بعد 50 عاما من الديكتاتورية العسكرية.. بورما تستعد لتشكيل حكومة واختيار رئيس
أونغ سان سو تشي
بعد إبقاء الغموض مخيما على مدى أشهر، تكشف أونغ سان سو تشي أخيرا، الخميس المقبل، اسم مرشح حزبها للرئاسة في بورما، إثر فوزها التاريخي في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر الماضي.
ولا يمكن لسو تشي الحائزة جائزة "نوبل" للسلام، الترشح للمنصب الرئاسي، بموجب مادة من الدستور الموروث من حقبة المجلس العسكري، تمنع وصول أشخاص يحمل أبناؤهم جنسيتين إلى سدة الرئاسة، علما أن ابني زعيمة الغالبية النيابية يحملان الجنسية البريطانية.
غير أن المرشح سيكون حتما من المقربين منها، وسيتحتم عليه أن يقبل بأن تكون سلطتها أعلى من الرئيس، مثلما تعهدت قبل الانتخابات.
ومنذ الانتصار الكاسح الذي حققته الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، تعيش البلاد حالة انتقالية ما بين حقبتين، ويترقب البورميون الذين شاركوا بكثافة في الانتخابات التشريعية في 8 نوفمبر الماضي، تشكيل أول حكومة منتخبة من الشعب منذ أجيال.
وينتظر الشعب البورمي في نهاية المطاف، وضع سياسة جديدة لتغيير الأوضاع في البلاد الخارجة من نحو 50 عاما من الديكتاتورية العسكرية.
ومنع أونغ سان سو تشي من الوصول إى الرئاسة "جعل المعادلة معقدة"، ولا سيما في غياب مسؤول ثان في حزبها.
وتكشف الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، الخميس اسم مرشحها الذي سيخلف الرئيس الحالي ثين سين عند انتهاء ولايته في نهاية مارس.
وقللت "سيدة رانجون" من تصريحاتها العلنية منذ الانتخابات، ما غذى التكهنات بشأن المرشحين.
- انفتاح -
ويرى المحلل السياسي خين زاو وين، أن "كل ذلك سيولد مشكلات هائلة"، مشيرا إلى أن الرئيس الجديد سيضطر على الدوام لتلقي التعليمات من أونغ سان سو تشي.
وينقسم البرلمان بموجب دستور 2008 الموروث من حكم المجلس العسكري إلى 3 مجموعات، هي أعضاء مجلس الشيوخ المنتخبين، وأعضاء مجلس النواب المنتخبين، وأخيرا النواب العسكريين غير المنتخبين والذين يشكلون 25% من البرلمان.
وبعد انتخاب الرئيس، تعلن الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، عن التشكيلة الحكومية التي يمكن أن تضم شخصيات تشير إلى سياسة انفتاح، بعدما أعلنت سو تشي عزمها على العمل من أجل المصالحة الوطنية، ولم توضح بعد ما إذا ستتولى بنفسها وزارة.
وقال تون تون مانغ الذي يدير وكالة سفريات في رانجون: "نريد أن تكون هي رئيستنا، ليس هناك مناصب أخرى يمكن أن تناسبها".
وتحظى أونغ سان سو تشي، ابنة الجنرال أونغ سان بطل الاستقلال الذي اغتيل عام 1947، باحترام كبير في هذا البلد الفقير الذي يعد 51 مليون نسمة، والذي قضت فيه سنوات مديدة في الإقامة الجبرية.
لكن منذ أن حل المجلس العسكري نفسه، وتم تشكيل حكومة شبه مدنية في العام 2011، انفتحت البلاد مع إطلاق سراح مئات السجناء السياسيين وإحلال حرية الصحافة وانفتاح الاقتصاد.
وشهدت البلاد بذلك تغييرا أقرب إلى ثورة أتاحت رفع القسم الأكبر من العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على البلاد.
وتشاهد اليوم سيارات جديدة مستوردة تسير في زحمة رانجون، ويقبل عدد متزايد من البورميين، ونصفهم ما دون الثلاثين من العمر، على الشبكات الاجتماعية بعدما كانت شبكة الإنترنت قبل سنتين فقط حكرا على نخبة ضئيلة.
وبحسب توقعات البنك الدولي، فإن هذا البلد سيسجل نموا يفوق 8% العام المقبل، غير أن التحديات التي تنتظر سو تشي وحزبها هائلة، حيث إن معظم الخدمات العامة ومن بينها التربية والصحة في حالة مزرية، فيما تشهد العديد من المناطق الحدودية حربا أهلية.
كما سيتحتم عليهما التعامل مع الجيش الذي يحتفظ بدور سياسي مهم، ويسيطر على 3 وزارات أساسية، هي "الداخلية، الدفاع، والحدود".