- يعرِّف «آندى فرير» وآخرون التطوع بأنه: «العمل الذى يستفيد منه المجتمع حينما يقوم به الفرد بمطلق حريته دون عائد نقدى»، كما عرَّفته دائرة المعارف البريطانية: «الكلمة مأخوذة من اللغة الفرنسية (Voluntaire)، وتعنى الشخص الذى يُقدم على المشاركة بشكل مجانى فى عمل مؤسسى أو القيام بمهمة»، وعرَّفه الدكتور نايف المروانى: «هو عبارة عن الجهد المبذول بطريقة اختيارية وبدون قسر»، مرضاة لله تعالى ومصلحة الوطن بإيثار الغير على الذات دون انتظار عائد ما، وللتطوع حوافز ودوافع تتجلى فى ثلاثة أمور: هى الدافع الدينى، ودافع العصبية (يقول ابن خلدون: إن العصبية إنما تكون فى الالتحام بالنسب بسبب أن صلة الرحم طبيعية فى البشر إلا فى الأقل، ومن صلتها النصرة على ذوى القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة)، ودافع الفطرة.
- إن تطوّع المجتمع المدنى جزء أساسى فى الحياة الديمقراطية التعددية وفق القانون، أما فى المجتمعات النامية فإنه ضرورة للاستقرار والبناء والتحديث فهو:
■ يعزز المشاركة التنموية بدلاً من المشاركة السياسية التى لا تتوافر فى معظم المجتمعات النامية، فالتطوع يعبئ طاقات المجتمع الفائضة للمشاركة فى خطط التنمية، ويساعد على انخراط الشباب فى التخطيط والتنظيم والتنفيذ والرقابة على المشروعات والبرامج الحكومية أو الخاصة فى مجالات التعليم والعمل والصحة والبيئة والرياضة والفنون، وإن تلك المشاركة التنموية صحية للتعبير عن الرأى ولا سيما لتلك الشرائح الأقل حظاً أو قدرة على إيصال صوتها لمتخذ القرار كما أنها أداة جادة وفعَّالة لضمان الجودة وتطويق الفساد الإدارى والمالى.
■ كما أن التطوع يعزز الروح الوطنية، ولا سيما فى الحروب والكوارث والأزمات حينما يتوحد المجتمع بجميع تنوعاته المناطقية أو المذهبية أو العرقية فيتفانى فى خدمة غيره تطوعاً، متناسياً خلافاته وإنكاره لحقوقه ومصالحه الفردية لمصلحة الجماعة.
■ إن العمل الجماعى الكبير يعزز الروح المعنوية أيضاً، حينما يعيد المجتمع اكتشاف نفسه وقدراته الكامنة ويختبر مهاراته، فضلاً عن اكتسابه مهارات جديدة فيفخر بمنجزاته ويحقق الرضا الجماعى، إما بالتغلب على الكارثة أو التخفيف من آثارها والمشاركة تالياً فى ابتكار واقتراح الحلول العملية والتطبيقية لمشكلات وتحديات المجتمع.
■ إن العمل التطوعى العاطفى يسهم لا محالة فى خلق فرصة ذهبية نحو إدماج أولئك المهمشين أو العاطلين أو الذين تعرضوا لصدمات أو حوادث معينة فى حياتهم وستجعل منهم أصحاء نفسياً، مستعيدين ثقتهم بوطنهم، إن التطوع هو رأس المال الاجتماعى الذى لا غنى عنه لأى دولة تنشد التطور، يقول «كوكس»: «إن رأس المال الاقتصادى لا يكفى لضمان سير المجتمع بالشكل المطلوب، فرأس المال الاجتماعى يتولد من تحمل الأفراد للمسئولية وعملهم معاً وتعلمهم أن يثقوا فى بعضهم البعض أمر ضرورى إذا ما أردنا أن نتحرك نحو مجتمع أكثر تمدناً يشعر كل فرد من أفراده بقيمته».
■ إن التطوع يُحسن من مستوى خدمات المؤسسات الحكومية بتوفير الخبرة والدعم الفنى واليد العاملة ويتلاحم مع القطاع الخاص وغير الربحى باتجاه تحقيق التنمية.
- أخلاقيات التطوع: وهى المسئوليات والأدوار والالتزامات إزاء الآخرين، واحترام القواعد القانونية والمصالح العامة، وتطوير الممارسة المهنية، واحترام الفئات المستهدفة، ومن المفاهيم والقيم الرئيسية لأخلاقيات العمل التطوعى:
■ الشفافية: وتعنى الإفصاح والمكاشفة وتوفير كل المعلومات والبيانات، وضمان تدفقها بين الأطراف وعدم حجبها عن الرأى العام، وهذه المعلومات والبيانات تتعلق بشكل رئيسى، بالإعلان عن مصادر التمويل والمشروعات والبرامج التى تقوم بها المنظمات التطوعية، أهدافها والمستهدفين منها.
■ المساءلة والمحاسبة: وتعنى المساءلة إقرار حق الجمعية العمومية ومجلس الإدارة فى مساءلة الأعضاء فى حالة مخالفة التزاماتهم، وإقرار حق الرأى العام أو المجتمع فى مساءلة المنظمة إزاء أى موقف أو تصرف يتضمن شبهة الإخلال بالمسئولية والمساس بالأخلاقيات.
■ عدم تحقيق منفعة شخصية وتجنب تضارب المصالح: هذا المبدأ الأخلاقى على درجة عالية من الأهمية، وتحاول التشريعات العالمية الحديثة وضع ضوابط محددة لمراقبة وضمان تحقيقه، ومن هنا فإن السعى إلى تحقيق المنفعة العامة للمجتمع أو فئات مهمشة هو الهدف الرئيسى من التطوع، ومن تأسيس منظمات تطوعية، يضاف إلى ذلك أن إحدى سمات العمل التطوعى والمعايير المحددة له هى عدم الربحية ومن ثم فإن مواثيق الشرف الأخلاقية تؤكد: التزام المتطوعين بعدم تحقيق منافع شخصية لهم، وعدم السعى للربح.