«الدرس الغربى» فى تعامل الإعلام مع الإرهاب
الهجوم الإرهابى فى بروكسل يتصدر الصحف العالمية
بعكس ما يحدث فى مصر والشرق الأوسط فى التعامل مع الحوادث الإرهابية، ضربت الصحف ووسائل الإعلام الغربية «نماذج» مهنية فى التعامل يحتذى بها، حيث لم تهاجم تلك الوسائل - فى معظم الأحيان - الدول الصادرة بها، ولم تتهمها بالتقصير الأمنى، وإنما كان تركيزها الأكبر على «تجاوز الأزمة» وحماية «الدولة» من المخاطر المحدقة للإرهاب.
وأجمعت صحف العالم، أمس، على إدانة التفجيرات الإرهابية العنيفة التى ضربت العاصمة البلجيكية «بروكسل»، فى وقت دعت فيه بعض الصحف الأمريكية والأوروبية إلى عدم اتخاذ المسلمين كبش فداء للهجمات. وقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، إنه «كان واضحاً منذ مذبحة باريس فى نوفمبر الماضى أن الإرهابيين أصبحوا جزءاً لا يتجزّأ من أوروبا، كما أصبح من الصعب كشف أعمالهم، وفى حين تأتى الإدانات سهلة، ينبغى وضع استراتيجية بعيدة المدى لمنع مثل تلك الاعتداءات، كما يبدو أن الاستخبارات البلجيكية تتقدّم فى عملية إنفاذ القانون».
«جارديان»: لن نمثل «دعاية للإرهابيين» والمواجهة معهم أطول من الحربين العالميتين
وأشارت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، فى افتتاحيتها، إلى أنه «يمكن معرفة طبيعة منفذى الهجمات من انتقائهم لأهدافهم، حيث تتشابه الأهداف فى بروكسل وباريس فى كون القتل عشوائياً، لكن اختيار الأهداف لم يكن كذلك، ففى (باريس) استهدف المهاجمون أسلوب الحياة الغربى، لكن فى (بروكسل)، كان المستهدف هو الطابع الدولى لوجود مقر الاتحاد الأوروبى بها».
وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية، إن «الأمر يتطلب سياسة خارجية أكثر حكمة من التى أظهرتها معظم الدول الغربية فى التعامل مع العالم الإسلامى خلال العقد الماضى، كما يتطلب الصبر وضبط النفس فى نشر الحوادث الإرهابية والتفاعل معها، وهو ما يُمثل دعاية للإرهابيين»، فيما قالت صحيفة «تليجراف» البريطانية، إن «الشىء المؤكد هو أن الحرب مع الإرهاب ستكون طويلة، وقد تستمر فترة أطول من الحربين العالميتين معاً، وهجمات بروكسل تُذكّرنا بأنه لا توجد نهاية واضحة لتلك الهجمات».
«عبدالمجيد»: لا يعتمدون على «فتاوى» الخبراء الأمنيين.. و«علم الدين»: الإعلام الدولى أكثر عدالة
وتحت عنوان «الصمود»، أفردت صحيفة «لو سوار» البلجيكية مساحات واسعة لتغطية الحادث، مؤكدة أن «داعش» هو المسئول عن تلك الهجمات. وتضامنت صحيفة «جازيت فان أنتوربين» البلجيكية معها، تحت عنوان «نيويورك 11 سبتمبر.. مدريد 11 مارس.. لندن 7 يوليو.. باريس 13 نوفمبر.. وبروكسل 22 مارس»، مع خلفية لجزء من المطار الذى تدمّر إثر الانفجار الانتحارى.
من جانبها، قالت عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة السابقة الدكتورة ليلى عبدالمجيد: إن «هناك فارقاً بين الإعلام الغربى والإعلام المصرى فى التعامل مع الأحداث الإرهابية فى عاملين، هما الشعور بالمسئولية والمصلحة الوطنية، والالتزام بمعايير المهنية الإعلامية». وأضافت «عبدالمجيد»، فى اتصال لـ«الوطن»: «بالتأكيد ليس كل وسائل الإعلام لا تلتزم بالمعايير، لكن فى ما يتعلق بوسائل الإعلام غير الملتزمة مقارنة بالإعلام الغربى، فإن الأخير بعد الأحداث، كان الكل فيه صفاً واحداً وفى خندق واحد تجاه الدولة، وضد ذلك العمل الإرهابى». وتابعت: «الفارق الثانى: أن وسائل الإعلام الغربية فى هذا الظرف التزمت أقصى درجات المهنية فى نقل المعلومات، فلم تنشر معلومات جزافاً وإنما اعتمدت لطبيعة الظرف الحالى على المعلومات الصادرة فقط عن الجهات الرسمية، حتى لا تتسبّب فى نشر معلومات ربما تفيد الإرهابيين».
وقالت «عبدالمجيد»: «لا أعرف ما الذى حدث فى كثير من وسائل الإعلام المصرية هذه الفترة، فلم أجد فى الإعلام الغربى بعد تلك الهجمات من يفتون تحت مسمى «خبراء أمنيين» أو غيره، ولم نجد انتقاداً للشرطة وإجراءات الأمن فى مثل هذا الظرف، وإن كان هناك تقصير، لكنهم يختارون الوقت لمناقشة ذلك». وأضافت: «أن مسارعة بعض وسائل الإعلام المصرية إلى توجيه الاتهمات هنا وهناك مباشرة بعد كل حادث إرهابى، دون الانتظار إلى المعلومات الرسمية، مرتبط بالعاملين السابقين، فالإعلام الغربى لديه مهنية وشعور بالمسئولية».
من جهته، قال أستاذ الصحافة بكلية الإعلام الدكتور محمود علم الدين، لـ«الوطن»، إنه «لا مقارنة بين التناول الإعلامى الغربى والتعامل الإعلامى المصرى، لأن الأخير بالنسبة له الأمور واضحة، فمعروف لدينا من يُنفّذ العمليات الإرهابية ومن يتوعّد ويُهدّد، بينما فى أوروبا الصورة تختلف، هناك أمور تحتاج إلى التأمل». وأضاف «علم الدين»: «علينا أن نقارن بين الإعلام المصرى والغربى ونكيل الاتهامات إلى إعلامنا، وعلينا أن نستغل الأحداث فى جعل الإعلام الدولى أكثر عدالة فى نقله لأحداثنا، وتأكيد أن الإرهاب يُهدد الجميع وها هو تجاوز الحدود ويضرب أوروبا».