همّ يبكى، وهمّ يضحك فى الحقيقة عندما سمعت عن سرقة ثلاثين ملفاً لثلاثين نائباً قبل تقديم الأوراق وغلق باب الترشح بساعات هل هذا يعقل؟ وآخر يستكمل قائمة فى أربعة قطاعات، أى مائة وعشرون مرشحاً ومثلهم احتياطى ويتواصل معهم حتى آخر لحظة ثم يغلق تليفونه ولم يتقدم بالقوائم، ثم يخرجون للإعلام ويدعون أنه تمت ضدهم ضغوط وممارسات جعلتهم لا يستطيعون التقدم بأوراق القوائم. والآخر يقول إن السرقة تمت من أجل قائمة معينة. دعونا نحلل هذه المشاهد فى محاولة للوصول إلى الحقيقة.
السادة المرشحون لمجلس الشعب الوطنيون الذين يحاولون التخلص من تيار الإسلام السياسى يحاولون تشكيك الناس وإرباكهم وتبادل الاتهامات لإيهام الناس بأن القوى المدنية عبارة عن مافيا تتلاعب بمصالح الناس، وهل يرتضى الناخب أن يعطى صوته لأشخاص غير أمناء على ملفات زملائهم ولو افترضنا أن هذه مؤامرة. من الذى قام بها؟ وإذا كانت هناك قائمة فاسدة تشترى ضمائر الناس، فما الحكم على من يبيع ضميره ويتاجر بأحلام زملائه؟ فأنا أفترض أن هذا السيناريو حدث، ولكننى أرى أن الموضوع أكبر من هذا، فهو بيع وطن والآخر الذى يغلق مكتبه على ملفات زملائه المرشحين ويغلق تليفونه بالتأكيد المسألة ليست حسن نية، أو الادعاءات الواهية التى يقولونها بأن القانون مجحف، وأن سقف الإنفاق الانتخابى مبالغ فيه، ولا يستطيعون أن ينفقوا هذه المبالغ رغم أن هذا السقف يمثل الحد الأقصى للإنفاق بمعنى أن الذى له شعبية من الممكن أن لا ينفق ربع أو ثمن هذا المبلغ، وسوف ينجح بحب وقناعة الناس وسمعته الحسنة، لكن الموضوع أكبر من هذا، فلدينا أكثر من تصور إما أنهم يشوهون العملية الانتخابية ويحققون أحلام المتربصين بأن الانتخابات غير نزيهة، وبهذا يحققون أحلام الإخوان، أو أن هؤلاء مدفوعون من التابعين لتيار الإسلام السياسى لتفتيت القوى المدنية وتشويهها أمام الرأى العام وتصب فى صالح التيار المتشدد، وهم يرتدون ثوب المصلحة الوطنية، أو مدعوم من الخارج لإظهار مصر أمام العالم على أنها دولة لا تحترم القانون ولا الحريات وتزييف إرادة الناخب والآخرين يريدون إرباك المشهد وإسقاط النظام، لأنهم استعذبوا جو الثورات وأحبوا لفظ الثوار والنشطاء، وأخذوا من المعارضة الوجود ولفت الأنظار إليهم، وآخرون «فيها لا أخفيها»، هذا أقلهم وطأة فهم يخطئون دون إدراك، فبالله عليكم لا تتلاعبوا بمستقبل وطن من أجل حفنة دولارات، أو مناصب أو حتى تغطية فشل، فمصر الآن لا تحتمل هذا، اتركوا الشعب ينتخب بحرية واعملوا على أن تكون المنافسة شريفة قائمة على تقديم الكفاءات المحترمة، والمواطن هو الذى يختار، وكفانا تلاعباً بمستقبل أبنائنا وأحفادنا، اللهم إنى بلغت، اللهم فاشهد.