سوريا ليست الفخ الأفغانى للروس
سوريا ليست الفخ الأفغانى للروس
جنود روس يجهزون طائرة مقاتلة قبل الإقلاع
اختلف الزمان واختلفت الأوضاع الجيوستراتيجية واختلفت الخبرات فى عملية دخول الروس عسكرياً بصورة مباشرة على مسار الأزمة السورية، لذلك من غير الواقعى وصف الوضع الحالى بأنه مستنقع جديد تورطت فيه روسيا التى ورثت الاتحاد السوفيتى الذى خسر الحرب فى أفغانستان مثلما حدث من قبل، وتصور البعض أنه يمكن صناعة أفغانستان جديدة لروسيا عندما علت صيحات بذلك فى هجوم إعلامى لن يتجاوز حد وسائط الميديا من بعض السياسيين والناشطين الأمريكيين والسعوديين وبالطبع ومسلحى داعش والنصرة والمعارضة المسلحة ضد النظام الحالى فى دمشق، مما جعل الخبراء العسكريين الروس يسخرون من هذه الادعاءات، قائلين إنه ليحدث ذلك يجب إقامة جبال شاهقة وتجفيف البحر الأبيض المتوسط والدفع بعدد ضخم من القوات الأرضية الروسية فى الميدان السورى، وبالفعل فإن سقوط الروس فى فخ جديد أمر مستبعد وغير قابل للتكرار كما حدث من قبل فى أفغانستان للأسباب الآتية:
يتعاون مع موسكو حلفاء إقليميون يساعدون النظام السورى ويأخذون على عاتقهم عبء العمليات البرية
1 واضح من الخطة الروسية المطبقة أنها تقوم على عدم وجود نية للدفع بقوات أرضية تنخرط فى القتال ضد الجماعات الإرهابية، وأن الأمر يقتصر على توجيه الضربات الجوية المدروسة والمؤثرة ضد عناصر الإرهاب ومواقعها المادية من مراكز قيادة وسيطرة ومخازن ذخيرة ومعسكرات التدريب وقواعدها الإدارية.
2 لا يمكن للولايات المتحدة أن تشكل رسمياً فى الشرق الأوسط تحالفاً معادياً لروسيا التى تقتصر عملياتها على محاربة عناصر الإرهاب، لأنها ستبدو أمام المجتمع الدولى فى موقع المدافع عن الإرهابيين.
3 تأجج الكبرياء الوطنى لدى الروس نخبة وجماهير بعد استعادة القرم أزاح من ذاكرتهم عقدة أفغانستان وساعد هذا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى الحصول على تفويض مجلس الاتحاد الروسى باستخدام القوات المسلحة خارج البلاد بترحيب كامل إن لم يكن منقطع النظير فى الأوساط الرسمية والدينية والاجتماعية الروسية كافة.
4 تدخل روسيا عسكرياً تلافيف الملف السورى مسلحة بخبرات متجددة بعد تجربتها العنيفة فى كل من أفغانستان والشيشان ويعتمد أداء موسكو حالياً على الدروس المستفادة من تجاربها السابقة وتحليل الأسباب التى أدت إلى فشل واشنطن فى العراق وأفغانستان.
5 لدى روسيا الآن التى حققت طفرات واسعة فى مجال التقنيات العسكرية أسلحة ومعدات ذات قدرات فائقة تحقق فاعلية الاتصالات الإلكترونية والاستطلاع بالغ الدقة وتحديد الأهداف وكشفها وتدميرها.
6 على الرغم من عمليات إمداد العناصر الإرهابية بالسلاح فإنه على عكس ما تم سابقاً فى أفغانستان لن تقوم القوى المعادية لروسيا فى سوريا بإمداد الإرهابيين على نطاق واسع مثلما كان يحدث فى أفغانستان حتى لا يتحول الإقليم إلى بؤرة تهديد عالمية عابرة للإقليم تهدد أوروبا وأمريكا.
لا نية للروس للدفع بقوات أرضية تنخرط فى القتال ضد الجماعات الإرهابية فى سوريا والأمر يقتصر على توجيه الضربات الجوية المدروسة والمؤثرة
7 يتعاون مع روسيا حلفاء إقليميون يساعدون النظام المؤيد حالياً من موسكو يأخذون على عاتقهم عبء العمليات البرية وهم على نقيض الدول الغربية وتركيا لا يجدون غضاضة ولا يتحاشون قتال العناصر الإرهابية على اختلافها.
8 جغرافية سوريا تختلف اختلافاً كلياً عنها فى أفغانستان وهذا يساعد على قوة تأثير القصف الجوى، فأفغانستان ذات طبيعة جبلية مركبة حيث كانت كمائن من كان يطلق عليهم المجاهدون صعبة الاكتشاف، وكانت توقع خسائر فادحة فى القوات الروسية الموجود منها على الأرض برياً لغرض حراسة القاعدتين البحرية والجوية فى مناطق مفتوحة ومؤمنة يصعب التسلل إليها.
9 تعطى كل من قاعدة الدعم الفنى واللوجسيتى للبحرية الروسية فى طرطوس والقاعدة الجوية الجديدة فى اللاذقية القدرة للقوات الروسية على بناء منطقة مغلقة فوق الإرهابيين والقوى الإقليمية الطامعة عندما تستدعى الضرورة.
10 لا تعبأ روسيا بتكاليف هذه الحرب المالية التى لا تشابه حربها فى أفغانستان التى كانت متاخمة لجمهوريات الاتحاد السوفيتى فى آسيا الوسطى واضطرت العمليات الإرهابية الآتية من أفغانستان من عناصر الإسلام السياسى التى كانت تحركها مخابرات أجنبية والتى تسببت فى قلاقل فى هذه الجمهوريات اضطرت موسكو إلى غزو أفغانستان لحماية حدودها من العصابات الإرهابية، أما فى هذه الحرب فإن العمليات الجوية فوق سوريا توجه رسالة للغرب بأن العقوبات التى أوقعها على روسيا لن تردعها وتجعلها ترضخ وتتراجع عن لعب دورها على الساحة الدولية معلنة انتهاء حالة الانكفاء داخلياً بعد انهيار الاتحاد السوفيتى.