بائعة «العيش الشمسى»: من ساعة ما نزّلوا العيش على التموين حالى وقف
تبيع «منى» العيش الشمسى أمام منزلها
تقف فى منتصف الطريق، إلى جوارها صينية وضعت عليها قماشة بيضاء، تتطلع إليها بين الحين والآخر على أمل أن تجدها فارغة، لا تفارق الابتسامة شفتيها رغم ضيق الحال، بداخلها يقين شديد أن الأرزاق بيد الله، «العيش الشمسى» صار مصدر رزقها الوحيد بعد أن انفصلت عن زوجها منذ 13 عاماً، لم تجد سبيلاً لكسب المال سوى أن تحضر «فُرن» لتمارس عملها الذى لم تعرف سواه.
«إحنا صعايدة وماعندناش حد بيتعلم ولا بيشتغل، الحاجة الوحيدة اللى أمى علمتها ليّا ونفعتنى دلوقتى إنى أخبز العيش الشمسى لوحدى، جوزى طلّقنى وساب لى الواد والبت، شقيت وتعبت علشان أكبّرهم وأوكلهم بالحلال»، تبدأ الحاجة «منى» يومها فى الـ4 فجراً، تحضر الدقيق للإعداد لبدء الخبز وعندما تدق الـ8 صباحاً تضعه فى الفرن: «الأول كنت بكسب 20 و30 جنيه لكن من ساعة ما نزّلوا العيش على التموين وأنا حالى وقف، هو وفّر على كل الناس آه بس وقّف حال الغلابة اللى زينا والله، وده رزقى الوحيد اللى عايشة منه أنا وعيالى».
حالة من الإحباط أصابت المرأة الأربعينية بعد تطبيق هذا القرار، لكن ضيق ذات اليد جعلها تستمر فى عملها الذى تمارسه أمام باب منزلها: «قاعدة فى بيت أمى، أنا فى أوضة وأخويا فى أوضة وبحمد ربنا أنى مش بدفع إيجار، سوق العيش الشمسى وقف والمكسب مبقاش زى الأول ولا الناس بقت تشترى لحد ما العيش قرب ينقرض خلاص، بجيب بـ 75 جنيه دقيق، وأقسّمه على مرتين، وحاطّة الفرن فى الشارع لأن بيتنا خشب ولو الأنبوبة فرقعت لقدر الله مش هنلحق نفسنا».
الابنة الكبرى لـ«منى»، عُقد قرانها منذ 4 سنوات وحتى الآن لا تملك الأم ثمن جهازها: «كل يوم بكسب 10 جنيه بالعافية والرغيف بنص جنيه، وعقبال ما بعجن العيش حيلى بيتهد والدكتور قال لى متعمليش مجهود بس غصب عنى، بسيب الفرن فى الشارع على حس القهوة، والكلاب كمان بتعرف أى حد غريب، محدش بيقدر يهوّب هنا». تحرص «منى» على بيع العيش بثمنه رغم ارتفاع أسعار الدقيق أحياناً: «الحمد لله إنى لقيت صنعة آكل وأعيش منها أنا وعيالى، صرفت عليهم بدل الحوجة لجوزى، ولو الدقيق غلى ببيع زى ما أنا لأن الزباين مش من كترهم يعنى، وبقلل كمياته فى الصيف علشان بيعفّن».