طوابير الإحباط وسط العواصف الترابية: الشكوى لـ"المحافظ"مذلة
طابور طويل يمتد ليقطع الشارع المار من أمام مبنى محافظة السويس، يصطف فيه عشرات المواطنين الذين اعتادوا الوقوف به لتقديم شكاواهم إلى المسئولين فى المحافظة. برودة الجو التى تصاحبها عواصف ترابية شديدة، أجبرت الواقفين فى الصف على تركه، والجلوس بجوار سور المحافظة، والاختباء تحت الأشجار القريبة منه، بعد تحديد أماكنهم فى الصف.. «الوطن» وقفت فى الطابور، لتستكشف بنفسها مظالم المواطنين على باب المحافظ.
«والله أنا بقالى أكتر من سنة بقف هنا كل يوم الصبح من غير نتيجة»، كلمات أطلقها «سيد فرج»، 42 عاماً، حاصل على دبلوم زراعة منذ 1988، بسبب ما وصفه بتعنت المسئولين فى المحافظة ضده، ومماطلتهم فى منحه قطعة أرض زراعية من المخصصة لشباب الخريجين، على الرغم من توفر أكثر من 350 ألف فدان جاهزة للزراعة -طبقا لروايته- ويضيف «فرج»: «كل ما أقدم فى وظيفة حكومية أترفض بحجة إنى واخد أرض زراعية، لذلك لجأت للعمل فى المهن الحرفية حتى أستطيع رعاية أسرتى المكونة من ثمانية أفراد، مع أنى قدمت كافة الأوراق المطلوبة منذ عدة سنوات، إلا أننى لم أحصل عليها حتى الآن، وكل لما محافظ جديد ييجى يقولى: ماخدتهاش من اللى قبلى ليه؟».
ويقول والد «أحمد فرج عبدالعاطى»: «ابنى حاصل على بكالوريوس علوم وتربية منذ 6 أعوام، وقدمت له طلب للتعيين ضمن المعاقين، زملاؤه استلموا العمل منذ أكثر من سنة ونصف، إلا أن طلبه الوحيد الذى لم يؤشر عليه بالموافقة حتى الآن، بالرغم من تقديم شهادة معتمدة من وزارة الصحة تفيد إعاقته بنسبة 5%، بسبب إصابته بسيولة فى الدم».
ويضيف الوالد الذى يعول أسرة مكونة من 5 أفراد بمعاش لا يتجاوز 700 جنيه -طبقا لحديثه-: «بقالى سنة ونصف عاوز أقابل المحافظ مش عارف، لذلك لم أجد أمامى سوى الانتظار فى هذا الصف، لعل وعسى حد من المسئولين يوافق يقابلنا».[Quote_1]
أما «عصام ربيع»، متزوج ويعول أسرة مكونة من 8 أفراد، فمنذ ما يقرب من 3 سنوات وهو يأتى فى الصباح للوقوف فى صف الشكاوى: «لأنى مقدم على شقة من 3 سنين، ولسه ماخدتهاش»؛ الشاب الأربعينى الذى يعمل نقاش، شكا من دفع مبلغ 500 جنيه شهريا، قيمة إيجار الشقة التى يسكنها مع عائلته، بالإضافة لاضطراره للعمل ليلا بسبب قضاء نهاره فى الانتظار أمام مبنى المحافظة.
زينب فوزى، أرملة، تقول: «جوزى مقدم على ورشة سمكرة فى منطقة اللبان من 12 سنة، قبل ما يموت»، ومع ذلك ما زالت فى انتظار موافقة المحافظ، للحصول عليها: «علشان عيالى السبعة يشتغلوا فيها بدل الورشة الإيجار اللى بتاخد مكسبهم»، رحلة «زينب» بدأت منذ ما يقرب من 3 سنوات، تنتظر فيها مقابلة أى مسئول بالمحافظة، دون أن تتمكن من ذلك -بحسب روايتها- فلم تجد أمامها سوى المجىء كل صباح قبل دخول موظفى المحافظة، والانصراف بعد أن تتأكد من رحيلهم، دون فائدة.
أما سحر فرج، 36 عاماً، مصابة بمرض الروماتويد، فأصبحت أحد الوجوه التى يعرفها كل من يقف على باب الشكاوى فى المحافظة، بسبب كثرة ترددها: «لأن حالتها صعبة ومالهاش حد»، كما يقول جيرانها.
تقول «سحر»: «عندى 4 أولاد، وجوزى مريض بالغضروف، ومابيشتغلش، وأبويا محجوز فى المستشفى، علشان عنده الكبد وأنا اللى براعيه»، ومع عجزها عن صرف علاج أسرتها منذ عدة شهور، بحجة عدم وصول قرار «نفقة الدولة» لمستشفى القصر العينى بالقاهرة، إلا أن مجيئها إلى باب الشكاوى كان لسبب آخر، تضيف «سحر»: «بقالى سنتين عاوزة آخد شقة مش عارفة»، أحد أقاربى أعطانى شقة مكونة من حجرة واحدة، وصالة، لأعيش فيها لحين تدبير أمورى، والآن يريد هدم المنزل لإعادة بنائه، وتكمل: «ومش عارفة أروح أنا وعيلتى فين».
حالة من الإحباط تسيطر على غالبية الواقفين أمام مبنى المحافظة بعد مرور عدة ساعات دون أن يخرج لهم أحد المسئولين للتعرف على مشاكلهم، بعضهم ينوى الرحيل، على أن يعود غدا فى الصباح الباكر، ليتمكن من مقابلة المسئولين، قبل الدخول إلى مكاتبهم، والبعض الآخر يلجأ إلى عربات العصائر، والسندوتشات، التى تنتشر حولهم، لانتظار خروج المحافظ، أو أحد نوابه لعرض مشاكلهم عليه.. ولا أحد يرد!
أخبار متعلقة:
السويس.. بلد الشهداء على أعتاب ثورة ثانية
أسر شهداء السويس تحذر «مرسى» من «ثورة تصحيح»: سنقدم باقى أبنائنا فداء للتغيير
+طوابير الإحباط,وسط العواصف الترابية:الشكوى ل"المحافظ"مذلة
«الوطن» ترصد حكايات الليلة الأولى لاعتصام «سيراميكا كليوباترا» على سلالم «السويس»
الشيخ حافظ سلامة زعيم المقاومة الشعبية بالسويس لـ«الوطن»: الثورة الثانية ستنطلق من السويس قريباً.. وأنا أول المشاركين فيها