وثائق «ويكيليكس» تواصل فضح «الإخوان»: «الجماعة» خططت لإقامة «حكم إسلامى» فى مصر
بديع
واصل موقع «ويكيليكس» تسريب وثائق البريد الإلكترونى الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، والتى أرسلتها خلال توليها منصبها. وفى رسالة بتاريخ 15 ديسمبر عام 2011 أرسل سيدنى بلومنثال، الصحفى الأمريكى وأحد مساعدى الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، قال فيها إن مصادر مطلعة على أعلى المستويات فى جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى الحاكم فى مصر وبعض أجهزة الاستخبارات الغربية أكدت أن مصادر مقربة من جماعة الإخوان نقلت له ما دار فى اجتماع مغلق بين المرشد العام للجماعة محمد بديع وعدد محدود من أقرب مستشاريه. وأكد هذا المصدر أن «بديع» ومستشاريه ناقشوا خلال هذا الاجتماع تطوير خطط لإدارة الجهاز الأمنى فى مصر بعد إعلان الدستور الجديد وانتخاب حكومة مدنية فى 2012. ووفقاً لمصدر «بلومنثال» فى الرسالة فإن «بديع مقتنع تمام الاقتناع بأن مصر الجديدة يجب أن تكون إسلامية تعتمد بشكل متساهل على النموذج التركى، ويكون لها حكومة وجيش ومؤسسات أمنية تعمل جميعاً فى إطار علاقة تستند على مبادئ إسلامية».
«بديع» سعى لتطبيق النموذج التركى.. وأيد فكرة منع التنظيمات الإرهابية من تهديد مصالح الغرب فى الشرق الأوسط
وأكد المصدر، الذى لم يحدد «بلومنثال» هويته فى الرسالة، أن «مستشارى بديع ومحمد مرسى واثقون من قدرتهم على تأسيس بيئة عمل يمكن من خلالها زيادة التعاون مع الشركات الغربية، كما أكدوا خلال الاجتماع أنه على الشركات الغربية أن تدرك أن مصر لن تعود إلى الأيام التى كانت عليها خلال فترة حكم مبارك، وهى الفترة التى يعتقد قادة الإخوان أن الشركات الغربية كانت تملى فيها سياساتها على مصر». وأضاف «بلومنثال» فى رسالته: «فى رأى هؤلاء الأشخاص الذين حضروا هذا الاجتماع يمكن لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان، وحزب النور السلفى، التوصل إلى تفاهم يسمح لهما بتأسيس نظام إسلامى حاكم. وبديع يدرك جيداً أن عليه أن يبدأ تلك الخطة بوتيرة معقولة إلى حد ما حتى لا يثير تساؤلات وانتباه الرتب العليا فى المجلس العسكرى أو الحكومات الغربية، ولكن قادة الإخوان الآن واثقون من أن المشير محمد حسين طنطاوى وبعض أبرز قادة المجلس العسكرى سيشعرون بالخطر من تأسيس نظام إسلامى فى مصر، وفى الوقت نفسه، فإن بديع ومستشاريه يؤيدون فكرة أنه على الأجهزة الأمنية فى مصر أن تعمل على تجنب استخدام الجماعات الإرهابية لمصر كقاعدة لعمليات ضد الغرب أو المصالح الغربية فى الشرق الأوسط». وأشار الصحفى الأمريكى، فى رسالته، إلى أن المصدر الذى نقل عنه تلك المعلومات أضاف تعليقاً بناءً على علاقته الوثيقة بـ«الإخوان»، وقال فى هذا التعليق إن «مرسى تحدث بثقة، وقال إنه على الرغم من النوايا الطيبة لمرشد الإخوان، فإنه سيكون من الصعب على الحكومة الإسلامية الجديدة أن تسيطر على تصاعد نفوذ تنظيم القاعدة الإرهابى أو أى تنظيمات إرهابية أخرى».
وفى رسالة أخرى بتاريخ 14 أغسطس 2012، أرسل «سيدنى» إلى هيلارى كلينتون رسالة عاجلة تحت عنوان «سرى جداً»، قال فيها إن أحد مصادره فى مصر قال إنه فى يوم 6 أغسطس 2012، اجتمع مرشد الإخوان محمد بديع مع سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، ليناقشا الأشهر القليلة التالية لانتخاب «مرسى» رئيساً للبلاد. وبحسب المصدر، فإن «بديع أخبر الكتاتنى وبعض مستشاريه أنه كان مخطئاً فى تقدير قوة مرسى وخصوصاً طموحه الشخصى». وأضاف المصدر: «خلال مناقشته مع الكتاتنى، قال بديع إنه اتضح أيضاً أن الخطأ لم يكن من جانبه وحده، وإنما كان من المشير طنطاوى أيضاً، حيث ارتكب نفس الخطأ فى تقدير قوة مرسى، حيث رأى الاثنان أن مرسى كان سياسياً ضعيفاً سريع الغضب فى كثير من الأحيان، ولا يهمه سوى العمل الداخلى للإخوان، ولكن اتضح بعد ذلك أن طموحه كان أكبر من ذلك وتلاعب بنا من خلال التوجه إلى حل الخلاف مع السلفيين حتى يُظهر نفسه على أنه الرجل الأقوى فى مصر». ووفقاً للمصدر ذاته، فإنه بعد انتخاب «مرسى» رئيساً، التقى الرئيس الإخوانى «بديع» و«الكتاتنى» عدة مرات، وتحولت تلك اللقاءات إلى مناقشات ساخنة بعد أن أدركا أنه أقام اتصالات سرية مع عدد من أعضاء المجلس العسكرى وقطع الاتصالات التى كان يجريها «بديع» مع المجلس العسكرى على مدار العامين الماضيين. وقد أبدى «بديع» و«الكتاتنى» غضبهما الحاد بعد أن علما أن «مرسى» يتبنى بعض وجهات النظر التى ينتهجها المجلس العسكرى فيما يتعلق بالدستور الجديد، وتحديداً فيما يتعلق بمسألة مهام رئيس الوزراء ورئيس الدولة، حيث كان الإخوان يسعون إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من الصلاحيات لرئيس الحكومة حتى يتحكمون فيها من خلال أغلبيتهم فى البرلمان. وأضاف المصدر: «بعد هذه اللقاءات العاصفة، تعهّد مرسى باستشارة بديع فى كل الأمور التى تتعلق بسياسات اتخاذ القرار، ولكن بديع كان يعلم جيداً أن الرئيس الإخوانى لن يلتزم تماماً بهذا التعهد».
وفى بريد إلكترونى آخر بتاريخ 16 سبتمبر 2012، أرسل جايكوب سوليفان، كبير مستشارى «كلينتون»، إلى الوزيرة الأمريكية رسالة بعنوان: «الإخوان تخطط لعمل إعلامى مشترك مع شركاء من قطر»، أكد «سوليفان» فيها أن أعضاء جماعة «الإخوان» خططوا لإنشاء مؤسسة إعلامية كبرى ومركز أبحاث مع عدد من الشركاء القطريين. وقالت مصادر لـ«سوليفان» إن «مكتب الإرشاد قرر فى اجتماعه الأخير تكليف نائب المرشد العام خيرت الشاطر بالسفر إلى «الدوحة» فى الأيام المقبلة لتوقيع عقد المشروع مع المستثمرين القطريين هناك. وأضاف «سوليفان»: «المشروع «الإخوانى- القطرى» يشمل إنشاء قناة إخبارية فضائية عالمية وصحيفة يومية مستقلة.
وفى رسالة أخرى بتاريخ يناير 2012، أرسل «سيدنى» إلى «كلينتون» يخبرها عن أن المرشد العام لجماعة «الإخوان» وعدداً من مستشاريه، ومنهم الرئيس المعزول محمد مرسى، بدأوا سلسلة من الاجتماعات السرية أكدوا خلالها ضرورة مراعاة الحساسية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحديداً ضرورة طمأنة الرئيس الانتقالى فى هذه الفترة المشير محمد حسين طنطاوى وغيره من قادة المجلس العسكرى بأن موقف الجماعة من المجتمع المصرى سيبقى كما هو بعد إدخال حكم مدنى ذى مرجعية إسلامية.
وأضاف «بلومنثال»، نقلاً عن المصدر: «يبدو أن بديع قد حقق قدراً من التقدم فى طمأنة المجلس العسكرى، ولكن ما زالت هناك مخاوف بشأن الانتقال من الحكم العسكرى إلى الحكم المدنى». وتابع: «مرسى يعتقد أنه يجب على حزب الحرية والعدالة تعلم تجنب استفزاز الجيش على المستوى الشعبى»، ورأى «مرسى» أنه يجب إرضاء المجلس العسكرى، مضيفاً: «فى مرحلة ما فى المستقبل يرى حزب الحرية والعدالة أن المجلس العسكرى سيُشكل تهديداً لأولوياته، ويجب على الحزب أن يحتفظ بالقدرة على تنشيط احتجاجات واسعة النطاق باستخدام البنية التحتية للإخوان».
وفى رسالة أخرى، قال «بلومنثال» إن «بديع» أخبر مستشاريه أنه ينوى مراقبة قرارات «مرسى» عن كثب، حيث إنه لا يثق فى مدى التزام الرئيس المعزول بتعهداته بعدم اتخاذ قرارات منفردة. وبحسب مصدر «بلومنثال»، قال «بديع» خلال أحد الاجتماعات: «مرسى أصبح قادراً على التعامل مع الدبلوماسيين الغربيين بشكل أكبر، ولكن على أى حال فإنه سيواجه مشكلة فى الحفاظ على البنية السياسية، ولهذا فإنه على مكتب الإرشاد أن يراقب بشدة، وعن كثب، كل الإشارات التى يمكن أن تتعلق بهذا الأمر».
وفى رسالة من جايكوب سوليفان إلى «هيلارى» بتاريخ 28 يناير 2011، قال كبير مساعدى الوزيرة السابقة إن «الإدارة الأمريكية سيكون عليها أن تلتقى عدداً كبيراً من قادة ورموز المعارضة فى مصر، ولكن المشكلة هى أن هؤلاء المعارضين منغلقون على أنفسهم ولا يرغبون فى التواصل حالياً، ولهذا فنحن يمكننا أن نطلق سلسلة من المبادرة تحت إطار المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحقوقية الأخرى للتواصل مع المعارضة إذا أصبحت الأمور أكثر سهولة، وكما حدث فى تونس، فإنه قد تكون هناك فجوة فيما بين مطالب الشعب ومطالب المتظاهرين أنفسهم، ولا تزال هناك أيضاً خطوط حمراء فى التعامل مع تلك المظاهرات».