لما تلاقى جنب الخرابة بستان.. يبقى انت أكيد فى بولاق الدكرور
وسط العشوائية المنتشرة فى جميع أرجاء منطقة «ناهيا»، يوجد مدخل صغير لـ«مشتل زراعى» ملىء بالشتلات ذات الأشكال والألوان المختلفة، اعتبره قاطنو المنطقة «الحاجة الوحيدة النظيفة فى بولاق الدكرور».
عم «رجب الجناينى» أشهر ساكنى بولاق، وصاحب المشتل، جاء إلى بولاق منذ أكثر من مائة عام، عندما كانت بولاق عبارة عن مجموعة من الأراضى الزراعية، فاختار أن يشترى قطعة أرض إلى جوار الترعة القديمة، ليبنى عليها بيتاً ويزرع ما حوله.
مرت الأيام وتغير الحال ببولاق، من مجموعة من الأراضى الزراعية إلى حى عشوائى ملىء بالقمامة والعمارات الفارهة، وظل الملمح الوحيد الموجود فى الحى هو مشتل عم رجب.
محمد ابن عم رجب، حافظ على وصية والده، وأصر أن يظل على حاله، واتفق مع إخوته على الإقامه فيه، قائلاً: «المشتل بقه حياتى أنا واخواتى كفاية القعدة الحلوة وسط الزرع».
أما «حسين إبراهيم» ابن منطقة منشية ناصر، فلم يبالِ بأكوام القمامة والرائحة الكريهة التى تملأ المنطقة، وأصر على إقامة كشك لبيع الزهور والأشجار، فكان هو الحسنة الوحيدة فى المنطقة، حيث إن شتلاته المرصوصة بانتظام، والإصيص الخاص بالأشجار والورود، غيروا جزءاً بسيطاً من ملامح المكان المعبأ بالضوضاء والباعة الجائلين.
كشك الزهور، لا يمثل مصدر رزق حسين فقط، بل هو مأوى له أيضاً، حيث يقيم بنفس المحل، فتجد بالمكان بطانية متهالكة وكنبة للنوم، وبعض الأغراض البسيطة الخاصة به.
حسين حكى لـ«الوطن» قصة إنشاء الكشك، فالأرض التى أقيم عليها، كانت مليئة بأكوام القمامة، فاتفق مع سيارة جمع القمامة على أن تنظف المكان، وقام بصنع الكشك من الزجاج والخشب، كما اشترى أكثر من إصيص للزرع، وأعطاه الجيران صفائح فارغة لزرع الورود.
بالرغم من أن مكسب حسين من الزهور يمكن مضاعفته، بتخصيص جزء من الكشك للبقالة، خاصة أنه مقام فى منطقة شعبية فقيرة، لا أحد يهتم فيها بشراء الزهور، فإنه رفض تغيير نشاطه، قائلاً: «الزهور بالنسبة لى تعنى الحياة، والرزق بتاع ربنا».