«علاء» صنع من الكليم شنطة: «الزهر لعب»
«علاء» ترك الدراسة للعمل فى مجال الجلود
بين حوارى شارع المعز الضيقة، يجلس على عتبات سلالم محله البسيط يتسامر مع أصحاب محلات «الصدف والأباريق» الذين يجاورونه لتضييع الوقت، تفوح رائحة «الجلود» من الحقائب التى يصنعها فى ورشة والده التى تبعد عنه خطوات، سنه الصغيرة لا توحى أن «علاء محمد» صاحب الـ25 عاماً، قرر أن يدخل مصيدة «السياحة» بأقدامه دون أن يرغمه أحد، واختار أن يبدأ فى مجال الجلود الطبيعية ويترك الدراسة ليرمى نفسه إلى الحياة التى يعتبرها أكبر مدرسة.
حاول أن يعافر لكسب «زبون» بات يفضل الصناعات المستوردة على المصرى للتوفير، لم ييأس وهو يجد كثيرين يهملون المهنة والحرفة بحثاً عن مشروع تجارى مربح، إلا أنه قرر أن تكون بدايته هى النهاية التى يصنعها لنفسه سواء بالفشل أو الربح. «هتخسر يا بنى.. بلاش.. الشغل مبقاش يأكل عيش وأنت لسه صغير على البهدلة» عبارات لم ينفك «علاء» عن سماعها على لسان القريب قبل الغريب عندما قرر أن يمتلك محلاً وهو فى التاسعة عشرة من عمره حتى يكمل ورشة والده ويبيع ما تنتجه أيادى الصنايعية، ليساهم فى فتح بيوت كثيرين وليس بناء مستقبله فقط، وبرغم ذلك صمم الشاب الصعيدى مواليد محافظة أسيوط على دكان «الحقائب الجلدية» التى ظلت فترة مرصوصة على الأرفف الزجاجية تنتظر زبونها دون جدوى: «مش هكدب وأقول إن كان عندى أمل لكن ربنا إدانى عقل أفكر بيه وأشوف إيه اللى أقدر أعمله وأنقذ نفسى من الخسارة»، فحظه العثر لم يجعله ينعم بلحظات المكاسب فكل ما لحق به هو الخسارة: «أنا فتحت المحل وكان شغال كويس، وهوب جت ثورة 25 يناير ومن ساعتها والدنيا نامت».
زبونة نشرت كارت المحل على «فيس بوك» فعوضتنى عن ركود السياحة
يجد «علاء» الذى يحرص على أن يظل المذياع مثبتاً على إذاعة القرآن الكريم طيلة اليوم فى محله، أن سنه الصغيرة كانت عاملاً رئيسياً فى شعوره بأحوال الشباب فى مثل عمره خاصة الفتيات: «بتبقى نفسها تخرج وتتفسح وتنوع، وبدل ما تشترى شنطة بـ400 جنيه تشترى بأقل من المبلغ ده 3 شنط ومش مهم يخربوا بعدين»، لذلك عندما وجد الشاب أنه لا أمل فى عودة «السائح الأجنبى» الذى ابتعد عن مصر لأسباب سياسية، لا يفضل الحديث عنها لأنه يجدها «وجع دماغ»، قرر أن يسمع لأكثر من فتاة كانت تأتى إلى المحل بدافع الفضول عن أحدث صيحات «الموضة» وما يجذبهن إلى الحقيبة اليدوية: «كل بنت تحب الاختلاف، وأنا عملت اللى أقدر عليه، دلوقتى الشنطة الجلد القديمة كان الزبون يدور فيها على الجودة لكن زبون دلوقتى بيدور كمان على الإبهار، اللى استخدمناه بالألوان».
أصبح الشاب العشرينى يستخدم قماشة «الشانيلة» المستوحاة من «الكليم» البدوى وتطعيم الشنط الجلدية بها، الفكرة التى تسببت فى تبدل أحواله 180 درجة عندما دخلت إليه فتاة فى العشرينات تبحث عن ذوق مختلف فانبهرت بالتصميم الحديث: «ساعتها أصرت تاخد كارت المحل، ونشرته على فيس بوك، ومن يومها المحل مش بيبطل زباين ده غير إن فيه بائعات عاوزة تشترى منى جملة كمان».
لم يصدق «علاء» أن «الزهر لعب معاه» وأصبحت مهنته تلقى رواجاً أكثر من قبل على يد زبائن مصرية: «الناس دى كانت بتكره الصناعة المصرية وفقدت الأمل إن جودتها تتحسن لكن دلوقتى محدش يصدق إن شنطة ممكن سعرها يبقى 140 أو 180 جنيه وتعيش 8 سنين، حتى لو زبونة جات ومش معاها مش بتخرج زعلانة لأنها وثقت فيَّا وفى شغلى، وبإذن الله هنبقى أحسن بس نصبر ويبقى عندنا ضمير».