"حين طلب داعشي الإذن بالتدخين".. "بي بي سي" تروي قصة إرهابي أسير لدى الأكراد
القيادي الداعشي
نشرت هيئة "bbc" البريطانية، عبر موقعها الإلكتروني الناطق بالعربية، تقريرًا حول لقاء مراسل القناة، مع أحد قادة تنظيم داعش الإرهابي والذي يدعى أحمد الدرويش، والمعتقل في مقر قوات "الأسايش" الكردية في بلدة الرميلان شمالي شرقي سوريا، حيث بدا منهكاً من الإصابات التي تعرض لها في بلدة الشدادي قبل اعتقاله من قِبل وحدات حماية الشعب الكردي.
وبحسب "bbc" فإن الشاب الداعشي انضم إلى الجيش السوري الحر في حمص مطلع عام 2012، وبعد حصاره مع مئات من المقاتلين في حي الخالدية لنحو عامين، غادر المدينة مع رفاقه في اتجاه بلدة الرستن بترتيب من قبل الأمم المتحدة مع النظام السوري، قبل أن يعود ويغادرها إلى تركيا.
وعن التحاقه بتنظيم داعش يقول أحمد في لقائه بهيئة الإذاعة البريطانية إن أحد أقربائه المنضويين في التنظيم تواصل معه فور وصوله إلى تركيا وأقنعه بالالتحاق بهم، فحسم الشاب الثلاثيني خياره وعبر الحدود مجدداً في اتجاه سوريا وسلم نفسه لحاجز لتنظيم داعش عند مدينة "الباب" في ريف حلب الشمالي، وأخبرهم برغبته في الانضمام للتنظيم.
خضع أحمد سريعاً لما يعرف بدورة "الاستتابة" وبعض التدريبات القتالية، ليبدأ فصلاً جديداً من حياته كمقاتل ضمن "جيش الخلافة"، وأسهمت خبرته الميدانية في انتقائه ليكون ضمن القوات الخاصة الاقتحامية للتنظيم، والتي تضم مجموعة من نخبة المقاتلين، وتعرف أيضاً بكتيبة "الصوارم".
لم يبد عليه التأثر حين سأله مراسل "bbc" صراحة عما إذا كان فكر للحظة بأن هؤلاء الجنود ربما كانوا يؤدون خدمتهم العسكرية مجبرين، وأن لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب، وأنهم ربما كانوا ينحدرون من الطائفة السنية وليس العلوية، وبهدوء رد بأن قناعاتهم تحتم عليهم التعامل مع كل من يخدم ضمن جيش النظام ككفار ينبغي قتلهم بلا رحمة.
بعد بضعة أشهر، أصيب أحمد إصابة بالغة في منطقة السخنة بمعارك تدمر، نُقل على إثرها إلى تلعفر في العراق لتلقي العلاج، وبعد تعافيه، طلب من أمير منطقة الجزيرة العسكري، والذي يعرف باسم أبو مريم التركماني أو الصحراوي نقله إلى العراق، فتمت الموافقة وانتقل إلى سنجار حيث ترقى سريعاً لمنصب نائب الأمير العسكري لسنجار، وتزوج هناك من امرأة روسية التحقت بتنظيم داعش.
ينفي أحمد لـ"bbc" أن يكون قد شهد أيا من الانتهاكات التي وقعت على يد مقاتلي التنظيم بحق سكان سنجار من الأقلية الإيزيدية، ويقول إنه وصل المنطقة بعد السيطرة عليها بأشهر، لكنه يلفت إلى أن نفوذ القادة العراقيين في التنظيم هناك أتاح لهم الكثير من المزايا، بخاصة في ما يتعلق بحصولهم على غالبية من أطلقوا عليهم تسمية "السبايا الإيزيديات".
يوضح الزعيم الداعشي أنه بداية تم توزيع الإيزيديات دون مقابل على قادة ومقاتلي التنظيم خلال الأيام الأولى للسيطرة على سنجار، قبل أن يتم لاحقاً بيعهن وشراؤهن ضمن مناطق التنظيم، وفي إشارة لافتة يقول أحمد إنه نادرا ما كان يتم بيعهن حتى لو تم عرض مبالغ مغرية قد تصل لثلاثة آلاف دولار، لأن أعضاء التنظيم كانوا يفضلونهن حتى على نسائهم.
بعد نحو أربعة أشهر، تم نقل أحمد إلى الجهة المقابلة لسنجار على الحدود السورية التي لا يعترف بها التنظيم، وهي منطقة الهول، تحت قيادة أميرها العسكري أبو مريم التركي، إلا أن التنظيم فوجئ سريعاً بعد ذلك بهجوم قوات البيشمركة على سنجار، ووحدات حماية الشعب الكردي على الهول، وخسر التنظيم المنطقتين، وأصيب أحمد مجدداً بطلقات رشاش من طائرة حربية، ليعود بعدها إلى تلعفر مجدداً للعلاج.
اتُهم أحمد من قبل ما يعرف بأمنيي التنظيم بأن كل مكان يذهب إليه يتم استهدافه بطائرات التحالف، وتم التحقيق معه لتسعة أيام، ويقول إنه بُرئ وعاد لصفوف التنظيم "مرفوع الرأس" كما قال، لـ"bbc"، وبعد سقوط سنجار والهول، طلب أحمد العودة لحمص، إلا أن زوجته الروسية فضلت الذهاب للشدادي، والتي تتخذ منها "كتيبة الكزخ" التي تتحدث الروسية قاعدة لها، ووافق على اقتراح زوجته وانتقلا معاً إلى هناك.
ويروي أحمد لحظة القبض عليه، حيث فوجئ بالالتفاف الذي قامت به القوات الكردية على البلدة، وذلك في أعقاب أسبوع من القصف المركز لطائرات التحالف الدولي، وبأن دفاعات التنظيم باتت بلا جدوى وهو ما دفع لاتخاذ القرار بالانسحاب جنوباً في اتجاه دير الزور، وخلال عملية الإخلاء تعرضت السيارة التي كانت تقل أحمد لقصف أسفر عن إصابته، أمضى بعدها بضع ساعات ينزف، قبل أن تصل إليه القوات الكردية وتصيبه في ذراعه وتعتقله.
بدا الشاب متصالحاً مع قناعاته بطريقة لافتة، وتوقع أن تشهد ما يطلق عليها اسم "الدولة" مزيداً من الفتوحات والانتصارات رغم الهزائم التي تكبدتها على جانبي الحدود في سوريا والعراق، الأمر اللافت الوحيد في سلوكه الذي يشي بعدم انضباط علني بتعاليم التنظيم، كان طلبه التدخين، وافق الحارس الكردي على إعطائه سيجارة. سأله مراسل "bbc": "أنتم تجلدون الناس في مناطق سيطرتكم بسبب هذا الأمر؟"، فأجاب "نعم، هذا ما نفعله، لكني كنت أدخن سراً".