منسق «أزهريون مع الدولة المدنية» لـ«الوطن»: التيارات «تجاهد» فى بلاد الإسلام وتترك بلاد الكفر ودول الأعداء
«لم أدخل بيتى منذ شهر لأننى مطارد من الإخوان والسلفيين» بهذه الكلمات أكد الشيخ محمد عبدالله نصر، منسق حركة «أزهريون مع الدولة المدنية»، وخطيب التحرير حالياً فى حواره لـ«الوطن»، أنه يدفع ضريبة اعتراضه على سياسة الرئيس والإخوان، مؤكداً أن الأمر وصل إلى حد اتهامه بالشذوذ، لأنهم لا يقبلون حتى مجرد الخلاف فى الرأى، وأضاف أنه «فى القريب العاجل ستخرج الناس من الدين، كما دخلته، وستعلن إلحادها، وهذا ما لمسته فى أسوان، وطنطا، للأسف، لأنهم يعتقدون أن الدين هو الإخوان والسلفيون، وبالتالى نفورهم من تصرفات التيارات الدينية أصابهم باليأس من الدين».
* ما سر تهديدك حالياً؟
- أنا لم أدخل بيتى منذ شهر، وأنام فى التحرير، لأن الشرطة فى يوم 21 نوفمبر الماضى اقتحمت المنزل، وتحفظت على كل متعلقاتى، وضربوا والدتى، بإيعاز من القيادى الإخوانى محمد البلتاجى.
* لماذا؟
- أصدقاء مقربون لى أبلغونى أن «البلتاجى» أوصى جهاز الشرطة لإرهابى وتهديدى ليلاً ونهاراً، لأننى ببساطة أتعهد بخطبة الجمعة فى ميدان التحرير، وسط المعتصمين، وانتقد سياسات الرئيس محمد مرسى، ومواقف الإخوان، علاوة على أننى أدليت بشهادتى أمام النيابة العامة فى 20 نوفمبر الماضى، فى قضية مقتل جابر صلاح الشهير بـ«جيكا»، واتهمت الداخلية بقتله، وشاهدت الضابط الذى قتله، لأننى كنت مع الشباب فى شارع يوسف الجندى، ومع «جيكا» يوم استشهاده منذ الساعة 9 صباحاً، وشاهدت الضابط الذى أطلق الخرطوش علينا بشكل مباشر، بعد إطلاق الأمن المركزى عدة قنابل مسيلة للدموع فى اتجاهنا، وأصابت طلقاته محمود سعيد، عضو حركة 6 أبريل، واستقرت الأخرى فى رأس «جيكا».[Quote_1]
* هل كل هذا سبب ابتعادك عن بيتك؟
- نعم، أنا مهدد بالقتل، والإخوان والسلفيون يحاولون إرهابى، لتغيير آرائى بشأنهم، فقد أبلغتنى أسرتى بوجود عناصر غريبة من الإخوان والسلفيين يجوبون الشارع الذى أقيم به، فآثرت السلامة، وابتعدت تماماً عن البيت.
* وكيف تطمئن على أسرتك؟
- لا أستطيع الحديث مع إخوتى أو والدتى عبر هواتفهم الخاصة، خوفاً من أن تكون مراقبة، وبالتالى أصدقائى هم حلقة الوصل مع أسرتى.
* مؤخراً طالب الشيخ محمد الظواهرى، زعيم السلفية الجهادية بتقسيم المحافظات إلى محافظات دستور، وأخرى تطبق الشريعة، فما رأيك؟
- مثل هذه التيارات المتأسلمة تدعى الجهاد فى بلاد الإسلام، وتترك دول الأعداء وبلاد الكفر، وحينما يعلنون الجهاد يصوبون أسلحتهم ضد المسلمين، فهذا أمر يثير الشك والريبة.
* لماذا؟
- لأنهم بوضوح مناديب الأمريكان والصهيونية العالمية، لتقسيم بلادنا، وأول صور التقسيم هى الطائفية، والإسلام الذى يجهلونه يلفظ الطائفية.
* ماذا تقصد يجهلونه؟
- هم متدينون شكلياً ومظهرياً، بإطلاق اللحية وإسبال الثوب، وخالفوا نهج الرسول بعدم قراءتهم لوثيقة المدينة، التى كتبها الرسول مع الأنصار والمهاجرين، والمشركين، واليهود، والصابئة، والتى جاء فى البند الثانى لها أن الموقعين على هذه الوثيقة أمة واحدة من دون الناس.
* كيف تقيّم القرارات السياسية المتضاربة؟
- بصراحة ما يحدث يعبر عن وجود إفلاس سياسى من جانب تيار ليس له رؤية واضحة، ولا برنامج حقيقى للنهضة، ويجرى استغلال الدين، للهيمنة والسيطرة وجذب العامة من الناس، سواء فى الانتخابات، أو فى الاستفتاء.
* ماذا عن المليونيات المختلفة؟
- أنا أعرف أن من يخرج للتظاهر يكون معترضاً أو محتجاً على قرار، وليس مؤيداً، والكل يلاحظ وجود حشد جماهيرى من جانب التيارات الدينية، تحت مسمى نصرة الشريعة والدين، والإسلام برىء من ذلك، لأنه لا يصح تطويعه لخدمة أغراض سياسية، أو مصالح فئة أو تيارات بعينها.[Quote_2]
* وماذا عن تلك الأغراض؟
- لا أخفيك سراً أنهم فى طريقهم لتقسيم البلاد على أساس دينى، مثلما حدث فى الصومال والسودان، تحت مظلة الدين، ويجعلون من الدين حائط صد لفشلهم وإخفاقهم.
* وهل لذلك تأثير على عامة الناس؟
- فى القريب العاجل له تأثير سلبى، لأن الناس كما دخلت الدين، ستخرج منه، وتعلن إلحادها، مثلما أعلن مواطن فى المنصورة ذلك مؤخراً، وهذا ما لمسته فى أسوان وطنطا، للأسف، لأنهم يعتقدون أن الدين هو الإخوان والسلفيون، وبالتالى نفورهم من تصرفات التيارات الدينية أصابهم باليأس من الدين.
وهذا يرجع إلى أن الإخوان ظلموا الدين بإصباغ كل قراراتهم الدنيوية القابلة للصواب والخطأ والنقد بصبغة دينية، ومع مرور الوقت سيلفظ الناس الدين على يد التيارات الدينية. يجرى اللعب على وتر الدين فى الترويج للاستفتاء من جانب التيارات الدينية، فما رأيك؟
- نعم، رغم أن الدين لا علاقة له بـ«نعم» أو «لا»، ولكن يوجد تزييف إرادة من جانب تيار الإسلام السياسى، للترويج لفكرته من أجل المغالبة، وليس الصالح العام، ويجرى خداع الناس باسم الدين، وهذا جرم عظيم، وإساءة بالغة للدين.
* ما علاقتك بوزارة الأوقاف؟
- أنا مستبعد أمنياً، حتى بعد الثورة، على الرغم من نجاحى فى مسابقة الأوقاف، فإنها لم تسلمنى التعيين ضمن المستبعدين أمنيا، وتلكأت فى ذلك بدعوى عدم وجود درجات مالية، ومع وجود الوزير الجديد، لن يكون لى مكان فى الأوقاف؛ لأنه يرفض كل المعارضين للإخوان، والسلفيين.
* ولماذا تجزم بذلك؟
- لأن الذراع اليمنى للوزير الدكتور محمد الصغير، أقسم بالله أننى خريج دبلوم تجارة، رغم تخرجى فى كلية أصول الدين، ولكن هذا يحدث لأننى مستمر فى دحضى لافتراءات وأكاذيب من يدعون على الله الكذب، ويتاجرون باسم الدين.
* وماذا عن الزج بالمساجد فى العملية السياسية؟
- هذا ليس فى صالح الدين ولا السياسة؛ لأن إقحام الدين فى الحزبية الضيقة مفسدة للدين والدنيا، والرسول قال لنا: «أنتم أعلم بشئون دنياكم» دون أن يفرض علينا أسلوباً للحياة بعينه، شريطة عدم مخالفة الشرع، ولكن ما يحدث فى المساجد امتهان لكرامتها وقدسيتها، بتحويل المنابر لبوق سياسى يفرق الناس، ويثير الضغائن فيما بينهم، وهذا ليس دور المسجد مطلقاً.[Quote_3]
* ولكن هناك من يبرر استخدام المساجد ومناقشة الأمور السياسية فيها؟
- هذا فهم خاطئ للدين؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يستخدم المسجد لمناقشة أمور الدولة، ولم تكن هناك دواوين أو مؤسسات تدار من خلالها شئون البلاد، مثلما يوجد حالياً، فنحن لدينا أندية، ومدارس، وجامعات، ووسائل إعلام، يمكننا من خلالها مناقشة كافة القضايا، بعيداً عن بيوت الله، حفاظاً على قدسيتها.
* بم تفسر ما حدث فى مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية؟
- كان أمراً طبيعياً، نتيجة تراكم شحن زائد من القوى الثورية، بسبب خطب الشيخ أحمد المحلاوى، فمنذ شهرين قال إن نجاح الرئيس «مرسى» يعد آية من آيات الله، وإن انتقاده والاعتراض عليه حرام.
* وهل هذا صحيح دينياً؟
- لا يوجد نص فى كتاب الله يحرم انتقاد الحاكم، إنما ما يجرى حالياً هو سيل من الفتاوى، من جانب بعض المنتمين للتيارات الدينية، بعد وصولهم للحكم، لتعضيد حكمهم، ورفض أى أصوات معارضة لهم، والدكتور راغب السرجانى وصف زيارة الرئيس للسعودية بأن سفره «إسراء» وعودته «معراج»، وأحد الخطباء شبه «مرسى» بسيدنا عمر بن الخطاب، وبعد ذلك يتساءلون، لمَ التجرؤ على الدعاة.
* لماذا التجرؤ على الدعاة؟
- لأن بعضهم -للأسف الشديد- يوجه خطبه ودروسه إلى خدمة السلطان والحاكم، والابتعاد عن الموضوعية، وإحقاق الحق، وبالتالى ستكون النتيجة وبالاً وإساءة بالغة للدعوة الإسلامية، لأن الناس لن تسكت على خداعها باسم الدين طويلاً.
* هل هناك وقائع لديك؟
- نعم كثيرة، ومنها فى الباجور بالمنوفية، خطب أحد السلفيين الجمعة وقال: إن «العلمانيين الكفرة معترضون على شرع الله بمعارضتهم للإخوان والسلفيين»، فما كان من أحد رواد المسجد إلا أن قام، وطالب الخطيب بإنهاء خطبته فوراً، رافضاً التعصب، أو تكفير أحد من على منبر رسول الله.
* هل وزارة الأوقاف لها دور فى ذلك؟
- هناك بالفعل توجيهات من الوزارة، منذ تولى الدكتور طلعت عفيفى مهام وزارة الأوقاف، بعدما «أخونها»، وهى وزارة صانعة، مؤثرة فى الرأى العام، بإدارتها لـ110 آلاف مسجد، ولا أنسى أن وزير الأوقاف نفسه قال إن انتخاب «مرسى» جهاد فى سبيل الله تعالى، وأعلن تأييده الكامل للرئيس، سواء فى الإعلان الدستورى، أو الدستور، والأمر نفسه ينطبق على قيادات الوزارة، فهم إما من الإخوان، أو الجماعة الإسلامية، أو الجمعية الشرعية.
* إذن، أنت تتهم الأوقاف بالمساهمة فى تسييس المنابر؟
- نعم، هى المسئول الأول عن ذلك، وعلى الوزير وقياداته ألا يلوم الجماهير إذا اعترضت على إمام، أو داعية داخل المسجد، أو حدثت فتنة فى بيوت الله.
* يقولون إن الدستور هو شرع الله للترويج لـ«نعم»؟
- هم يبيعون الدستور باسم الاستقرار والدين، وهذا ليس صحيحاً.
* ما رأيك فى اعتصامات المحكمة الدستورية؟
- الاعتصام أمام المحكمة الدستورية، أو مدينة الإنتاج الإعلامى، نوع من البلطجة السياسية، لاتحدث إلا فى الدول المتخلفة، لتكميم الأفواه، وهم لا يؤمنون سوى بدولة الإخوان والسلفيين، ليس دولة القانون، علاوة على كونهم لا يقبلون الرأى الآخر، وما عداهم يعتبر ضلالاً وضد شرع الله.
* وأين علماء الأزهر مما يجرى؟
- الأزهر جرى اختراقه، وتلوثت أفكار بعض علمائه بالفكر الوهابى، ومشايخ الفضائيات من الأزهريين، تحولوا إلى وهابيين، لأكل العيش، بينما الأزهر الوسطى أصبح وجوده ضعيفاً.
* لماذا جرى اتهامك فى شرفك من قبل أحد التيارات الدينية؟
- للأسف استخدموا هذا الأسلوب الدنىء ضدى؛ لأننى معارض لسياسة الإخوان، وأفضح مخططاتهم، ولا أخشى فى الله لومة لائم، وأخطب بالناس فى التحرير، وبالتالى، اتهمتنى إحدى الفضائيات الدينى بأننى شاذ جنسياً؛ لأننى اتهمت الإخوان بقتل الصحفى الحسينى أبوضيف، وطالبت بمحاسبة القتلة فوراً.