«الوطن» تقبل رأس «المرأة المعيلة» فى عيد الأم
سيدات أسر مصر
وحدهن يقفن مثل الشجرات الصامدات، جذورهن قوية مغروسة فى الأرض، وفروعهن عالية فى السماء بكبرياء، فى الحياة يلعبن جميع الأدوار، وفى البيت يشغلن دور الأب الغائب، ودور الأم المناضلة، مؤكدات أن الأمومة وظيفة كاملة الدوام، ليس بها إجازة ولا راحة، مسئولية تامة لا تنتهى ولا تنقطع، فهى «شيالة الحمول» التى لا تكل. ظروف صعبة نتج عنها تحديات غير اعتيادية، تعايَشن معها بغريزة الأمومة الأولى، حفرن بأناملهن الطريق، وحملن عبء تربية الأولاد بمفردهن، كافحن من خلال مشروعات صغيرة، مكتفيات بهامش ربح قليل، تمكن من خلاله من الإنفاق على أسرهن، ومن تحقيق مستقبل أفضل لأولادهن. بعضهن اعتمدن على أنفسهن، لإنشاء مشروعاتهن الصغيرة، وبعضهن لجأن إلى نظم مختلفة للاقتراض، وقمن بتسديد تلك الأقساط، وتطرقن لمهن غير اعتيادية، وتحملن ظروفاً اقتصادية صعبة، وقدمن نماذج ناجحة للمرأة القادرة على التحدى والصمود، المرأة القادرة على التحكم فى زمام الأمور، وإن غاب الرجل.
«لطفى»: النسبة الأكبر منهن «أرامل ومطلقات».. و«الإحصاء»: أعدادهن فى تزايد
أجمعت مراكز بحثية وإحصائية متخصصة على أن نسبة كبيرة من عوائل الأسر المصرية من السيدات، تراوحت تلك النسب بين 18.7% وحتى 40%. وقال عبدالمعطى لطفى، أمين عام اتحاد الجمعيات الاقتصادية، إن نسبة الأسر التى تعيلها سيدات فى مصر تجاوزت 40% من إجمالى الأسر التى تعانى مشكلات اقتصادية ناتجة عن أزمات اجتماعية كبيرة. وأشار إلى أن نسبة الأسر التى تعيلها سيدات ترتفع فى الريف عن الحضر، لتوافر فرص العمل غير الرسمية فى الحضر أكثر منها فى الريف.
وأضاف «لطفى» أن ظاهرة النساء العائلات للأسر تعود لعوامل متعددة، أهمها غياب الزوج بسبب الوفاة أو الطلاق أو الهجر أو الإصابة بأمراض أو إعاقات وعجز تحول بينهم وبين العمل، ويؤدى انخفاض دخل الأسرة فى أحوال أخرى إلى البحث عن عمل فى أماكن أخرى، وربما تنقطع أخبارهم عن أسرهم، كما تدفع بعضهم الأزمة الاقتصادية إلى التخلى عن مسئوليتهم تجاه عائلاتهم، لكن تم رصد ظاهرة تتعلق بـ«الأب البلطجى» الذى يتمتع بصحة جيدة ولا يعوقه أى شىء عن العمل، لكنه اختار نمط «البلطجة» كأسلوب حياة، على حد قوله.
وتشير إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن 18.7%، من الأسر المصرية تتولى إعالتها سيدات. وقال تقرير للجهاز، صادر فى 2015، إن إجمالى عدد الأسر بلغ 18 مليون أسرة، منها 5٫4 مليون تعولها امرأة، أى حوالى 25 مليون فرد. ولفت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية إلى أن الغالبية العظمى من رؤساء الأسر لفئة المطلقات والأرامل، إذ ترتفع نسبتهن فى الحضر إلى 86٫3%، مقابل 72٫6% بالريف، ويعكس ذلك انخفاض مستوى معيشة هذه الأسر مقارنة بالأسر التى يرأسها الرجال، مؤكداً أن أعلى نسبة لهن بالإسكندرية 90%، وكذلك القليوبية والبحيرة، وأقل نسبة 53% بجنوب سيناء، أما باقى المحافظات فتتراوح بين 77% و90%. وأفادت الإحصائيات الرسمية أن أعداد النساء المعيلات فى تزايد مستمر بالقاهرة والمحافظات والعشوائيات، خاصة فى صعيد مصر، حيث وصلت أعدادهن فى المنوفية إلى نحو 4 آلاف سيدة، وفى الفيوم 10 آلاف، ودمياط 9355 سيدة، والبحيرة 39 ألفاً، وطبقاً لإحصاء رسمى للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فى 2011، فإن المرأة المعيلة تمثل 16% من السكان، وأعلى نسبة للنساء المعيلات فى المحافظات فى سوهاج 22.3%، والأقصر 20.4%، والدقهلية 19.8%، والقاهرة 19.2% وأقل نسبة فى سيناء 1.7%، والوادى الجديد 4.9% والبحر الأحمر 6.6%، ومطروح 7.3%، بينما رصدت العديد من المنظمات الحقوقية أن نسبة النساء المعيلات فى مصر تتجاوز 35% من نسبة السكان. وأشارت إحصائية حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن نسبة المرأة المعيلة وصلت فى حدها الأقصى إلى 34%. وفى دراسة أخرى أجراها المركز على عينة شملت 6 آلاف و655 مسكناً عشوائياً، اتضح أن النساء اللاتى يعلن أسرهن وصلت نسبتهن إلى 88%، وجاء فى الدراسة أن وفاة أو مرض وإعاقة الزوج من أهم أسباب رعاية المرأة لأسرتها بنسبة 52%، وشكّل الأزواج المسجونون سبباً آخر لإعالة المرأة بنسبة 23%، فضلاً عن أسباب أخرى تتعلق بالهجر أو رفض الإنفاق على الأسرة. وتتمثل أهم مشكلات المرأة المعيلة فى المشكلة الاقتصادية، فرغم تبنى وزارة التضامن الاجتماعى عدداً من القضايا الرئيسية للنهوض بالمرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً فإن خطة الوزارة لم تتطرق إلى كيفية النهوض بالمرأة المعيلة اقتصادياً.
الإسكندرية الأعلى بـ90%.. و53% فى جنوب سيناء.. وباقى المحافظات بين 77% و90%
وحول أنماط المساعدات التى تقدمها الجمعيات الأهلية للأسر التى تعولها سيدات، قال رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية إن الجمعيات الداعمة للأسر التى تعولها سيدات تتركز فى تقديم قروض ميسرة جداً، خاصة بعد ارتفاع حالات السجن للمتعاملين مع الصندوق الاجتماعى للتنمية، الذى يشترط تقديم دراسات جدوى لأى مشروع وبضمانات خاصة جداً، إلا أن الجمعيات وضعت نظاماً قائماً على التيسير على هذه الأسر، يقدم قروضاً تنموية من جنيه إلى 3 آلاف جنيه بفائدة 1% فقط، وتمثل تلك الفائدة مرتبات الشباب المحصلين لأقساط القرض، وتشترط وجود ضامن من أهل المنطقة التى تعيش فيها السيدة المعيلة ويجدد القرض تلقائياً مع تسديد آخر قسط. وأكد أن نسب سداد هؤلاء السيدات للقروض 100% دون حالة تعثر واحدة.