التاريخ يعيد نفسه.. والميدان للثوار
انقسام شاشات التليفزيون، كل جمعة، لنقل فعاليات ما يحدث بميدانى «العباسية» و«التحرير»، الذى كان سمة مميزة للفترة الانتقالية، عاد من جديد أمس، ولكن مع استبدال «العباسية» بـ«مصر الجديدة» حيث قصر الاتحادية رداً على حزمة القرارات السياسية، التى أعلنها الرئيس محمد مرسى، التى تبدأ بإقالة النائب العام وتحصين اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، ومجلس الشورى، وتنتهى بإعادة التحقيقات والمحاكمات فى جرائم قتل المتظاهرين، حيث توجهت بعض النخب السياسية والحشود الجماهيرية إلى «التحرير» لرفض الإعلان الدستورى الجديد، فى حين احتشد أنصار الرئيس وبعض التيارات الدينية أمام قصر الاتحادية لتأييد قرارات الرئيس.
وبعد أن اعتقد الجميع أن تنصيب الدكتور «محمد مرسى» رئيساً للجمهورية فى 24 يونيو الماضى، إيذاناً بانتهاء الانقسامات، وبداية توحيد الصف الوطنى نحو هدف واحد هو «مصر الجديدة»، فإن «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه»، حيث قررت أغلب الأحزاب السياسية وكافة القوى الثورية النزول لميدان التحرير، اعتراضاً على قرارات الرئيس فى مليونية حملت عنوان: «جمعة الغضب والإنذار»، وفى المقابل لم يقف حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان بمعزل عن الحدث، فقد دعا مختلف التيارات الإسلامية مثل الجماعة الإسلامية، والدعوة السلفية إلى تنظيم مليونية حاشدة أمام قصر الاتحادية دعماً لقرارات الرئيس، ليصبح ميدان التحرير دائماً مركزاً لقوى المعارضة، بينما يختلف مقر النخبة المؤيدة للرئيس باختلاف مقر الحاكم، فقد تم اختيار قصر الاتحادية كمقر لمليونية التأييد، لقربها من قصر الرئيس، كما كانت العباسية مكان تأييد المجلس العسكرى لقربها من وزارة الدفاع.
«كل يعود إلى موقعه»، هو ما وصف به الدكتور وحيد عبدالمجيد، المحلل السياسى، المشهد السياسى، فالقوى الثورية والوطنية المعارضة، استطاعت من خلال الاحتشاد بميدان التحرير، إسقاط النظم السياسية التى ثبت استبدادها وطغيانها فى حكم مصر، بينما القوى الأخرى دوماً كان يقتصر دورها على تأييد قرارات الحاكم.
وقال عبدالمجيد: «احتشاد القوى المؤيدة للرئيس أمام قصر الاتحادية، لتأييد قرارات لا يمكن وصفها سوى بـ«الديكتاتورية»، لأنها تريد الاستيلاء على مصر وخطفها لصالح الجماعة، به مفارقة، فمقر المعارضة دائما ثابت، بينما مقر الحكام زائل، يختلف باختلاف الحاكم بدءاً من مصطفى محمود إلى العباسية إلى مدينة نصر إلى الاتحادية الآن».