لصالحنا، يعطينا هذا الإنجاز فرصة سانحة لنؤسس لأهداف طويلة الأجل تحفظ حريتنا وتحرر اقتصادنا، التنمية الحقيقية لن تُنجز فى عام، والقادة يفضلون الأهداف قصيرة الأجل التى تحدث جلبة عالية إلا أن أثرها وحدها على صلاح حال المصريين محدود.
الإنجاز الحقيقى أن يسهم مشروع قناة السويس بمنطقتها الاقتصادية فى تنمية المجتمع وبناء المواطن المصرى وتحقيق إصلاحات واسعة فى مجالى الصحة والتعليم.
المواطن القادر على خلق بيئات استثمار وعمل مربحة، هو التنمية المستدامة لمصر التى تغنيك عن مستثمر تُطوع له أرضك ليعمل أبناؤك فى كنفه عمالاً وسائقين.
المصريون الذين هتفوا «تحيا مصر» لا يمكن أن يستجيبوا لخطط الحكومة ويكون «التوك توك» بديلاً لأقصى طموحهم وهو امتلاك «الكافيه»!
الهدف المُدوى تحقق ليحقق الثقة للقيادة ويُحسب للرئيس، فهل تستثمره الدولة ليمرر معه خططاً تُربح المصريين؟