«الرقابة» تطارد المسرح المستقل بإحالة عروضه إلى القضاء.. والمستقلون: «إشمعنا أفلام السبكى؟»
مشهد من مسرحية «سكة سفر»
تجددت أزمات المسرح المستقل، الذى عانى طويلاً من أزمات التمويل والدعم المادى، بقيام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بمحاصرة العروض المستقلة، التى واجهت العديد من القرارات التعسفية؛ بوقف العروض، أو حذف العديد من مشاهدها، وامتد الأمر إلى تحرير محاضر من قبَل شرطة المصنفات للعروض المسرحية، من بينها محضر حُرر ضد مسرحية «هيبتا»، الذى اتخذ مساراً قانونياً ليتحول إلى القضاء، الذى حدد أولى جلسات محاكمة العرض المسرحى خلال شهر مارس الحالى، دون توجيه إنذار مسبق، الأمر الذى أدى إلى حالة من الغضب والاستياء فى أوساط المستقلين، خاصة مع تجاهل الرقابة للشتائم والإفيهات بـ«مسرح مصر»، وأفلام «السبكى»، دون تدخل أو عقاب، وطالب العاملون بالفرق المسرحية المستقلة بمساواتهم بهذه الحالات، ورفع يد الرقابة عن فرقهم.
«طلعت»: نجاح «1980 وانت طالع» وراء انتباه الرقابة للفرق المستقلة.. و«جبر»: نعرض المسرحية منذ عامين دون تصريح.. وأعمالنا تعتمد على التعديل حسب الأحداث الجارية
ورفض محمد جبر، مخرج مسرحية «1980 وانت طالع»، وجود رقابة على عروض المسرح المستقل، أو عروض الجامعات، مشيراً إلى أن جمهوره مختلف وأعداده قليلة، بعكس العروض المسرحية التى تنتجها الدولة، أو التى تعرض على شاشات التليفزيون.
وقال «جبر» لـ«الوطن»: «لأول مرة نرى رقيباً على هذه العروض، خاصة أننا نعرض المسرحية منذ عامين، دون تصريح رقابى، لأن الهواة والمستقلين من حقهم تقديم الأعمال التى يرغبون فيها، كما أن الرقابة تطلب تصاريح مع كل ليلة عرض، حتى وإن كانت ليلة واحدة، بالإضافة لاستخراج تصريح فى حالة حدوث أى تعديل على النص، رغم أن العروض المستقلة تعتمد على الأحداث الجارية، وبالتالى فتعديل المشاهد وارد فى أغلب الأوقات».
وأكد محمود عبدالعزيز، مخرج مسرحية «هيبتا»، أن الرقابة حررت محضراً ضد العرض، تحول إلى قضية من المقرر أن ينظرها القضاء فى 21 مارس الحالى، وأرجع ذلك إلى عدم استخراج تصريح رقابى للعرض، لافتاً إلى أنه لم يتلقَّ أى إنذار مسبق، أو إخطاره للحصول على التصريح اللازم. وأضاف «عبدالعزيز» لـ«الوطن»: «لماذا لا تنظر الرقابة لأفلام السبكى؟ وتتعسف معنا فى الإجراءات، على الرغم من أنها لم تكن موجودة من قبل، وأثناء العرض حضر مفتش من المصنفات، وحصل على بيانات العرض، وقام بتحرير محضر، دون حتى أن يكلف نفسه ويتحدث إلى أى من الموجودين».
«عبدالجليل»: لا أحد يلتزم بالنص المجاز رقابياً.. وأدعو لاجتماع مع المستقلين لمناقشهم
وتابع: «العرض لا توجد به أى ألفاظ مخلة، أو خادشة للحياء، بل هناك شخصية من العرض تدعى (فوداوون)، اعترض عليها المفتش، وطلب تغييرها بحجة أنها دعاية لشركة اتصالات، ولكنى لم أنفذ ما طلبه، ولو كانت هناك أزمة فى اسم الشركة، فعلى شركة الاتصالات مقاضاتى، لا جهاز الرقابة». وأشار وليد طلعت، مخرج عرض «سكة سفر»، إلى أنه يعمل بالمسرح منذ عام 1999، ولم يتقدم للرقابة للحصول على تصريح ولو لمرة واحدة، لافتاً إلى أن سبب تركيز الرقابة مع العروض المسرحية خلال هذه الفترة راجع للنجاح الذى حققته العروض خلال عام 2015، وتسليط الضوء عليها بشكل كبير، ومنها عرض «1980 وانت طالع». وقال «طلعت» لـ«الوطن»: «بعد نهاية إحدى ليالى العرض وجدت أحد موظفى الرقابة فى انتظارى، وطلب منى تقديم تقرير، وكانت آراؤه وتعليقاته صادمة بالنسبة لى، وتقبلت كل ما قاله خوفاً من اتخاذ قرار بوقف العرض، وعدلت كل الملاحظات التى أشار إليها. وأوضحت الناقدة المسرحية رشا عبدالمنعم أنها ليست معترضة على وجود الرقابة، ولكن ما تطالب به هو أن يكون دورها مقتصراً على التصنيف العمرى فقط، دون مصادرة لأعمال أحد، لافتةً إلى أن العبارات والجمل داخل العروض مطاطية ونسبية.
وأضافت «عبدالمنعم»: «لا يوجد معيار واضح، لأن الجهات الرقابية التابعة للدولة تصنيفها يقوم على أساس سياسى، وصدام الرقابة مع المسرح المستقل راجع إلى أنه يتمتع بالجرأة، والقدرة على التعبير الحر، ومناقشة المشاكل الخاصة بالمجتمع، وازدواجية الجهات الرسمية، من عمل جهاز الرقابة، وشرطة المصنفات، والضبطية القضائية للنقابات الفنية، تتعامل مع الإبداع بما يتعارض مع مواد الدستور، وهو ما يعتبر كارثة تتعارض مع فكرة حرية الإبداع».
وأكد الناقد الدكتور حسن عطية أن وجود الرقابة مهم، ولا بد أن تطبق على الجميع، مشيراً إلى ضرورة أن نكون حريصين على أن يكون لدينا جهاز رقابة، نستطيع التعامل معه بشكل مباشر، لافتاً إلى أن إلغاء الرقابة يؤدى إلى ظهور عشرات الرقباء الآخرين، مثل الأزهر، والكنيسة، والبرلمان، ورئاسة الوزراء وغيرها.
وقال «عطية» لـ«الوطن»: «لا أرى مبرراً للدخول فى مشاكل مع الرقابة، وما يسرى على المسرح المستقل يسرى على الآخرين، عدا المراكز الثقافية التى لا تخضع للرقابة، لأنها تعتبر تابعة لدول أجنبية على الأراضى المصرية، والرقابة تحمى الفنان، لأن معه تصريح عرض، وبالتالى لا يجرؤ حتى رئيس الجمهورية أن يمنع العرض، أو يتدخل فيه رئيس الوزراء، أو البرلمان، أو أى جهة أخرى، لأنه فى هذه الحالة يمتلك مستنداً رسمياً يجيز عرض المادة التى يقدمها». نفى الدكتور خالد عبدالجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، أن يكون هناك منع من قبَل الرقابة لعروض الفرق المسرحية المستقلة، لافتاً إلى أن أى عرض يقدم لجمهور عام يخضع للرقابة مباشرة، لأنه فى حالة خروجه عن النص المتفق عليه يُسأل فى ذلك الرقيب، الذى من الممكن أن يتعرض لعقوبة تصل إلى السجن. وقال «عبدالجليل» لـ«الوطن»: «أوافق تماماً على فكرة التصنيف العمرى للعروض المسرحية، ومن هنا أدعو لعقد اجتماع مع لجنة المستقلين، من خلال لجنة المسرح والفنون المستقلة بالمجلس الأعلى للثقافة، لمناقشة الفكرة ووضع خطة ترضى الجميع».