أسرة «مصطفى» تجوب الشوارع بحثاً عن مهنة أخرى: بيت «الحاوى مايخلاش من النار»
مصطفى
النار هى وسيلته لكسب الرزق، يضع «مصطفى محمد» الجاز فى فمه، ويتجول فى الشوارع، ينفخ فى النار، فتخرج قوية، يتحمّلها لأنه اعتاد عليها، لكنها تلسعه أحياناً، يحرص على ألا يظهر ألمه، يبتسم بعدها رغم تعبه، ابنه «زياد» وابنته «فاطمة»، يعتبرانه بطلاً، لا يهاب النار من أجلهما، ومن أجل والدتهما، يحرص الثلاثة على النزول معه، يحبون رؤيته وهو يقدم عروضاً فى الشوارع.
ظروفه القاسية منذ أن كان صغيراً، هى التى جعلته يتجه إلى النار، جاء من الفيوم إلى الجيزة، سار فى معظم شوارعها، وكذلك شوارع وحوارى القاهرة، يتجول فى المناطق الشعبية، وأمام المقاهى وفى الشوارع الرئيسية، وأحياناً أخرى تقوده قدماه إلى المعادى، الزمالك، وجاردن سيتى، كنوع من التغيير ومقابلة بشر مختلفين.
أكثر ما يسعده، هو انبهار بعض المارة أثناء خروج النار من فمه، مؤكداً أن سكان المناطق الراقية يُقدّرون ما يفعله، لكنه يشعر بالألم، عندما يجد أحدهم أصابه الملل، وهو يحدث أكثر فى المناطق الشعبية، حيث اعتادوا على وجوده. يسكن «مصطفى» فى «أبوالنمرس» بالجيزة، يطلقون على منزله «بيت الحاوى»، يحاول تطوير عمله، حتى لا يُصاب متابعوه بملل، لكنه لا يملك أدوات كثيرة لتطوير عمله: «نفسى تيجى لى فرصة شغل تانية غير النار، أنا مش فرحان باللى أنا باعمله، ده أنا باتلسع وأتبهدل، متمرط، ومش هخلى أولادى يطلعوا زى حالاتى، عايز أسيبها وأشتغل أى حاجة، حتى لو حارس عمارة». يسير «مصطفى» قليلاً، يجد مقهى يجلس فيه جمع من الناس، كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ليلاً، يقف أمامهم، يبدو عليه التعب من كثرة السير، لكنه بعد تردُّد، قرر أن يواصل العمل، خرجت النار من فمه، فلم يلتفت له إلا عدد قليل، مقرراً الانصراف والتفكير فى مستقبل آخر.