كان النبى الكريم سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام، يدرك أننا سنحتاج يوماً إلى هذا الدواء، لذا سبقنا بمئات السنوات ووضع روشتة للشفاء ولكنهم يهملونها الآن فنصل إلى ما نحن عليه من ارتباك.
كان النبى، عليه الصلاة والسلام، يعلم أن كل بنى آدم خطاء، ولذا وضع له روشتة علاج تقول: «لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار»، وكنا نود لو أن السادة فى مجلس نقابة الأطباء، والسادة فى وزارة الداخلية، ووزير الصحة ورئيس الحكومة، أدركوا حكمة النبى محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام، وأخذوا بها قبل أن تكبر كرة الثلج وتصل بنا إلى حالة الصدام.
هل كان من الصعب على أمين الشرطة والمسئولين عنه فى «الداخلية» أن يعالجوا خطأ الاعتداء على أطباء مستشفى المطرية باستغفار تحمل المسئولية أو الوقوف أمام المحكمة، أو مع الإصرار على الاعتذار عن الحدث واتباع الإجراءات التى تمنع تكراره.
أساءت «الداخلية» إدارة أزمة مستشفى المطرية؛ إعلامياً بالبطء فى إصدار بيانات واضحة تشمل الاعتذار وتؤكد رفضها لتجاوزات أمناء الشرطة، وعملياً بإصرار بعض قيادات «الداخلية» على التهوين من فعل أمناء الشرطة، وتأخرت الحكومة، ممثلة فى رئيسها ووزير الصحة، فى التحرك السريع لاحتواء الأزمة، وكان صادماً أن يكون أول تصريح لرئيس الوزراء شريف إسماعيل فى تلك القضية هو التصريح الصادر مساء الجمعة بعد أن وصل حجم المشاركين فى الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الأطباء إلى 10 آلاف طبيب، وانتقلت الجمعية العمومية من حيزها النقابى إلى ما يشبه الحشد السياسى.
حشد الأطباء كان له أكثر من زاوية كادر تصوير؛ صورة تراه حدثاً عظيماً وتحركاً يدل على أن العمل النقابى فى مصر ما زال بخير، وأن مصر قادرة على أن تفرز شخصيات نقابية تحظى بثقة أعضاء مهنتها بسبب إخلاصهم، كما أن الدولة قادرة على تنظيم مظاهرة بهذا الحجم فى منتصف عاصمتها يهتف بعض المشاركين فيها ضد «الداخلية» وتؤمنها «الداخلية» دون الخروج عن النص، كما جرت العادة فى الفترات الأخيرة.
الصورة الأخرى ترى غضب الأطباء بأنه تم تحميله أكثر مما ينبغى لأن أمناء الشرطة المعتدين تم تحويلهم لمحاكمة تأديبية، ولأن النقابة سمحت لبعض التيارات السياسية أن تركب إضرابهم وتخرجه من مساره النقابى إلى مظاهرة سياسية يعوضون بها فشلهم فى الحشد كتيارات سياسية خلال الفترة الماضية، وكان أسوأ مشاهد الحشد هى تلك اللافتات التى رفعت لتعميم اتهام «الداخلية» بالبلطجة وهى الصورة التى ظهر بها ضابط يقوم بحماية الحشد المتظاهر، فى مفارقة ستفتح الباب لأن يصبح كل إهمال وتقصير لطبيب هو إهمال وتقصير للأطباء جميعاً.
الصور الثلاث لحشد الأطباء أمام النقابة؛ صورة يظهر فيها الإخوان وهم كعادتهم أهل كذب وتزوير وتلوين للحقائق، حاول الإخوان أن يظهروا فى صورة حشد الأطباء كداعمين ومساندين رغبة فى أن يركبوا الموجة ويصوروا المشهد للخارج وكأنه مظاهرة سياسية أو ثورة مقبلة، ولذا كان من الواجب أن نذكر الأطباء ونفضح الإخوان بالإشارة إلى «سفالتهم» وجريمتهم التى ارتكبوها فى حق العمل النقابى والأطباء يوم 29 مارس 2013 حينما تجمع الأطباء الإخوان وأعلنوا إقامة الصلاة داخل قاعة النقابة لمنع الأطباء المستقلين من المشاركة بالجمعية العمومية ووقتها وزير الصحة محمد مصطفى حامد أحال عدداً كبيراً من الأطباء للتحقيق بسبب مشاركتهم بالإضراب.
عموماً يبقى أى تحرك نقابى منزه من هوى المصالح وهدفه خدمة الناس محل ترحاب طالما تم تنظيمه فى إطار قانونى ومحترم، وجمعية الأطباء العمومية هذه المرة لها طعم مختلف نحترمه، ونشجعه، طالما كانت النية خالصة والهدف هو كرامة أعضاء النقابة وتطبيق القانون.