ياسر سيد أحمد: ذكرياتى مع «خيانة» الزملاء لموكليهم
ياسر سيد أحمد
لسنا ملائكة ولسنا شياطين.. يحضرنى بعض الذكريات عن خيانة للأسف من بعض المحامين تجاه موكليهم فى ثلاث حالات مختلفة.. والحقيقة أن الأمر أزعجنى بشدة وتذكرت صورة المحامى كما قدمتها السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة، وكانت هذه الصورة تؤلمنا عندما كنا نرى بطل الفيلم يقدم أسوأ صورة لنا ويشوه الشكل العام للمحامى وفى الوقت نفسه لا ننكر أن غالبية المحامين يمارسون مهنتهم باحترافية وبالتزام شديد.
تجتمع الحالات الثلاث وراء دافع الانتقام أو الحصول على الأموال أو المراكز..
«لسنا ملائكة.. ولسنا شياطين».. وعلى النقابة أن تكون أكثر حزماً مع من يبيع ضميره المهنى
تلخصت الحالة الأولى فى الآتى: المتهم فيها كان خريج كلية الحقوق ويحمل كارنيه النقابة كمحامى استئناف، وبالطبع لا يعمل بالمهنة ولكن يعمل بمجال السمسرة العقارية بالإسكندرية، وكانت ظروف الواقعة سنة 2002 وكان يقوم بالنصب على المتعاملين معه ويقوم بشراء العقارات بأسعار غالية الثمن بالتقسيط أو بالتوقيع على إيصالات أمانة وكان يعمل معه ثلاثة أو أربعة محامين ومبسوطين حتى غدر بهم فاتفقوا مع خصومه ضده وقاموا بعمل معارضات للأحكام الغيابية الصادرة ضده مستغلين التوكيلات ثم استئناف فى الميعاد وتركه لتأييد الحكم عليه ثم معارضة استئنافية وتركها ليثبت الحكم عليه نهائياً، وتقابلوا معه ونصبوا له كميناً مع الشرطة وسلّموه.. وحبسته النيابة وأحيل إلى المحكمة فيما بعد وهو نموذج يسىء للمهنة أكثر من أى شخص آخر أكثر من النقد وأكثر من أفلام السينما ومسلسلات التليفزيون.
الواقعة الثانية كانت منذ عشر سنوات وما زلت أتذكر تفاصيلها حتى هذه اللحظة:
فى صيف عام 2006، محامى شئون قانونية بشركة مواد غذائية تم استدراجه من مندوبى المبيعات بالشركة المتعثرين فى سداد مديونياتهم لدى الشركة ومرفوع عليهم قضايا شيكات قام المحامى بتسليم أصل الشيك واستبدل بغيره مع المندوب فطعن المندوب على توقيعه بالتزوير وبالتالى حصل على البراءة وقبض محامى الشركة الثمن 20 ألف جنيه لشيك بـ60 ألف جنيه.. وكدت أضرب كفاً بكف وأنا أتابع هذه القضية ومجرياتها والعقلية التى قادت المحامى لارتكاب هذا الجرم.
الثالثة: الضحية هنا كانت زوجة طيبة قررت خلع زوجها بعد إيذائه لها وذلك بعد رحلة طويلة فى محكمة الأسرة وبعد الخلع حصلت على مسكن حضانة والزوج مليونير كبير وله عمله بالإمارات، اتفق للأسف مع محاميها فى قضية تبديد منقولات مسكن الحضانة بعد أن أثبت أن هناك منقولات تخصه فى المسكن، وقام برفع دعوى تبديد تلك المنقولات
الأولى والأسهل أن يعرض المحامى قيمة المنقولات أو يعرض المنقولات نفسها ولم يفعل أى شىء سوى أنه يحضر بمذكرة دفاع يصمم فيها على ملكية المتهمة للمنقولات دون سند ووصل بها حتى الاستئناف وحضر بها وهى محكوم عليها بسنة تم تخفيض الحكم بالاستئناف لستة أشهر بعد حجز الدعوى للحكم فقام بعمل النقض دون إشكال ودون عرض المنقولات أو قيمتها وتركها مهددة بعد أن تسلم مكافأة من الخصم ونصح الموكلة بالابتعاد عنه وعن طليقها.. وهنا لا أعرف أى ضمير جعل المحامى يتاجر بموكله، خاصة أن الموكل دائماً ما يكون ضعيفاً ولا يملك المال أو القدرة أو السلطة التى تحفظ له حقه.. محامٍ باع ضميره من أجل المال وإن كان ضميره سمح له بالتجاوز وأن يكون مجرماً فى حق سيدة ذاقت الأمرين فإن الله لن يغفر له.. والحقيقة أنه بعيداً عن المحاكمات التى يخضع لها من يخطئ من المحامين يجب أن تكون النقابة أكثر حزماً مع أعضائها والحقيقة أن العدد كبير جداً يتجاوز 400 ألف محامٍ، وطبيعى أن يخرج من بين هؤلاء من لا يملك ضميراً ويخطئ فى حق نفسه ومهنته.
تلك الحالات توضح أن أمانة المحامى مطلوبة حتى مع الموكل المخطئ لأن ذلك من أسراره، وما دمتَ وافقتَ على قبول قضيته أصبحتَ أميناً عليه فلا تُفشِ سره «ولا تبيعه» وإلا فاترك القضية أو ارفضها..
للأسف، تلك النماذج الخائنة يجب تطهير المجتمع منها وهنا يحضرنى أن الفساد فى كل المهن موجود وأن نوعية «حاتم» منتشرة ليس فقط فى طائفة أمناء الشرطة بل فى كل الطوائف.